الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : المراهقون
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
27 - رقم الاستشارة : 2749
21/09/2025
السلام عليكم..
أنا بنت عندي 25 سنة، وأخويا الوحيد عنده 18 سنة خلّص دبلوم من كام شهر. من فترة وهو بيتكلم كتير عن السفر والهجرة، وبيقول إنه لازم يهاجر بأي طريقة، ودلوقتي مصرّ إنه يسافر "هجرة غير شرعية" عشان أصحابه شجعوه، وهو شايف إن مفيش فرص شغل هنا.
بابا وماما قلقانين جدًا ومش قادرين يقنعوه، وأنا مرعوبة ومشغولة بالي عليه ليل نهار. خايفة يتعرض للخطر أو يحصل له حاجة وحشة زي الغرق أو يتسجن أو حد يستغله، وساعتها حياتنا كلها هتتقلب. حاولت أتكلم معاه بهدوء وأفهمه، بس بلاقيه عنيد وبيبرر إنه "مافيش حل تاني".
محتاجه نصيحة من حضرتك كمستشارة أسرية: إزاي أقدر أمنعه من الخطوة دي؟ وإزاي أساعد أهلي يقنعوه ببدائل تانية آمنة زي إنه يدور على شغل، أو تدريب، أو حتى يفكر في هجرة نظامية؟ كمان أنا إزاي أتعامل مع خوفي وإحساسي بالذنب، وأفضل على تواصل معاه من غير ما أخليه يحس إني بضغط عليه أو بقلل من شأنه؟
ابنتي الكريمة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أولاً: أُقدّر خوفك على أخيك الوحيد، وهذا دليل على نضجك وعمق إحساسك بالمسؤولية الأسرية. إن ما تمرون به الآن ليس مجرد خلاف عابر، بل هو أزمة هوية وانتماء، حيث يسعى الشاب في هذه المرحلة العمرية لإثبات ذاته، والهجرة بالنسبة له قد تبدو طريقًا سريعًا لتحقيق الاستقلال المادي والاجتماعي.
مجازفة بالنفس
لكن علينا أن نُذكّر أنفسنا دائمًا بأن الأمن النفسي، والحماية الجسدية، هما أول أساسيات التربية الأسرية التي أوصانا بها الشرع، فقد قال الله تعالى: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾، فالهجرة غير الشرعية ليست طلب رزق مشروع، بل مجازفة بالنفس التي هي أمانة من عند الله.
ثانيًا: أخوك بحاجة إلى تفريغ انفعالي (Emotional Venting)؛ أي أن يجد من يسمعه بلا مقاطعة أو توجيه مباشر.
أحيانًا عناد الأبناء ليس تمسكًا بالفكرة ذاتها، وإنما هو رد فعل لأسلوب الحوار الذي يشعرهم بالرفض أو الاتهام.
فأنصحك أن تقتربي منه كأخت صديقة، فتستمعي لأحلامه أولاً، ثم تُظهري تقديرك لرغبته في تحسين وضعه، وبعدها بهدوء تطرحين سؤالاً جوهريًّا: "هل الطريق دا فعلاً مضمون؟ وهل يستحق حياتك وأمانك؟".
أهمية تماسك الأسرة
ثالثًا: من المهم أن تعملوا كأسرة على تماسكها.. اجتمعوا معًا، لا لمهاجمته، بل لوضع بدائل عملية مثل:
- البحث عن فرص تدريب مهني، تُنمّي مهاراته.
- التفكير في هجرة نظامية قانونية، كهدف مستقبلي، لكن وفق إجراءات آمنة.
- تشجيعه على دخول مجالات عمل صغيرة يبدأ بها ليشعر بالإنجاز التدريجي.
رابعًا: بالنسبة لكِ شخصيًّا، لا تحمّلي نفسك فوق طاقتها، فأنتِ لستِ المسؤولة وحدك عن منعه، بل دورك يتمثل في الدور الداعم..
استعيني بالله تعالى، ثم بالدعاء، وتذكّري قول النبي ﷺ: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز".
خامسًا: أذكرك أن الحوار مع أخيك يجب أن يُبنى على التعاطف، لا على النقد المستمر.. فقولي له: "أنا فاهمة إنك نفسك تحقق ذاتك وتكون مسؤول عن حياتك، وده حقك، بس خلينا نختار طريق ما يهددش حياتك، لأن وجودك معانا أغلى من أي مكسب".
* همسة أخيرة:
اعلمي يا ابنتي الغالية أن: الصبر والحوار المتدرج، مع وضع بدائل عملية أمامه، سيقلل من اندفاعه، وسيجعله يدرك أن الحب الذي يلتف حوله من أسرته أكبر بكثير من وعود زائفة قد يبيعها له الأصحاب.
وفقك الله وأقرّ عينك بسلامة أخيك، ونسأله تعالى أن يُقدّر له الخير حيث كان.