23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 01/02/2025

سمعنا أحد الشيوخ يفتي بأن المرأة يجوز له أن تكشف وجهها وكفيها أثناء الصلاة، ولا يجوز لها هذا خارج الصلاة، فهل هناك عورتان للمرأة؟! عورة داخل الصلاة وعورة خارجها؟

الإجابة 01/02/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

هذا الرأي موجود عند بعض الحنابلة، وقد انتصر له ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ـ رحمهما الله ـ ولكنه يخالف جمهور الفقهاء والمفسرين، وما نرجحه للفتوى هو رأي الجمهور، وهو أن للمرأة عورة واحدة في الصلاة وخارج الصلاة، وهي جميع بدنها عدا الوجه والكفين، وعورتها مع المحارم والنساء ما بين السرة والركبة.

 

وإليك تفصيل رأي العلماء في هذه المسألة:

 

يقول الإمام ابن تيمية: "إن طائفة من الفقهاء ظنوا أن الذي يستر في الصلاة هو الذي يستر عن أعين الناظرين وهو العورة... فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظرة لا طردًا ولا عكسًا) (مجموع الفتاوى22/ 109، 115).

 

ويقول ابن القيم: "... إن العورة عورتان عورة في النظر وعورة في الصلاة" (إعلام الموقعين: 2/ 80).

 

وخالف ابن تيمية وتلميذه جمهور الفقهاء والمفسرين، فمن هؤلاء المفسرين الطبري والجصاص، والبغوي وابن العربي والقرطبي، حيث اجتمعت كلمتهم عند تفسير قول الله تعالى {.. وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا..} أن ما ظهر منها هو الوجه والكفان، ولم يفرقوا بين عورة النظر ولا عورة الصلاة؛ فكلاهما عورة واحدة.

 

أما جمهور الفقهاء الذين خالفوا الإمامين (ابن تيمية وابن القيم) فنذكر منهم الإمام السرخسي الحنفي الذي يقول: "المرأة المُحْرمة لا تغطي وجهها بالإجماع مع أنها مستورة... وهي مأمورة بأداء العبادة على أستر الوجوه.." (المبسوط: 4/ 7، 33).

 

ويقول ابن عبد البر المالكي: "والمرأة عدا وجهها وكفيها عورة بدليل أنها لا يجوز لها كشفه في الصلاة"  (التمهيد: 1/ 436).

 

ويقول الشيرازي الشافعي: "ويكره أن تنتقب المرأة في الصلاة لأن الوجه من المرأة ليس بعورة فهي كالرجل" (المجموع شرح المهذب: 3/ 173).

 

ويقول ابن هبيرة الحنبلي: "... قال أحمد في إحدى روايتيه: كلها عورة إلا وجهها وكفيها.. والرواية الأخرى كلها عورة إلا وجهها خاصة وهي المشهورة، ولها اختار الخرقي" (الإفصاح عن معاني الصحاح: 1/ 86).

 

ونحسب أن الذي جعل ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يفرق بين عورة الصلاة وعورة النظر أنه وجد روايتين للإمام أحمد، واحدة تقول إن وجه المرأة عورة والأخرى لا تقول بهذا، فجمع بين الرأيين أن تكون عورة المرأة في الصلاة جميع جسدها إلا الوجه والكفين، وعورتها خارجها جميع جسدها.

 

لكن هذا الرأي مردود بالأحاديث الثابتة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي تؤكد أن النبي رأى نساء الصحابة، وهن كاشفات لوجوههن، ولم ينكر عليهن، والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يسكت على باطل، فسكوته إقرار وهو سنة.

 

(يراجع في ذلك كتاب "تحرير المرأة في عهد الرسالة" للأستاذ عبد الحليم أبوشقة: 4/ 187 وما بعدها).

 

والله تعالى أعلى وأعلم