عذاب الذين مردوا على النفاق مرتين

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
  • القسم : علوم القرآن والحديث
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 211
  • رقم الاستشارة : 2898
07/10/2025

لماذا قال الله تعالى في أهل المدينة الذين مردوا على النفاق سنعذبهم مرتين؟

الإجابة 07/10/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالراجح لدى أهل التفسير أن المقصود بالعذاب مرتين هو عذاب الدنيا بما يصيب المنافقين من قلق وخوف من انكشاف أمرهم، وافتضاح شأنهم ثم عذاب الآخرة هو أشد وأبقى، حيث إن عذابهم أشد من عذاب الكفار كما يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا﴾ [النساء: 145]، أو أن مرتين هنا تفيد التكرار وليس العدد نفسه.

 

تحير المفسرين

 

يقول العلامة ابن عاشور – رحمه الله – في التحرير والتنوير:

 

قد تحير المفسرون في تعيين المراد من المرتين، وحملوه كلهم على حقيقة العدد. وذكروا وجوهًا لا ينشرح لها الصدر، والظاهر عندي أن العدد مستعمل لمجرد قصد التكرير المفيد للتأكيد كقوله تعالى: (ثم ارجع البصر كرتين) [الملك: 4]  أي تأمل تأملاً متكرراً.

 

ومنه قول العرب: لبيك وسعديك، فاسم التثنية نائب مناب إعادة اللفظ. والمعنى: سنعذبهم عذابًا شديدًا متكررًا مضاعفًا، كقوله تعالى: (يضاعَف لها العذاب ضعفين) [الأحزاب: 30]. وهذا التكرر تختلف أعداده باختلاف أحوال المنافقين واختلاف أزمان عذابهم، والعذاب العظيم: هو عذاب جهنم في الآخرة.

 

صنف خاص من المنافقين

 

ويقول الأستاذ سيد قطب – رحمه الله – في الظلال:

 

لقد سبق الحديث والكشف عن المنافقين عامة - سواء من منافقي المدينة أو منافقي الأعراب ولكن الحديث هنا عن صنف خاص من المنافقين. صنف حذق النفاق ومرن عليه، ولجّ فيه ومرد، حتى ليخفى أمره على رسول اللّه ﷺ مع كل فراسته وتجربته! فكيف يكون؟

 

واللّه سبحانه يقرر أن هذه الفئة من الناس موجودة في أهل المدينة وفي الأعراب المحيطين بالمدينة. ويطمئن رسول اللّه ﷺ والمؤمنين معه، من كيد هذه الفئة الخفية الماكرة الماهرة؛ كما ينذر هؤلاء الماكرين المهرة في النفاق بأنه سبحانه لن يدعهم، فسيعذبهم عذابًا مضاعفًا في الدنيا والآخرة (لا تعلمهم نحن نعلمهم . سنعذبهم مرتين . ثم يردون إلى عذاب عظيم) والعذاب مرتين في الدنيا، الأقرب في تأويله أنه عذاب القلق النازل بهم من توقع انكشاف أمرهم في المجتمع المسلم؛ وعذاب الموت والملائكة تسألهم أرواحهم وتضرب وجوههم وأدبارهم، أو هو عذاب الحسرات التي تصيبهم بانتصار المسلمين وغلبتهم؛ وعذاب الخوف من انكشاف نفاقهم وتعرضهم للجهاد الغليظ.

 

والله تعالى أعلى وأعلم.

 

روابط ذات صلة:

هل كل الأعراب أشد كفرًا ونفاقًا؟

النفاق الاجتماعي.. كيف تحمي قلبك ولسانك؟

الرابط المختصر :