مجتمع الميم.. تطبيع الكلمة مع الخطيئة

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. مصطفى عاشور
  • القسم : قضايا إنسانية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 224
  • رقم الاستشارة : 2190
26/07/2025

مجتمع الميم ماذا يقصد به؟ وهل إطلاق هذا المسمى اللطيف على عالم الشواذ يعد تطبيعا مع الرذيلة؟

الإجابة 26/07/2025

السؤال ذو أهمية لفهم حالة التغير الكبرى التي ترسم خريطة العلاقات الإنسانية في العالم ومستقبل الوجود الإنساني على الأرض؛ فالتحولات الكبرى في المجتمعات، تأتي من التغير في علاقات السلطة والثروة والجنس في المجتمع، ذلك التغير هو الذي يساهم في خلق واقع جديد.

 

وتأسيسًا على ذلك يمكن فهم مصطلح "مجتمع الميم" ودلالات التطبيع مع كلمات ومصطلحات الخطيئة والرذيلة، ورفع أحد الحواجز الكبرى في رفضها وهو حاجز الاستهجان السمعي لفجاجة اللفظ ودلالاته.

 

الحديث عن "مجتمع الميم" في تلك الاستشارة، ليس تعريفًا بمصطلح، ولكنه كشف عن الهدف من وراء الدفع بتلك المصطلحات الناعمة الغامضة لتطبيع الأذن والمشاعر مع الخطيئة والرذيلة تمهيدًا للقبول التدريجي بوجودها، وقمع أي رفض اجتماعي مناهض للخطيئة.

 

ولعل هذا ما كشف عنه شخص يدعي "مارك شتاين" الذي يعتبر نفسه مؤرخًا لمجتمع الميم، الذي قال صراحة: "أعتقد أن قوة رد الفعل أو التراجع هي مقياس لمدى نجاح الحركة على مدى خمسين عاما"، ومعنى تلك المقولة أن ضعف رد الفعل الرافض لما يسمى بـ "مجتمع الميم" وتراجعه، هو مقياس مهم في التطبيع الاجتماعي مع الشذوذ والرذيلة والانحطاط الذي يغلف ذلك المجتمع الشاذ.

 

ما هو مجتمع الميم؟

 

مجتمع الميم هو مصطلح يضم تحته اللوطيين والسحاقيات أو أم يسمى بالشواذ أو المثليين، وكذلك يضم الذي قاموا بعمليات لتغير جنسهم من ذكر إلى أنثى أو العكس، كذلك يضم المؤيدين لهم والداعمين لهم، وكأن الشواذ أصبحوا مجتمعًا مكونًا من قوى متعددة ومتنوعة مثل المجتمعات الإنسانية الطبيعية.

 

ويطلق على مجتمع الميم في الغرب LGBT community و community LGBTQ، وهي اختصارات تجمع أوائل الحروف من كلمات تدل على الشواذ والمتحولين جنسيًّا والمخنثين.

 

وفي اللغة العربية فمجتمع الميم يضم حرف الميم من كلمات: مثلي، مزدوج، متحول ومتحير جنسيًّا.

 

ويمكن رصد التحول الاصطلاحي والمفهومي لوصف الشواذ والمخنثين، فقد كان هناك اتجاه لتخفيف وطأة المصطلح واللفظ سعيًا لإيجاد قبول بهؤلاء الشواذ في المجتمعات من خلال إيجاد ألفاظ مألوفة معتادة غير مستهجنة لتوصيفهم وتسميتهم، فعرف تاريخ الاصطلاح لوصف الشواذ كلمات مثل: "المنحرف، و"المثليون"، وقد استخدمت كلمة "المثليون" في وقت مبكر وتحديدًا عام 1862م على يد محام ألماني يسمى "كارل أولريش"، ومع العام 1869م أخذت كلمة المثلية الجنسية تتردد، لكن الكلمة أصبحت مستهجنة على أسماع الكثير من الناس، وصارت رمزًا للإهانة والتحقير.

 

ومضت عقود طويلة بحثًا عن مصطلح يصف هؤلاء الشواذ بصورة تبدو مقبولة، فظهرت كلمة المتحولين جنسيًّا في منتصف الستينيات من القرن الماضي وتم الترويج لها بشكل كبير، ليأتي المصطلح الأكثر تطبيعًا مع تلك الرذيلة وهو "مجتمع الميم" الذي أخذ في الظهور بشكل واسع في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين.

 

ونلاحظ أن جزءًا من عمليات التطبيع مع الخطيئة والرذيلة يبدأ من الكلمة والمصطلح، وصولاً إلى التطبيع مع السلوكيات والأعمال الخاطئة، أي تحويل غير الطبيعي في السلوك والأخلاق ليبدو طبيعيًّا مقبولا بصورة تدريجية تمهيدًا لإزاحة الأعراف الاجتماعية المناهضة له، والقيم الدينية والأخلاقية الرافضة لهذا السلوك، وعلى ذلك يمكن فهم مصطلح "مجتمع الميم" المشبوه.

الرابط المختصر :