الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : التخطيط الدعوي
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
131 - رقم الاستشارة : 2247
01/08/2025
كنت في بداية طريقي في الدعوة إلى الله نشيطًا، متحمسًا، أحرص على النشر والتعليم والكلمة الطيبة، ثم مع الوقت بدأت أشعر بفتور، وضيق، بل وأحيانًا تسللت إليّ رغبة في ترك المجال الدعوي كله، كأني استُهلكت دون أثر واضح، فهل هذا طبيعي؟ وماذا أفعل؟ وهل أستمر وأنا فاقد للحماس؟
أخي الحبيب، ما تمر به ليس غريبًا ولا عيبًا، بل هو أمر طبيعي يمر به الدعاة والمصلحون، بل مرّ به الصحابة أنفسهم، فقد قال حنظلة رضي الله عنه: "نافق حنظلة!"، لأنه كان يجد فتورًا إذا ابتعد عن مجلس النبي ﷺ، فقال له أبو بكر: "وأنا كذلك!"، فلما أخبرا النبي ﷺ قال: (ساعة وساعة) أي أن القلوب تتقلّب، والحال لا يثبت، وهذا من طبيعة البشر، لكن السؤال الأهم الآن: ما سبب الفتور الدعوي؟
وأتوقع أن ذلك الفتور ينبع عن الآتي:
1) قلة تغذية القلب بالإيمان والقرآن.
2) الانشغال بالأثر وترك الأصل.
3) الإرهاق المستمر وعدم التوازن بين العطاء والراحة.
4) عدم وجود صحبة دعوية تشاركك الهم وتعينك.
ولذا أنصحك عمليًّا بالآتي لتجديد نشاطك:
1) جدّد نيتك: عد إلى الأصل، لماذا بدأت؟ من أجل من تعمل؟ لا تجعل الدافع هو التفاعل أو المدح
2) قَطّع الطريق الطويل: لا تكلّف نفسك فوق طاقتك، خذ قسطًا من الراحة، ثم عد بقوة.
3) استبدل الوسيلة لا الغاية: إن مللت من طريقة، فجرّب أخرى: من الكتابة إلى الصوت، أو من النشر إلى التعليم المباشر
4) اربط نفسك بالقرآن: فهو الروح المتجددة للداعية، اقرأه بتدبر، واستمد منه العون
5) اجتمع بزملائك وأحبابك في الدعوة: فإن العمل الجماعي يزيل الوحشة، ويجدد العزيمة، وتأمّل حال النبي ﷺ حين ضاقت به الدعوة في الطائف، ورُمي بالحجارة، ثم عاد مهمومًا، ومع ذلك لم يترك الدعوة، بل دعا ربه قائلًا: (إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي) فالعبرة برضى الله، لا رضا الناس.
وختامًا اعلم بأن:
* الدعوة ليست ماراثونًا قصيرًا، بل هي طريق طويل يتطلب الصبر.
* الفتور لا يعني الفشل، بل يحتاج إلى مراجعة وتخفيف.
* لا تعتزل الدعوة، ولكن اجعلها متناغمة مع طاقتك وقدراتك.
* تذكّر أن الكلمة التي تقولها قد تُحيي قلبًا، وتُغيّر مصيرًا.
وأسأل الله تعالى أن يثبتك على الهمّة المحفّزة، وأن يرزقك الثبات والسعي الدؤوب لما فيه خير البلاد والعباد.