المعركة مع «العادة السرية».. الزواج وأشياء أخرى

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : الفتور والضعف
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 75
  • رقم الاستشارة : 2654
11/09/2025

بعد شهور من المقاومة والشد والجذب مع العادة السرية، باجي في أوقات متباعدة وأضعف قدامها. بعدها بتوب وأندم وأعيط، بس برجع لها تاني. بحاول على قد ما أقدر أقطع الأسباب اللي بتوصلني لده، وبصلي وبدعي ربنا، لكن المعركة النفسية دي بجد بتوجعني وبتتعبني أوي، خصوصًا إني لسه أعزب وخايف على ديني وصحتي.

طيب إيه الحل العملي اللي يخليني أبطلها خالص من غير ما أرجع لها تاني؟ وهل الجواز هو الحل الوحيد، ولا فيه طرق تانية ممكن أستخدمها عشان أبطلها؟

الإجابة 11/09/2025

مرحبًا بك يا ولدي، وشكرًا جزيلاً على ثقتك الغالية، وسؤالك الذي يدل على نقاء سريرتك ورغبتك الصادقة في التغيير نحو الأفضل. أسأل الله أن يبارك فيك، ويقر عينك بالتوبة النصوح، ويعصم قلبك، ويقوي إيمانك، ويرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك على طاعته، وبعد...

 

فمعركتك مع هذه العادة معركة بين «النفس اللوامة» التي تلومك وتؤنبك على كل خطأ، و«النفس الأمارة بالسوء» التي تدفعك نحو المعصية. وإن شعورك بالندم والبكاء بعد كل انتكاسة هو أكبر دليل على أن قلبك حي، وأن الفطرة السليمة ما زالت تنبض في قلبك.

 

وهذا الألم الذي تشعر به هو ألمٌ طيب، يجعلك أقرب إلى الله، ويدفعك إلى بابه طالبًا العون والمغفرة. يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]. فباب التوبة مفتوح على مصراعيه، ورحمة الله واسعة، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.

 

وإليك بعض الخطوات العملية التي تساعدك على التوقف عن هذه العادة:

 

العلاج الإيماني (تجديد الصلة بالله)

 

- الالتزام بالعبادات: حافظ على الصلوات في أوقاتها، واجعلها مصدر قوتك. قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾ [العنكبوت: 45]. فكل صلاة هي درع يحميك من الشهوات، وكل سجدة هي قرب من الله يمنحك الطمأنينة.

 

- ذكر الله: اجعل لسانك رطبًا بذكر الله دائمًا؛ سبِّح، واستغفر، وهلِّل. فبذكر الله تطمئن القلوب. وعندما تنشغل بذكر الله، لن تجد في قلبك متسعًا للمعصية.

 

- تلاوة القرآن: اجعل للقرآن نصيبًا من يومك، فهو نورٌ وهدى وشفاءٌ لما في الصدور. إن تلاوة القرآن بتدبر تملأ قلبك بنور الإيمان، وتطرد منه ظلمات الشهوة.

 

- الدعاء: ألِحَّ على الله في الدعاء، واطلب منه –سبحانه- أن يطهر قلبك ويعصمك من الفتنة. ادعُ بين الأذان والإقامة، وفي السجود، وفي جوف الليل، وقل بصدق: «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى».

 

العلاج السلوكي (تغيير نمط الحياة)

 

- قوة الإرادة: أنت أقوى مما تتخيل. قد تضعف في لحظة، ولكن قدرتك على المقاومة أكبر. قال النبي ﷺ: «مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ» [رواه البخاري]. إنها معركة إرادة، وكل انتصار صغير هو خطوة نحو النصر الكبير.

 

- اقتلاع الأسباب: لقد ذكرت أنك تحاول قطع الأسباب، وهذا هو عين العقل. اجتنب كل ما يثير الشهوة؛ سواء كان مشاهدة المحرمات، أو الاختلاط المفرط، أو العزلة الطويلة. ابتعد عن الأماكن التي تضعف فيها، وكن حريصًا على أن تملأ وقت فراغك بكل مفيد.

 

- تغيير البيئة: إن البيئة تلعب دورًا كبيرًا. ابحث عن صحبة صالحة تعينك على الطاعة. يقول الله عز وجل: ﴿واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ والْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وجْهَهُ ولا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ولا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا واتَّبَعَ هَوَاهُ وكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: 28]. وقال ﷺ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَليلِه؛ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخالِلْ» [رواه أبو داود].

 

- توجيه الطاقة: وجِّه طاقتك المكبوتة إلى أمور مفيدة: مارس الرياضة بانتظام، فهي تفرغ الطاقة السلبية وتشعرك بالنشاط والحيوية. انشغل بالعمل، أو بالدراسة، أو بالتعلم، أو بالخدمة الاجتماعية. عندما تكون مشغولًا، لن تجد وقتًا للتفكير في المعصية.

 

هل الزواج هو الحل الوحيد؟

 

إن سؤالك عن الزواج يوضح وعيك بأن هذه الحاجة طبيعية ومشروعة. نعم، الزواج هو الحل الأكمل والأمثل، وهو الطريق المشروع لإشباع هذه الغريزة. قال النبي ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» [صحيح مسلم].

 

ولكن قد يتزوج البعض ويعتقد أن الزواج سيحل كل مشكلاته، وهذا غير صحيح. الزواج ينهي المعاناة مع العادة السرية، ولكنه يحتاج إلى استعداد نفسي ومالي وجسدي. فإذا لم تكن مستعدًّا، فقد تواجه تحديات أخرى. الزواج مسؤولية كبيرة، فاجعل هدفك هو الاستعداد لها.

 

وحتى يحين وقت الزواج، نصحنا النبي ﷺ بالصوم. والصوم ليس مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، بل هو صوم الروح عن الشهوات، وصوم الجوارح عن المعاصي. إنه درع يكسر حدة الشهوة ويهذب النفس.

 

وختامًا يا ولدي، لا يأس مع الحياة، ولا قنوط مع رحمة الله. إن معركتك مع هذه العادة هي اختبار من الله لقوة إيمانك وصبرك. تذكر أنك لست وحدك، وأن الله معك. استمر في جهادك، واصبر على نفسك، وتذكر أن الله تعالى قال: ﴿والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت: 69].

 

أسأل الله لك التوفيق والثبات.

الرابط المختصر :