الإستشارة - المستشار : أ. ريما محمد زنادة
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
42 - رقم الاستشارة : 1248
10/03/2025
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
إذا سمحت أردت السؤال عن حكم الشرع في مسألة طريقة صرف مال الزكاة، جراء تعذر توفر السيولة النقدية.
أنا تاجر من فلسطين وبالتحديد من مدينة غزة، بلغ في مالي الزكاة، لكن لا أملك سيولة نقدية أستطيع توزيعها على الفقراء، بسبب أن غزة محاصرة والبنوك متوقفة، وفي حال أردت الحصول على السيولة النقدية من بعض الأفراد فإنهم يأخذون نسبة عالية، فهل يجوز أن أرسل مال الزكاة من خلال نظام "تطبيق بنكي"، وجزاكم الله خيرا؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فجزاك الله -تعالى- خيرًا لحرصك واهتمامك على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، وبارك الله فيك على ثقتك في موقع "استشارات".
أسال الله -تعالى- أن يعجل من الفرج لأهلنا في غزة، وينصرهم نصرًا عزيزًا، ويقضي حاجاتهم، إنه مجيب الدعاء.
أخي الفاضل، عبادة أداء الزكاة من العبادات العظيمة التي حث عليه الإسلام، فهي ركن من أركانه التي يقوم الدين عليها، ويتصف فاعلها بالمؤمن كما في قوله -تعالى- في كتابه العزيز: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71]، وسيتحصل بها الحصول على رحمة الله الرحمن الرحيم.
وذكر القرآن العديد من الآيات التي حثت على إيتاء الزكاة فهي دليل على أهميتها وحاجة المسلمين لها، وفيها بشرى من الله –عز وجل- لمن أدى هذه العبادة حينما قال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة : 277]، فلهم ثواب عظيم خاص بهم عند ربهم ورازقهم، ولا يلحقهم خوف في آخرتهم، ولا حزن على ما فاتهم من حظوظ دنياهم.
أخي الفاضل، إن من مقاصد الزكاة التخفيف عن الفقراء، وإعانتهم على سد حوائجهم.
الآن في غزة الحاجة ملحة جدًّا، لتوزيع مال الزكاة خاصة في شهر رمضان المبارك حيث تتضاعف الأجور خاصة مع عظم الحاجة، قد جاء رمضان في ظروف صعبة يعيشها أهل القطاع بعد حرب استمرت أكثر من سنة وخمسة شهور، ومنع دخول المساعدات الإنسانية، وارتفاع نسبة الفقر والضرر الكبير الذي أصاب أهلها في أموالهم وبيوتهم، ومؤسساتهم.
كل ذلك يجعل الضرورة في إيتاء أموال الزكاة؛ لذلك ينبغي عدم تأخيرها لعظم الحاجة، والعمل على توزيع أموالها على مصارفها كما جاء في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60]، والآية تحدثت عن الزكوات الواجبة وإعطائها لمستحقيها، والتي من بينها الفقراء والمساكين، الذين كثر عددهم في غزة بسبب الحرب.
ومن آثار الحرب، وتواصل حصار غزة وإغلاق المعابر عدم توفر السيولة النقدية، وصعوبة الحصول عليها، أي عدم قدرة المزكي توفير الأموال: الورقية والمعدنية، وتسليمها لمستحقيها يدًا بيد.
وفي حال سحب الأموال من خلال بعض الأشخاص الذين يعملون على توفير السيولة يكون هنالك ارتفاع في نسبة المقابل المادي للحصول عليها.
وبالتالي مما تبين سابقا فإنه -والله تعالى أعلى وأعلم- يجوز تحويل مال الزكاة لمستحقيها من خلال التطبيق البنكي، أي تحويلها إلكترونيًّا من خلال برامج ترتبط بالبنك، أو المحفظة الإلكترونية، أو ما يقوم مقامهما.
ويكون لمستحقها التصرف بها، خاصة أنه يوجد عدد من الباعة يتعاملون بالتطبيق البنكي فهو بذلك يستطيع شراء بعض احتياجاته من خلاله.
وفي حال أن مستحق الزكاة لا يملك حساب "التطبيق البنكي"، فإنه من الممكن أن يرشح أحدًا من الأقارب أو الأصدقاء الذين يثق بأمانتهم، ولديهم هذا النظام أن يحول لهم المال، ويحصلهم منهم من خلال الشراء أو أي طريقة مشروعة.
وكذلك بالإمكان لصاحب المال، أي المزكي، شراء الحاجات الأساسية التي يحتاجها أهل غزة من طعام وملابس وغيرهما التي يتأكد بهم الحاجة عبر "التطبيق البنكي"، والعمل على توزيعها على الفقراء.
أو شراء قسائم شرائية وتوزيعها على مستحقي الزكاة، وهو بنفسه يشتري الأشياء التي يريدها من الباعة الذين يتعاملون بالنظام الإلكتروني.
لكن بشرط أن لا يعمل البائع على رفع ثمن السلعة، إنما يكون سعرها مثل سعر من يدفع كاش.
لذلك يجب إخراج الزكاة من غير تأخير لها إلا لعذر معتبر؛ لأن الزكاة حق في مال الغني إذا حال عليه الحول وبلغ النصاب.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [التوبة : 60]" صحيح البخاري.
والله تعالى أعلى وأعلم