غــزة والإلهاء الإعلامي للجماهير

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. مصطفى عاشور
  • القسم : قضايا إنسانية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 183
  • رقم الاستشارة : 2264
04/08/2025

📌 أسئلة حول "هندسة الإلهاء الجماهيري وتغييب الوعي عن غزة

" 🧭التمهيد والتحول الإعلامي:

1. كيف تفسرون التحول المفاجئ في التغطية الإعلامية من قضية معبر رفح وغزة إلى قضايا مثل تجارة الأعضاء واعتقال فنانين ومشاهير؟

2. هل ترون أن هذا مجرد تتابع طبيعي في الأحداث أم نتيجة "هندسة إلهاء" متعمدة؟

3. ما دلالة هذا التزامن بين تصاعد الغضب الشعبي من أجل غزة وبين انشغال الإعلام العربي بقضايا داخلية سطحية؟

4. هل يمكن اعتبار هذه القضايا المفتعلة وسيلة لقتل الزخم الشعبي والالتفاف على الضمير الجمعي؟

 📌تحليل البنية الإعلامية والسياسية:

5. هل ترون أن بعض وسائل الإعلام باتت تشتغل كأدوات صرف جماعي لا كأدوات توعية؟

6. برأيكم، ما مسؤولية العلماء والمفكرين في كشف هذه المنظومة وتفكيك ألاعيبها؟

7. هل يقع الجمهور في فخ التوجيه غير الواعي أم هناك نوع من القبول الطوعي لهذا الإلهاء؟

8. كيف تقيّمون استخدام أسماء دينية وفنية ورياضية في توقيت واحد لصناعة تشويش جماهيري واسع؟

 🧠في ضوء النظريات الفكرية والنقدية:

9. كيف تنظرون إلى تحليل نعوم تشومسكي حول الإلهاء كأداة مركزية للسيطرة على الشعوب؟

10. هل يتقاطع هذا التحليل مع المفهوم الإسلامي لتحذير القرآن من التلهي عن القضايا الكبرى؟

11. نظرية ترتيب الأولويات الإعلامية ترى أن الناس لا يفكرون إلا بما يُعرض عليهم... فهل هذا يمثل خطرًا حقيقيًا على الوعي الإسلامي والعربي؟

12. ما موقفكم من سياسة "الخبز والسيرك" التي تعتمد على إطعام الشعوب وتشتيتها بقصص ترفيهية؟

13. مدرسة فرانكفورت ترى أن الترفيه في ذاته يحمل بعدًا قمعيًا... هل هذا صحيح في السياق العربي أيضًا؟

14. هل تغييب أخبار غزة، ولو دون كذب صريح، يُعد خيانة إعلامية ومساهمة في الظلم؟

15. هل يُمكن النظر إلى هذا الإلهاء كأحد أشكال الحرب النفسية على الشعوب المسلمة؟ 🎯 التأثيرات على الشعوب والوعي العام:

16. كيف يؤثر هذا الإلهاء الإعلامي على ترتيب الأولويات داخل العقل الجمعي؟

17. هل ترون أن تشتيت الجماهير وتجميد الغضب تجاه غزة يُسهم في تطبيع الظلم وتبلد الحس الإنساني؟

18. إلى أي حدّ قد يُعتبر هذا الصمت الجماهيري نتيجة هندسة مسبقة لا ضعفًا طبيعيًا؟ 19. ما مدى مسؤولية النخب الدينية والدعوية عن إعادة توجيه بوصلة الأمة نحو قضاياها المركزية؟

 🧬القراءة التاريخية المقارنة:

20. كيف تفسرون لجوء الأنظمة إلى تسويق فضائح فنية أو شخصية خلال لحظات التصعيد الثوري؟

21. هل ترون علاقة بين نماذج مثل "فضائح الفنانين" في الربيع العربي، وتغييب تغطية حرب غزة اليوم؟

22. في تركيا والولايات المتحدة، لوحظ أن الإعلام غطى على قضايا دموية بقصص تافهة... هل هذا نمط عالمي أم خاص بالأنظمة السلطوية؟

✅ نحو رؤى عملية:

23. ما هي أبرز ملامح "الإعلام الحر" القادر على مواجهة هندسة الإلهاء؟

24. كيف يمكن بناء منظومات تعليمية تُحصّن الأجيال ضد تسطيح الوعي؟

25. ما رأيكم في تأسيس أرشيف رقمي أو شعبي يُذكّر الناس بشكل دائم بما يحدث في غزة وفلسطين؟

26. هل تفكيك الترند اليومي وإعادة توجيهه يُعد واجبًا شرعيًا أم مجرد مسؤولية اجتماعية؟

27. ما الوسائل الإسلامية المتاحة لمقاومة هذا الإلهاء المتعمد؟

🔚 تأملات ختامية:

28. إذا كانت وسائل الإعلام تتحكم بعدسة الوعي، كيف نُعيد هذه العدسة إلى يد الأمة؟

29. هل ترون أن فقدان الشعوب لأولوياتها يؤدي إلى سقوطها السياسي والديني؟

30. كيف نحيي من جديد "فريضة الوعي" في زمن الضجيج الرقمي والانشغال الجماعي بالمؤثرين والفضائح؟

الإجابة 04/08/2025

أخي الكريم، سؤاكم يحتاج إلى مساحة نقاش كبيرة، لاعتبار مهم وهو أن غزة لم تعد قضية العرب المركزية، ولكن أصبحت قضية إنسانية لكثير من الأحرار في العالم على غرار القضية الجزائرية إبان الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.

 

ومن هنا يمكن تفهم حجم المواجهة التي تلقاها تلك القضية سياسيًّا وإعلاميًّا لحجب تأثيرها على شعوب العالم، التي ما زال الكثير منها يحمل ضميرًا حيًّا، وروحًا إنسانية صافية، ترفض الظلم وتتعاطف مع المظلومين والمضطهدين.

 

الصورة أقوى من ألف كلمة، وما تنقله الشاشات بكافة أشكالها من غزة، تلفاز وموبايل ومواقع إنترنت، كل ذلك كفيل بأن يغير الصورة التي رسمتها الصهيونية العالمية عن حقيقة القضية الفلسطينية وما كان يجري في الأرض المحتلة من نكبة 1948م، وذلك أن صرْح الأكاذيب الذي بنته الصهيونية بدأ يتهاوى أمام أعين الناس وتعاطفهم مع ما يرونه من قمع وقتل وإبادة وتجويع في غزة.

 

فالصورة التي كانت تروجها المزاعم الصهيونية عن الحق التاريخي في فلسطين، وعن إرهاب العرب والفلسطينيين آخذة في التآكل عالميًّا، وربما هذا ما جعل الصهيونية في حاجة ماسة لخلق حالة من الإلهاء الإعلامي لصرف انتباه الجماهير عما يجري في غزة.

 

وهذا يفرض علينا أن نفهم لماذا وكيف تصنع حالة الإلهاء أو التشتيت الإعلامي للجماهير؟ فهذا الفهم كفيل بأن يكشف زيف الرسائل الإعلامية التي تشغب على ما يجري في غزة، واكتشاف قدرة هذا الشغب على صرف انتباه واهتمام الناس بعيدًا إلى مناطق من اللهو والترفيه والقضايا الهامشية بعيدًا عما يجري في غزة.

 

تشير الدراسات الإعلامية إلى أن السياسيين يلجؤون إلى اختيار توقيتات معينة أو الاستفادة من أحداث متوقعة لاتخاذ قرارات استراتيجية أو قرارات كبرى قد تثير جدلاً في المجتمع؛ فمع انشغال الناس بمتابعة القضية الهامشية أو مباراة كرة قدم مهمة أو فضيحة ما، يتم تمرير تلك القرارات الاستراتيجية على اعتبار أن الإعلام قد يهتم بثلاث قصص، أما القصص الأخرى فتأتي لاحقة في التغطية الإعلامية، ومن ثم في الاهتمام الجماهيري.

 

تؤكد دراسات إعلامية أن القاعدة الأولى في خلق حالة الإلهاء، تقول: "تخلص من كل ما هو سيئ عندما لا يكون العالم يراقبك".

 

هذه قاعدة يطبقها الإعلام الصهيوني والقريب من الصهيونية؛ فالكثير من المذابح والفظائع التي تجري في غزة يتم معها هندسة قضايا إلهاء إعلامي للجماهير المحلية في كل بلد وكذلك في الإعلام العالمي.

 

ونشير هنا -أخي الكريم- إلى فضيحة جابت العالم أثناء حملة التجويع المرعبة على غزة، وفي لقطة تبدو "عفوية" لرجل أعمال أمريكي مع امرأة في الخمسين من عمرها، وبعد انتشارها بدأت قصص إعلامية تجوب العالم عن الرجل وتلك المرأة، وحالات من النقاش الواسع عن الخيانة الزوجية، وملايين التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، رغم حالة الحرية الجنسية في الغرب، وأن هذه اللقطة تبدو أكثر احتشامًا مما يجري علنا في الشوارع، أو في حالات المساكنة في الغرب، وأن أكثر من 40% من المواليد في الكثير من الدول الغربية غير شرعيين، ورغم ذلك كله تم تكثيف الانتباه في الإعلام العالمي والمحلي على تلك الخيانة، وبعد أقل من ثلاثة أيام ذابت تلك القصة، أما غزة فكان ما يجري فيها خلال تلك الأيام فكان مروعًا.

 

تبدو الحالة السابقة في ممارسة الإلهاء أكثر تحقيقًا للهدف الصهيوني مقارنة مع حالة تغييب غزة عن الأخبار؛ لأن تغطية الأخبار عن غزة تتراجع أهميتها في ذهن ووعي الجماهير.

 

القاعدة الثانية في الإلهاء هي الإغراق في تغطية التفاهات، فهذه التغطية تُنسي الجماهير الأحداث الأساسية، ومع زيادة التفاهات وكثافتها والإلحاح في عرضها، فإن الأحداث المركزية مثل قضية غزة تتراجع، ومن تلك التفاهات التي تغطي الإعلام المحلي في عدد من الدول متابعة رحلات الصيف للفنانين والمشاهير أو حفلات أعياد ميلادهم أو زواج كلابهم وقططهم.

 

الفكرة الأساسية في الإلهاء الإعلامي للجماهير ترى أن تلك الفوضى كافية لخلق حالة الإلهاء والتشتت الإعلامي، بحيث تبقى جميع الأنظار والاهتمامات مركزة على التفاهة، ومع تلك الحالة يمكن تمرير الكثير من الفظائع في غزة، فتلك التفاهات تشبه قنابل الدخان التي تحجب الرؤية.

 

وأخيرًا -أخي الكريم- فإن القاعدة الثالثة في الإلهاء هي: "خلق سياق يتيح عدم قدرة الجماهير على استيعاب المعلومة كاملة"؛ فالإلهاء والتشتيت لوعي الجماهير، يمنح الكيان الصهيوني أيامًا لممارسة التجويع والإبادة بأقل قدر من الضجيج والرفض الجماهيري.

الرابط المختصر :