الإستشارة - المستشار : أ. مصطفى عاشور
- القسم : قضايا إنسانية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
44 - رقم الاستشارة : 2886
05/10/2025
هل الشباب اليوم أقل سعادة من ذي قبل؟ ولماذا يبدو بعض من الشباب تعساء وغير سعداء؟ وهل للتكنولوجيا الرقمية علاقة بذلك؟
أخي الكريم، حقيقة أننا نلاحظ أن ابتسامات الشباب والسعادة البادية على وجوههم أو في سلوكياتهم باتت أقل من ذي قبل؛ فالعبوس والكآبة والضجر والانفعال واللامبالاة أصبح سمة متزايدة في كثير من الشباب، أما على جانب الدراسات العلمية، فهي حقيقة خلصت إليها العديد من الدراسات الاستقصائية.
سعادة الحرف U
الدراسات السابقة كانت تشير إلى أن السعادة تشبه حرف U فهي تنزل من مستوياتها العالية في الشباب لتصل أدناها مع تقدم العمر لترتفع مرة أخرى بعد أزمة منتصف العمر، وظل هذا الاتجاه سائدًا لسنوات طويلة، ولذا لم تتجه الكثير من الدراسات حينها لبحث تعاسة الشباب، على اعتبار أن تلك الفترة العمرية هي أزهى أوقات سعادة الإنسان.
في دراسة نشرت عام 2020م وأجريت على نطاق واسع في (145) دولة من بين (193) دولة عضو في الأمم المتحدة، بما فيها (109) دول من الدول النامية، وقد تم تأكيد شكل حرف U للسعادة، وقالت الدراسة: "يبدو أن منحنى السعادة موجود في كل مكان"، وأكدت تلك الدراسة أن أدنى مستويات الرفاهية النفسية موجودة في منتصف العمر.
وأشارت دراسات أخرى في علم النفس إلى أنه لا يوجد ارتباط بين العمر والسعادة، فلا يوجد وقت في الحياة اختص بالسعادة أكثر من وقت آخر، وخلصت دراسة استقصائية إلى أن الرضا عن الحياة غالبًا ما يزداد، أو على الأقل لا ينخفض، مع تقدم العمر.
لكن دراسة تم نشرها في أغسطس 2025م استندت إلى معلومات وبيانات من (44) دولة من بينها الولايات المتحدة خلصت إلى أن هذا النمط من السعادة الذي يشبه حرف U ويتربع الشباب على قمته قد تغير، وأصبحنا الآن نشهد قمة التعاسة في سن الشباب ثم تتراجع مع تقدم العمر، وقالت الدراسة: "لا يُعزى هذا التغيير إلى ازدياد سعادة الأشخاص في منتصف العمر وكبار السن، بل إلى تدهور الصحة النفسية للشباب"، حيث زادت حالات اليأس والقلق والحزن والاكتئاب والمحاولات الانتحارية.
من المؤشرات التي استندت إليها الدراسة:
* أن تدهور الصحة النفسية وراء تدهور الصحة البدنية، ولوحظ زيادة في عدد الشباب الذين يدخلون المستشفيات مقارنة بالسنوات الماضية، ولوحظ أن العوامل النفسية تقف وراء الكثير من حالات الشباب المرضية.
* تدهور الصحة النفسية للشباب بسبب الاكتئاب جعلتهم أكثر استهلاكًا لأدوية الاكتئاب، حيث ارتفعت نسبة استهلاك الشباب بـ25% مقارنة بسنوات ماضية.
* ارتفاع معدلات الانتحار بين الشباب، والمعروف أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين محاولات الانتحار والصحة النفسية، وهذه الرغبة الانتحارية في تزايد شبابيًّا، وهو مؤشر ذو خطورة كبيرة.
* ارتفاع مستويات الفشل الدراسي، وهناك علاقة وثيقة بين التغيب عن الدراسة والفشل الدراسي وبين الصحة النفسية.
* ارتفاع مستويات البطالة شبابيًّا، وهناك ارتباط بين الصحة النفسية والبطالة، والبطالة المقصودة هنا عدم رغبة الشباب في الانضمام لسوق العمل، وهو مؤشر على فقدان الشغف والحماسة وتملك الإحباط مع غياب الدافعية في نفوس الشباب.
لماذا زاد يأس الشباب؟
* تشير دراسات إلى أن الهواتف المحمولة والإنترنت يقفان وراء تعاسة بعض الشباب وعدم سعادتهم، وهو ما تناولته دراسة موسعة نشرت عام 2020 عن العلاقة بين الهواتف النقالة والرفاهة النفسية.. أشارت الدراسة إلى أن وقت الشباب تضاعف على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، حتى إن الدراسة أشارت إلى أن المراهق العادي في بعض الدول يقضي قرابة التسع ساعات يوميًّا، لكن المهم في الدراسة أنها ربطت بين هذا الوقت الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي والصحة النفسية، فمن يقضي وقتًا أطول تقل رفاهيته وصحته النفسية.
* الوقت الكثيف والطويل أمام الشاشة وراء تراجع السعادة، والأسباب، فهذا الوقت الطويل يحرمه مع التفاعل المباشر مع الأقران، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي تطلع الشباب على كثير من العناصر البراقة في حياة الآخرين وأوقات متعتهم، وهذه المشاهدة والنظر تؤدي إلى تنامي مشاعر نفسية بالتحاسد والحرمان، وهذا يؤدي إلى التعاسة.
* البطالة وراء تعاسة الشباب، سواء أكانت تلك البطالة بفقدان إمكانية فرصة عمل جيدة من ناحية، أو العائد والأجر من العمل لا يستطيع أن يكفي حاجات الشاب وأحلامه من ناحية أخرى، وهذا يصيبه بالإحباط واليأس.
* التحدي الاقتصادي: يواجه الشباب تحديات اقتصادية أكثر من الأجيال السابقة أمام تحقيق الرخاء أو حتى توفير تكاليف الحياة مقارنة بالأجيال السابقة، وهي حقيقة أكدها تقرير للبنك الدولي عام 2022م وهذا التحدي يشكل مصدر قلق للشباب.
روابط ذات صلة:
هل تغير مفهوم الشكر مع المادية؟
لماذا نفتقد السعادة في حياتنا؟