الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : قضايا التعدد
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
124 - رقم الاستشارة : 2594
03/09/2025
السلام عليكم، زوجي ينفق على بيته الأول ويتركني بلا مصروف، أنا زوجة ثانية وعندي مشكلة، وهي أن زوجي من يوم تزوجني ما صرف عليّ، أنا أصرف على نفسي وعلى البيت من أكل وشرب، وحتى إذا احتجت أكلم أهلي.
هو فقط يصرف على بيته الأول من أكل وشرب وسفريات وخدم والله حتى يوم تزوجنا أعطاني مهرًا قليلًا جدًا ولم أقم عرسًا ولا شهر عسل بل وساعدته في فرش البيت وشراء مستلزمات البيت من أجهزة وغيرها لأنه قال إنه عنده ظروف فقلت من طيب خاطر يمكن لأنه يساعد أهله وأبوه بالمستشفى.
وللعلم أنا لم أدرِ أنه متزوج وعنده ولد إلا بعد عقد الزواج، وللأسف قلت هذا نصيبي دام هو إنسان طيب معي وإن شاء الله ما يقصر، لكن للأسف هذا الموضوع قاهرني، خصوصًا عندما يظل يشتكي من كثرة الصرف على بيته الأول، بينما أنا رغيف خبز ما جاب لي.
كل مرة أرغب أن أكلمه يبدأ يشكي ويبكي بسبب مصروف بيته الأول فأضطر للسكوت، لكن الآن ونحن نكمل سنة زواج ما شفت منه شيء، وقاعدة أفكر في الطلاق لأني مش مرتاحة لهذا الوضع.
أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات...
الحقيقة أنه لا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب، فلقد تم الزواج بالفعل دون السؤال الكافي عن ظروف الرجل التي تفاجأت بها بعد عقد الزواج، وكان من الممكن أن ترفضي وقتها ولكنك قبلت بالوضع بالفعل.. وهنا يوجد سؤال جوهري لا علاقة له بالندم على عدم السؤال بدقة عن الرجل، والسؤال هو: لماذا قبلت بالاستمرار في هذا الزواج؟
السؤال بصيغة أخرى ما مميزات هذا الرجل الذي دعت للاستمرار في الزواج بعد أن علمت أنه متزوج ؟ أو على وجه الدقة بعد أن علمت أنه أخفى عنك خبر زواجه الأول؟
السؤال بصيغة ثالثة ما الاحتياجات المهمة التي أشبعها هذا الزواج أو التي كنت تتصورين أنها ستشبع من خلاله؟
إجابتك الصادقة على هذا السؤال المحوري هي الضوء الذي سيكشف لك هل تستمرين في هذا الزواج أم لا؟
زواج ناقص
أختي الغالية، لا شك أن قوامة الزوج هو عمود أساسي لاستقامة الزواج، والقوامة تعتمد على ركيزتين:
الأولى: المؤهلات القيادية التي يتمتع بها الزوج والتي تجعله مبادرًا مسئولاً متحملاً للمسئولية.
الثانية: أنه ينفق على زوجته وبيته، لهذا استحق الرجل القوامة بسبب الجهد المالي للرجل مع القدرة على إدارة البيت، وذلك مصداقًا لقوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾.
أما أنت -يا عزيزتي- فزواجك ينقصه أن ينفق عليك، وهذا شرط لا يؤثر على صحة الزواج وإنما يؤثر على نجاحة، وأولى ثمار ذلك ما تشعرين به من إحباط وضيق من هذا الزواج وشعورك أنه فيه عطب.
التعدد والعدالة
أختي الكريمة، أباحت الشريعة الإسلامية للرجل أن يتزوج مرة أخرى ولكنها اشترطت لذلك شروطًا تحفظ حق كل زوجة، وتأتي العدالة على رأس هذه الشروط ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا﴾، والعدل يكون في كل ما هو مادي من مبيت وطعام وكسوة ونفقة، وهو الأمر غير المتحقق في زواجك.
وأنت –غاليتي- لك الخيار في التمسك بهذا الزواج الذي يفتقد العدالة أو طلب التحرر منه وأنت وحدك القادرة على اتخاذ هذا القرار، فعليك أن تكوني صادقة وصريحة جدًّا مع نفسك ومع مشاعرك ومع احتياجاتك، فإذا شعرت أن هذا الزواج يحقق ويشبع لك احتياجات ماسة تقدر في قيمتها بصورة أعلى من افتقادك للنفقة والعدالة مع بيته الأول فاستمري في هذا الزواج ولا تلتفتي لنقد أو لوم..
أما إن كنت ترين إن احتياجك المادي والنفسي أن ينفق عليك زوجك حتى تستشعري قوامته وعدالته هو أكثر أهمية من أي مميزات أخرى في هذا الزواج، فهنا عليك أن تلحي في المطالبة بحقوقك وتصري عليها، وتقولي له: لا علاقة لي بما يحتاجه بيتك الأول.. أنت تزوجتني وأنت تعرف هذا كله، أنا مصرة على التمسك بحقوقي كشرط لاستمرار هذا الزواج، وهنا تكون الكرة في ملعبه، فإما ينفق عليك، وإما أن ينهي هذا الزواج.
أمران في غاية الأهمية
بقي أن أقول لك أمرين في غاية الأهمية:
الأمر الأول: أن عدم إنفاق هذا الزوج عليك قد يتطور في المستقبل لصورة أسوأ فيطالبك هو بتقديم الدعم المالي حتى يغطي التزاماته ومسئولياته، وأيضا ما الذي سوف يحدث إذا أنجبت طفلاً هل سيتخلى عن مسئولياته تجاهه هو الآخر ويطالبك أنت بتحمل نفقات طفلك أيضا؟ فكري جيدًا في الأمر وناقشيه إن شئت.
الأمر الثاني: في حال إذا قررت الاستمرار في هذا الزواج فلا تتجاهلي أمر النفقة تمامًا بل افتحيه بين الحين والآخر، ونوّعي في استخدام الأساليب دون إثارة الشجار، فقط شجعيه أن ينفق ولو شيئًا يسيرًا يزيد بالتدريج، وأشعريه برجولته وقوامته، وعززي ثقته بنفسه كلما حقق بعض الإنجاز ولو صغيرًا.
أسعد الله قلبك وأصلح لك زوجك، وتابعيني بأخبارك دائما.