كيف أجعل زوجتي شريكة روحي في دعوة الناس؟

Consultation Image

الإستشارة 26/10/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد منَّ الله عليّ بالهداية والعمل في مجال الدعوة إلى الله، وأشعر بلذّة عظيمة في نشر الخير والانتفاع به، وأسعى جاهداً لأكون من الدعاة المصلحين.. ولكن ما يؤرقني هو زوجتي، فهي ولله الحمد امرأة صالحة وقائمة ببيتها وأولادها على أكمل وجه، وتحافظ على فرائضها. لكنها تكتفي بالعبادات الفردية وبالحياة المنزلية، ولا تملك الهمّ الدعوي الذي أحمله، وترى أن الدعوة والعمل العام مسؤوليتي أنا.

أرى فيها قدرات عظيمة وعلماً طيباً، وإذا أصبحت شريكة لي في هداية الناس، سنضاعف الأثر وسنكون أسرة متكاملة تعيش بهدف واحد هو مرضاة الله وخدمة دينه. لكني لا أعرف كيف أُوقِظ فيها هذا الهمّ الدعوي؟

كيف أفتح قلبها للعمل في الدعوة النسائية تحديداً؟ وكيف أُقنعها بأنها مسؤولة عن التبليغ بما تعلم، وأُعينها على الخروج من دائرة الاكتفاء الذاتي إلى دائرة التأثير والعطاء دون أن أثقل عليها أو أُحمّلها ما لا تطيق؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابة 26/10/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بك أيها الأخ الفاضل، وأسأل الله أن يبارك في زوجتكِ وفي جهدكِ، وأن يجعلكما منارة للخير والهدى. إن سؤالك هذا يدل على سعة أفقك، فخير عون للداعية هو زوجته، والدعوة النسائية ميدان واسع لا يصلح له إلا النساء الصالحات.

 

لقد أكرمت الشـريعة المرأة بالدعوة، وجعلتها شريكة للرجل في التبليغ والإصلاح، ولكن هناك منهج نبوي في أخذ يد الزوجة إلى هذا الطريق، يقوم على التشجيع والاحتواء لا على الأمر والإلزام:

 

التأصيل الشرعي والتربوي (إيقاظ الهمم)

 

1) الدعوة بالقدوة الزوجية: الزوج الصالح داعية في بيته قبل أن يكون داعية في المحراب، قال تعالى عن الأنبياء والصالحين في الدعاء: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ هم طلبوا من الله أن تكون أزواجهم وأولادهم عونًا في الإمامة والقيادة للخير. وهذا يبدأ بتعاونك أنت وزوجتك على قيام الليل وصيام النوافل والذكر، ففي هذا إيقاظ للهمّ المشترك.

 

2) أجر شريك الخير: ذكّر زوجتكِ بأن إيمانها وعملها الصالح هو في حد ذاته عبادة عظيمة، وأن انشغالها بالبيت وتربية الأبناء هو أعظم أبواب الدعوة (دعوة الأجيال). ثم وضّح لها أن مشاركتها في الدعوة النسائية هو باب إضافي للجنة، وأنها إذا كانت سببًا في هداية امرأة واحدة أو تعليمها، فإن لها أجرها وأجر من تبعها، كما قال: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من حُمر النَّعَم".

 

الخطوات العملية لأخذ يد الزوجة

 

1) البدء بالمشاريع الصغيرة والمأمونة (التهيئة النفسية): لا تطلب منها أن تصبح داعية جماهيرية فجأة. ابدأ معها بخطوات بسيطة لا تُحمّلها فوق طاقتها ولا تخرجها من دائرة راحتها في البداية:

 

- في البيت: شجّعها على تخصيص وقت بسيط (ربع ساعة) لتعليم الأبناء شيئًا من السيرة أو التفسير، أو لتدريس جارة أو صديقة قريبة لها.

 

- في التواصل: اطلب منها أن تُرسل بعض الرسائل الدعوية القصيرة (المُعدّة سلفًا) عبر وسائل التواصل النسائية الخاصة بها.

 

- الاستماع أولاً: اطلب منها الاستماع معك إلى درس أو خطبة، ثم اطلب رأيها، لتدخل في جو التفاعل مع القضايا الدعوية.

 

2) استغلال المَلَكات والتخصص (توجيه الجهد): لكل امرأة مَلَكة، فإذا كانت زوجتكِ بارعة في فن الطبخ، فلتجعل جلساتها مع قريباتها فرصة لتذكيرهن بالله. إذا كانت مُنظَّمة، فلتكن هي المسؤولة عن تنسيق زيارات الدعاة أو تنظيم الكتب والمواد الدعوية في البيت. اجعل الدعوة متناسبة مع شخصيتها وقدراتها.

 

3) الثناء والتقدير والدعم اللوجستي: الاعتراف بجهدها هو مفتاح قلبها. كلما قامت بعمل دعوي صغير، ولو كان ناجحًا، أثنيت عليها أمام الأبناء والأهل. والأهم: ادعمها عمليًّا؛ خفّف عنها بعض أعباء المنزل لتُفرِغ وقتًا للعمل الدعوي، أو تولَّ أنت رعاية الأبناء في الوقت الذي تقضي فيه نشاطها الدعوي. فالدعم العملي يقول لها: "أنا أؤمن برسالتك وأساعدك فيها".

 

4) ربطها بالصالحات: شجّعها على مصاحبة الداعيات والأخوات الفاعلات في منطقتكما. فكما أن الصاحب ساحب إلى السوء، هو ساحب إلى الخير. رؤيتها لنساء أخريات يُوازِنّ بين الدعوة والبيت يُعطيها الدافع والقدوة.

 

ونصيحتي لك أيها الزوج الفاضل هي: الرفق الرفق، لا تحملها رسالتك حملاً، بل افتح قلبها لها. اعلم أن صلاحها في بيتها هو أعظم دعوة، وعملك على أن تكون شريكة لك يجب أن يكون بالحب والمشاركة، وليس بإلزامها واجباً إضافيًّا. كن لها سنداً في طريق الله، وتذكر أن الهداية والتوفيق من الله وحده.

 

وأسأل الله أن يجعل زوجتك عونًا لك على الحق، وأن يبارك في جهودكما، وأن يجعلكما من الذين يتعاونون على البر والتقوى، ومن ورثة جنة النعيم، آمين.

 

 

روابط ذات صلة:

الداعية بين منبر الدعوة وحضن الأسرة

 

 

الرابط المختصر :