هل للرقمية تأثيرات سلبية على فتياتنا؟

أخي الكريم، الرقمية ذات تأثير كبير في حياة الإنسان المعاصر، فلم يعد هناك مجال لم تدس فيه الرقمية أنفها، ولم تكن الفتيات ببعيد عن تلك التأثيرات، ويمكن القول إنهن تأثرن بصورة أكبر وأكثر من الفئات الاجتماعية الأخرى، فقد تعرضن من خلالها للتحرش والإساءات المختلفة.

ومن ناحية أخرى فالرقمية أحدثت تغيرات في شخصيتهن وهو ما انعكس على حياتهن الاجتماعية، في أزمات أسرية، وتنامي النزعة الاستهلاكية، والخضوع لتأثيرات الموضة المتغيرة باستمرار، كما قضمت الرقمية من نوم الفتيات فأصبحن ينمن أقل مما يجب، ومع هذا لا أحد يستطيع أن ينكر أن للرقمية ميزاتها على الفتيات، لكن من الناحية الأخرى كان لتلك الميزات ثمنها الباهظ.

تتوالى التقارير التي تؤكد أن للرقمية ثمنها المدفوع إنسانيًّا، ففي تقرير صدر العام الماضي بعنوان "التكنولوجيا بشروطها" أن التعرّض للمحتوى المُعتمد على الصور والخوارزميات قد يُعرّض الفتيات لمواد غير لائقة، بدءًا من المحتوى الجنسي ووصولًا إلى مقاطع الفيديو التي تُمجّد السلوكيات غير الصحية أو معايير الجسم غير الواقعية. وقد يُؤثّر هذا التعرّض سلبًا على ثقة الفتيات بأنفسهن وصورة أجسادهن، وقد يُؤثّر على قدرتهن على التعلّم".

وفيما يتعلق بالتحرش والإساءة، أشار تقرير عالمي إلى أن ما بين 58% إلى 60% من النساء تعرض لمضايقات بواسطة التكنولوجيا الرقمية، ومن الإحصاءات التي ذكرها التقرير أن 60% من النساء العربيات المستخدمات للرقمية تعرضن للعنف من خلال التكنولوجيا الرقمية، وقد تنوعت أشكال ذلك العنف من المكالمات غير اللائقة والتحرش اللفظي والصور الخادشة للحياء والابتزاز الإلكتروني والكراهية والتنمر.

وفي بحث أجراه موقع فيسبوك، وذكره تقرير لليونسكو عام 2024م "أن 32% من المراهقات قلن إنهن عندما يشعرن بالسوء تجاه أجسادهن، فإن إنستغرام يزيد من شعورهن بالسوء. كما يُبرز هذا التصميم الإدماني لتطبيق تيك توك، الذي يتميز بمقاطع فيديو قصيرة وجذابة، قد يؤثر نموذج الإشباع الفوري هذا على مدى الانتباه وعادات التعلم، مما يزيد من صعوبة التركيز المستمر على المهام التعليمية واللامنهجية".

وتكمن خطورة ما توصل إليه التقرير السابق، هو أن تقارير أخرى تؤكد أنه في كثير من البلدان فإن الفتيات أكثر استخدامًا للإنترنت من الشباب الذكور لاعتبارات متنوعة، منها أن الشباب قد يقضي جزءًا من وقته في الخارج بين الرياضة أو مع الأصحاب أكثر من الفتيات، وهذا ما يجعل نصيب الفتيات أعلى في التعامل مع الرقمية واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي؛ فمثلاً في بريطانيا بحلول سن الـ(15) تقضي 43% من الفتيات من ثلاث إلى أربع ساعات يوميًّا على وسائل التواصل الاجتماعي في حين أن نسبة الفتيان من نفس العمر تقدر بــ31%.

وفي تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول السلوك الصحي للأطفال في سن المدرسة لعام 2021/22 في أوروبا، ذكر التقرير أن الفتيات أكثر عرضة لضغوط أكبر من الفتيان، خاصة في مرحلة المراهقة، وهذه المعاناة تنعكس في شعورهن بالوحدة واضطرابات الطعام والنوم، والخطورة التي نبه إليها التقرير أن مواقع التواصل الاجتماعي تزيد من حدة تلك المشاكل والاضطرابات على الفتيات.

تتعرض الفتيات بشكل أكبر للتنمر والابتزاز على مواقع التواصل الاجتماعي في ظل ما أتاحه الذكاء الاصطناعي من تلاعب بالصورة والصوت والفيديو، حيث تُنشر صورة خادشة للحياة وفاضحة لفتيات من خلال التزييف بالذكاء الاصطناعي، وظهر برنامج تحت مسمى undress AI وهو تطبيق يزيل ملابس الأفراد.

كان للرقمية تأثيرات نفسية واجتماعية على الفتيات بصورة أكبر من الفتيان، حيث زادت من حدة عدم رضا الكثير من الفتيات عن أجسادهن ووجوهن؛ نظرًا لأن الرقمية أشاعت معايير خيالية للجمال والجسد المثالي، ومن لم تستطع أن تتواءم مع تلك المعايير فإن جمالها يكون منقوصًا، وهو ما زاد من حدة عدم الرضا والشعور الذاتي بالدونية، وانعكس ذلك في زيادة حالات الاكتئاب والأزمات النفسية المتنوعة.

تقول الباحثة الأمريكية "ميناكشي جيغي" والتي تتركز أبحاثها حول العلاقة بين الجسد والإعلام، إن الفتيات مع الإعلام الرقمي أصبحن أكثر عرضة لعرض أجسادهن وكانت المقولة التي تقف وراء ذلك "إذا كنت تمتلكه، فاستعرضه"، أي إذا كانت الفتاة تمتلك جسدًا مغريًا فلماذا لا تستعرضه، ولعل هذا أوجد جرأة من الفتيات على التعري.

روابط ذات صلة:

ما علاقة الرقمية بتعفن الدماغ؟

ما علاقة الرقمية بانتشار روح الحسد؟

هل غذت الرقمية روح التكشف والتعري؟

ما علاقة الرقمية بانتشار الدياثة؟

هل ساهمت الرقمية في نشر الإلحاد؟