لماذا ندعو بـ«اللهم» ولا نقول: «يا الله»؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : روح العبادات
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 89
  • رقم الاستشارة : 3400
29/11/2025

لماذا في الدعاء نبدأ بـ:«اللهم».

ما معناها؟

ولماذا لا نقول: «يا الله»؟

الإجابة 29/11/2025

مرحبًا بك يا بني، وأسأل الله العظيم أن يشرح صدرك، وأن يفقهك في الدين، ويزيدك علمًا، وأن يفتح لك أبواب المعرفة واليقين، وبعد...

 

فاعلم يا بني أن اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل؛ بل هي لغة اختارها الله لكتابه الكريم، وفيها من الأسرار البلاغية ما يجعل الكلمة الواحدة تحمل شحنات من المشاعر والمعاني العميقة.

 

وكلمة «اللهم» هي المفتاح الذي يدخل به العبد على ربه، وهي الكلمة التي فضَّلها الأنبياء والصالحون في مناجاتهم لله عز وجل.

 

معنى «اللهم» ولماذا ندعو بها؟

 

كلمة «اللهم» أصلها هو «يا الله»، ولكن حُذفت أداة النداء «يا»، وعُوِّض عنها بالميم المشددة في نهاية لفظ الجلالة.

 

وهذا التغيير في أصل الكلمة له أسباب، منها:

 

1- التعظيم والخصوصية:

 

العرب لا تستخدم صيغة «اللهم» إلا مع الله سبحانه وتعالى. فلا يجوز لغويًّا أن تنادي زيدًا مثلًا فتقول «زيدُمّ»؛ لأن هذا التركيب اللغوي خاص بالذات الإلهية فقط، مما يوحي ويؤكد تفرد الله بالقصد والدعاء والطلب.

 

2- استجماع القلب والجوارح:

 

قيل عن لفظة «اللهم» إنها «مجمع الدعاء». والمقصود أن الميم المشددة في آخر الكلمة توحي بالجمع والاحتواء. فكأن الداعي حين يقول: «اللهم»، يستحضر بقلبه كل أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، وكأنه يقول: «يا الله الذي له كل الأسماء والصفات، أسألك...».

 

3- التبرك بالبدء باسم الله:

 

حين تقول: «يا الله»، فأنت تبدأ بأداة النداء «يا». أما حين تقول: «اللهم»، فأنت تبدأ فورًا بــ«الله». وقد استحب العلماء أن يبدأ الداعي بذكر المحبوب الأعلى (الله) قبل وسيلة النداء، تبركًا وتيمنًا، ولإظهار شدة القرب، فكأنك لا تحتاج لوساطة حرف النداء لتبدأ به.

 

لماذا نُفضِّل «اللهم» على «يا الله» في الدعاء؟

 

إننا أحيانًا ندعو فنقول: «يا الله»، وهي صحيحة وجائزة وموجودة، ولكن صيغة «اللهم» هي الأكثر شيوعًا في القرآن والسنة لعدة أسباب:

 

- كثرة الاستعمال القرآني والنبوي:

 

إذا تصفحت القرآن الكريم، فستجد أن أغلب دعوات الأنبياء والصالحين بدأت بـ«اللهم» أو «ربِّ». ومنها:

 

يقول الله تعالى حاكيًا عن عيسى ابن مريم عليه السلام: ﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾ [المائدة: 114].

 

ويقول تعالى لنبيه محمد ﷺ: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ [آل عمران: 26].

وسمع رسول الله ﷺ رجلًا يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ»، فقال: «لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِالاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ» [رواه الترمذي].

 

- دلالة الإلحاح والانكسار:

 

صوت الميم المشددة هو صوت شفوي يُغلق الفم عند النطق به. وهذا الإغلاق يوحي بختام الأمر واستجماع القوة في الطلب، أو يوحي بالسكينة والانكسار بين يدي الله، بخلاف «يا» التي فيها مد وصوت عالٍ قد يناسب النداء للبعيد، والله –سبحانه- قريب من عباده، كما قال: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرة: 186].

 

خلاصة القول يا بني: إن قولك «اللهم» يعني: «يا الله» وزيادة، ففيه معنى الجمع، ومعنى الاختصاص، وفيها معنى القرب، وفيها معنى الانكسار والخشوع. هي كلمة اختارها الله لنفسه، واختارها الأنبياء لمناجاتهم، فلا تتردد في الإكثار منها، واجعل قلبك حاضرًا عند النطق بها، موقنًا بأنك تخاطب مَن بيده ملكوت كل شيء.

 

جعلنا الله وإياك من مستجابي الدعوة.

 

روابط ذات صلة:

هل من التكلُّف الدعاء بتسخير جنود الأرض وملائكة السماء؟

كيف أستشعر معاني الدعاء وأتذوق أثره؟

ما الذي يساعدني على حضور قلبي والخشوع في الدعاء؟

الدعاء وتغير الأقدار

ما صحة وحقيقة دعاء النبي: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث»؟

عندما تتأخر إجابة الدعاء.. بين سوء الظن وبَرَد اليقين

تأخر استجابة الدعاء اختبار أم عقاب؟ وكيف أصبر؟

 

الرابط المختصر :