أتكلَّم فلا يُصغون.. هل أخطأتُ الطريق؟؟

Consultation Image

الإستشارة 26/07/2025

أنا شاب ملتزم -ولله الحمد- أحاول دعوة أصدقائي في الجامعة، وزملائي في العمل، وأتحدث معهم عن أمور الدين، لكني ألاحظ أنهم لا يتفاعلون، بل أحيانًا يُعرضون أو يستهزئون، ولا أجد أثرًا لما أقول، وأشعر أني لا أُحسن التأثير في الناس. فهل أنا على خطأ؟ وهل أترك الدعوة حتى أكون أكثر علمًا أو تأثيرًا؟

الإجابة 26/07/2025

أخي الحبيب، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وسررتُ بهمّتك وغيرتك، فهذا من دلائل الإيمان، فالدعوة إلى الله شرفٌ عظيم، وهي ميراث الأنبياء، ومن أجَلِّ الأعمال عند الله عز وجل، وأول ما أُذكّرك به أن دعوة الناس لا تُقاس بالنتائج الظاهرة فقط، بل بالنية والإخلاص والعمل الصحيح، قال الله تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ﴾، وفي آية أخرى، يقول مولانا سبحانه: ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾؛ فلا تحزن إنما أنت مأمور بالبلاغ، أما القلوب فبيد الله سبحانه وتعالى.

 

وإليك بعض مفاتيح الدعوة لتأثيرٍ أعمق، ومنها ما يأتي:

 

1) القدوة العملية: فكثير من الناس لا يتأثرون بالكلام وحده، لكن يتأثرون بالخلق والسلوك. فكن صادقًا، بشوشًا، متواضعًا، عاملًا بما تقول، فإن هذا يفتح القلوب المغلقة.

 

2) الأسلوب المناسب: راجع طريقتك في الحديث؛ هل فيها رحمة؟ هل تخاطبهم بما يفهمونه؟ هل تستخدم لغة قريبة من واقعهم؟ النبي ﷺ قال لمعاذ حين أرسله لليمن: "يسِّروا ولا تُعسِّروا، وبشِّروا ولا تُنفِّروا".

 

3) التدرج: لا تتوقع أن ينقلب الناس فجأة، بل كن صابرًا، وابدأ بما هو أسهل وأهم، وشيئًا فشيئًا تُفتح القلوب.

 

4) الدعاء: لا تنسَ الدعاء لمن تدعوهم، فالهداية منحة من الله. قال الله عن النبي ﷺ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾.

 

وانظر معي الآن في شأن النبي ﷺ وقد لبث في مكة 13 سنة يدعو قومه، وكان يسمع من بعضهم الاستهزاء والأذى، ومع ذلك صبر، وبقي يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة. فاقتدِ به، ولا تيأس من التأثير.

 

وختاما أخي السائل المبارك:

 

اجتهد في العلم، وتعلّم ما تدعو إليه بدقة، ولا تتكلم إلا فيما تعلمه بيقين، ولا تتعجل النتائج، فبعض البذور تحتاج وقتًا طويلًا حتى تُثمر، وابحث عن أبواب جديدة للدعوة: رسالة، مقطع فيديو، هدية، سؤال مؤثر، موقف نبيل، كما أنصحك بالحرص على الصحبة الصالحة التي تعينك على الثبات وتبادل الخبرات الدعوية.

 

وفقكم الله ويسر على أيديكم سبل الخير...

الرابط المختصر :