Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. موسى المزيدي
  • القسم : إدارية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 39
  • رقم الاستشارة : 2075
25/05/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، دكتور، كيف يكون النجاح في حياتنا، وهل النجاح يمر بمراحل فشل، حتى إذا كانت أهدافنا محددة؟

الإجابة 25/05/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلا ومرحبًا بك أخي الفاضل على موقع استشارات المجتمع، وبعد:

 

فهل تعلم أن الإنسان خلق ليكون ناجحًا؟ لقد تهيأت جميع الظروف أمام الإنسان ليكون سعيدًا.

 

نحن لا نملك قدرة الطائر في الطيران، ولا قدرة القرد في التسلق على الأشجار، ولا قدرة السمكة في السباحة في الماء، ولا قدرة الأرانب في العدو، والجري، ولا قدرة الأسد في الفتك بفريسته، ولا قدرة النسر في النظر الحاد.

 

لكننا نملك أحسن من ذلك كله؛ نملك القدرة على التفكير، واتخاذ القرار، ونملك القدرة على الارتقاء بالنفس إلى القمة، ونملك القدرة على تعمير الأرض، وتسخيرها لمصالحنا.

 

هناك قاعدة، وردت في بعض كتب المهارات الإدارية، تقول:

 

We are born to win, but are conditioned to lose.

 

أي إننا ولدنا لنفوز، ولكننا نكيف أنفسنا للفشل.

 

إن الظروف المحيطة بالإنسان قد تكون سيئة، ولكنه قد يرضى بها فيكون مصيره الفشل.

 

أخي الفاضل، أعددت دواء مكونـًـا مــن 10 كبسولات إدارية ونفسية واجتماعية؛ لكي تبتلعها، وتتشرب بها، وتحافظ على نتائجها، لتصل من خلالها إلى القمة، ووضعت الكبسولات العلاجية في معادلة مكونة من عشرة حروف، جمعتها في ثلاث كلمات: (لكم وقت بارز)، وكل كبسولة مكونة من ثلاثة مفاهيم، وأتناول مفاهيم الكبسولة الأولى (ل).

 

المفهوم الأول: لاحق الناجحين

 

يحكى أن أستاذا أراد أن يضاعف القدرات لدى طالب كسول، فاستدعاه ليشرح له طرق مضاعفة القدرات.

 

ولكن قبل البدء، طلب الأستاذ من الطالب أن يصلح مصباحًا كهربائيًّا لديه في المكتب، حيث إن الإضاءة خافتة، فاعتذر الطالب إلى الأستاذ؛ لعدم وجود سلم ليصل إلى مكان المصباح.

 

قطع الأستاذ على الطالب عذره، وقال: سأقف، وتتسلق على كتفَيَّ؛ حتى تصل إلى موقع المصباح، فوافق الطالب، وارتقى على كتف أستاذه، واستمر على هذا الوضع دقائق معدودة، فاستغرب الأستاذ من طول المدة، ثم التفت إلى الطالب وسأله: ماذا تفعل؟ أسرع، وأصلح المصباح، فحملك ثقيل!

 

فأجابه الطالب قائلاً: أستاذي الفاضل، إني أُمسك بالمصباح في يدي، وقد وضعته في الثقب المخصص له، وأنا بانتظارك حتى تدور بي، كي يكون المصباح في موضعه!

 

أين هذا الطالب من الناجحين، وملاحقتهم؟ لقد اتخذ هذا الطالب قرارًا بالانعزال عن الناس الناجحين، والإخلاد إلى الكسل.

 

النجاح لا يعني غياب الفشل، وإنما يعني تحقيق الأهداف التي تم تحديدها، إنه يعني الانتصار على النفس.

 

النجاح لا يعني الانتصار في كل معركة من معارك النفس.

 

معظم الناس يتصرفون كردود فعل لما يدور حولهم، وقليل منهم ينجح بالصدفة والحظ، ولكن معظم الناجحين جاء نجاحهم لآلام تجرعوها عبر حياتهم، ولمخالطتهم للناجحين من أمثالهم.

 

عليك أن تخالط الناجحين، وتتخير النوعية التي تجعلك أكثر عطشًا للنجاح، ولا تُشبع فيك حب النجاح.

 

تتلمذ على يد أحد الناجحين.

 

الناجحون يجذب بعضهم بعضًا، مثل الطيور؛ فالطيور على أشكالها تقع.

 

المفهوم الثاني: لاحظ سلوكيات الناجحين وقلدها

 

أخي الفاضل، أساس النجاح، هو ما تملكه من قناعات، وقيم.

 

The foundation of success is attitude

 

هل تعلم -أخي- أن برج كالجاري في كندا يبلغ طوله 191 مترا؟ ويبلغ وزنه 11 طنًا؟ وأن 60% من هذا الوزن مخفي تحت الأرض كأساس قوي لهذا المبنى القوي الشامخ؟ هل تعلم أن 60% من تصرفاتك كشخص ناجح تأتيك من محاكاة تصرفات الناجحين في هذه الحياة؛ لتبني أساسًا قويًّا من النجاح؟

 

هل تعلم أن هناك دراسة أنجزت بجامعة هارفرد في أمريكا، تشير إلى أن 85% من الحاصلين على الوظائف يحصلون عليها نتيجة قناعاتهم التي يعتقدون بها؟ وسلوكياتهم في الحياة؟ وأن 15% منها فقط تأتي نتيجة ذكائهم؟ ومعرفتهم بالأرقام والحقائق العلمية؟

 

مما يدعو للأسف، أن 100% من ميزانية التعليم، تصرف لتعليم الطلبة الأرقام والحقائق العلمية، والتي بدورها تؤدي إلى توظيف 15% منهم بعد التخرج، وهذا الأمر ينطبق على جميع دول العالم، وهم فيها سواء!

 

إذا كانت كلمة ابتسامات SmileS هي أطول كلمة باللغة الإنجليزية (لاحظ وجود كلمة ميل ما بين حرفي S)، فإن كلمة قناعات Attitudes، هي أهم كلمة باللغة الإنجليزية.

 

إن الإنسان الذي يتمتع بقناعات واضحة، وسلوكيات حسنة، كالثمرة التي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وبالتالي فإن وجوده مرغوب فيه في كل الأوقات.

 

المفهوم الثالث: لا تنفعل عند الغضب

 

أخي الكريم، يحكى أن أحد المسؤولين الناجحين في الولايات المتحدة الأمريكية، كان ينتظر إقلاع طائرته من مطار كانسس؛ للتوجه إلى تكساس.

 

استُدعي من قبل موظفة الطيران وأخبرته - وقسمات الحزن تبدو على وجهها - أن رحلة الطيران هذه قد ألغيت، ومن ثم عليه الانتظار أربع ساعات في المطار لركوب الطائرة التالية، وذلك بحسب موعدها.

 

قال هذا المسؤول الناجح: يا له من خبر رائع! فاستغربت موظفة الطيران، وأرادت أن تتأكد من الكلمات التي سمعتها، فقالت: هل قلت يا له من خبر رائع، أم يا له من خبر فاجع؟ قال: لا. بل يا له من خبر رائع! فسألته وهي مدهشة: لماذا؟ فقال: إنكم تملكون إلغاء رحلتي، ولكن لا تملكون إلغاء يومي، فقد وهبني الله إياه، ولا بد أن أكون سعيدًا فيه!

 

ثم قال: مهما اتخذتم من قرار بخصوص الرحلة، ومهما كان انفعالي، وغضبي، فإن الوضع لن يتغير، فما زالت الرحلة ملغاة، وما زالت الرحلة القادمة ستقلع بعد أربع ساعات.

 

واتخذ المسؤول قرارًا: أن يستفيد من الساعات الأربع القادمة، وأن ينجز أعمالاً كثيرة كان ينتظر إنجازها.

 

أخي الفاضل، هناك دائما فئة من الناس لا يهدأ لها بال حتى تغضب، وتنفعل، وتلوم الآخرين عند وقوع الأخطاء، وتتشاءم، وتكثر من الشكوى.

 

هم دائمًا في الجانب الآخر، مهما كان الجانب الذي أنت فيه. هم دائمًا يوجهون الانتقاد اللاذع للآخرين Career Critics.

 

المتشائمون يبحثون عن الأخطاء، ويصطادون في الماء العكر.

 

أُعطي للمتشائمين مصطلح Energy suckers؛ أي مصاصو الطاقات. قال المتشائمون ذات يوم لروبرت فلتون Robert Fulton مخترع الآلة البخارية وقد وضعها على ضفاف نهر هدسون في مدينة نيويورك، لتشغيلها للمرة الأولى أمام الجموع، والحشود المتجمهرة: إنها لن تشتغل أبدًا، ولكنهم دهشوا حينما اشتغلت! وبدأت تمخر عباب الماء في نهر هدسون.

 

فانزعج المتشائمون، وأصيبوا بخيبة أمل، فقالوا: نحن نتحداك! بأنها لن تتوقف عن الحركة!

ما هذا النوع من السلوك الغريب!

 

يشعر هؤلاء الناس بأنهم غير سعداء إذا لم يخوضوا في مشكلات الناس. يشعرون بالأسى في وقت الأفراح، إنهم يشعلون الضوء ليروا كم كان الظلام دامسًا، وينظرون للشقوق في المرآة (مرآة الحياة)، يشعرون بأنهم سيصبحون يوم غد مرضى فلا يسعدون بعافيتهم الحالية، إنهم لا يرون كعكة الدونت وإنما الثقب الموجود في وسطها، إنهم يرون الشمس تشرق ليكون للشجر ظلال، إنهم لا يعدون نعم الله عليهم، وإنما النكد الذي هم فيه.

 

وأخيرًا –أخي- لا يوجد أحد يجعلك تشعر بأنك أقل تميزًا من الناس سوى شخص واحد، وهو أنت. نعم. أنت تعطي لنفسك الإذن أن تشعر بالنقص، كما قال إليانور روزفيل:

 

.No one can make you feel inferior without your permission

الرابط المختصر :