شعر ابنتي إفريقي.. هل دخلنا في دائرة السخط؟!!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : الأطفال
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 23
  • رقم الاستشارة : 3472
05/12/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا أم وبصراحة حابة أفضفض معاكم. عندي بنتي شعرها أفريقي، كثيف ومجعد، وكل يوم معاناة في العناية بيه. ساعات أحس إني مش قادرة أتعامل معاه، وأتعب جدًا وأنا أحاول أصففه أو أرطبه.

والبنت نفسها حزينة، نفسها شعرها يكون ناعم ويطوّل زي باقي البنات، وبتتعرض للتنمر من أصحابها، وده مأثر عليها نفسيًا جدًا.

وأنا كأم، ساعات يطلع مني كلام مش عارفه هل هو غلط أو حرام، زي إني أقول: "ليه ربنا خلقنا كده؟ ليه مش زي غيرنا بيض وشعرهم ناعم؟"

وأحيانًا أقول إن الشعر الأفريقي شكله قبيح، وبعدين أندم وأخاف أكون بتسخط على خلق الله. أنا محتاجة أعرف: هل الكلام اللي بقوله يعتبر حرام وتسخط على ربنا؟ وكيف أقدر أساعد بنتي تتقبل نفسها وتحب شكلها، وما تتأثر بكلام الناس؟

وكمان لو في طرق عملية أو وصفات طبيعية تساعدني أعتني بشعرها، يترطب ويطوّل من غير ما يتكسر أو يتضرر، يا ريت تفيدوني. أكتب لكم كأم تعبانة وقلبي موجوع على بنتي، وعايزة أتعلم أكون راضية وأعلمها الرضا، وفي نفس الوقت ألاقي حل عملي يخفف عنها.

الإجابة 05/12/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أيتها الأم الكريمة…

 

أول ما أحب أن أطمئنك إليه هو أنّ حديثك هذا يعكس قلبًا محبًّا، وضميرًا يقظًا، وأُمًّا تجاهد لتُصلح لا لتؤذي. وهذا في حدّ ذاته نقطة قوة وليست ضعفًا. ودعينا نأخذ الأمور بهدوء، نقطة نقطة:

 

أولًا: هل كلامك يُعدّ تسخّطًا على خلق الله؟

 

اطمئني، فالمشاعر التي تأتي تحت الضغط النفسي، والإحباط، والمعاناة اليومية ليست تسخّطًا على الله ما دامت لا تحمل نية الاعتراض على حكمه، بل هي مجرد تعب بشري.. والله تعالى غفور رحيم بعباده.

 

قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، والنبي ﷺ قال: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه...".

 

فأنتِ بالطبع لم تتعمّدي الاعتراض، بل ضاق عليكِ الأمر فخرجت كلمات من ألم… ثم ندمتِ، وهذا الندم دليل رضاكِ عن الله. لكن مهم أن تنتبهي لاحقًا لأن كلمات الأم تُسجَّل في ذاكرة الطفلة وتؤثر على صورتها الذاتية.

 

ثانيًا: كيف نساعد الطفلة نفسيًّا على تقبّل شكلها وشعرها؟

 

بنتك الآن تعيش ما يسمّيه علم النفس: اضطراب أو تشويه الصورة الجسدية  Body Image Distortion وهو يحدث عندما يتعرض الطفل للسخرية، أو يسمع رسائل تقلل من جماله.

 

والحل يحتاج إلى ثلاث دوائر: كلمة – ممارسة – بيئة..

 

1- الكلمة: إعادة بناء صورتها الذاتية..

 

احرصي على استخدام عبارات تعزّز الثقة:

 

- "شعرك مميز وفريد".

 

- "فيه قوة وجمال".

 

- "الله خلقك بأحسن صورة".

 

- "كل بنت لها جمالها المختلف".

 

علميها معنى وجمال الآية: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾، واجعليها تردّد معك جملا تعزيزية، مثل:

 

- "أنا جميلة بشكلي".

 

- "شعري قوة مش ضعف".

 

- "أنا راضية عن نفسي".

 

هذه الجُمل تبني داخلها ما يسمّيه علم النفس: تعزيز دعم الصورة الذاتية  Self-image support.

 

٢- الممارسة: روتين يومي إيجابي للشعر..

 

طريقتك في التعامل مع شعرها ستغرس بداخلها الشعور بالرضا أو الرفض. اجعلي العناية بالشعر وقتَ حبّ وليس وقت عراك. احكي معها، أسمعيها موسيقى هادئة، اتركيها تشاركك في اختيار كريمات الشعر. فإذا ما ربطت العناية بالشعر بالحب فسيتحوّل القبول الداخلي تلقائيًّا.

 

3- البيئة: من المهم جدًّا حماية نفسيتها من التنمّر..

 

- تحدّثي مع المدرسة إن كان هناك تنمّر مباشر.

 

- علميها مهارات الردّ الواثق، مثل: "دا شكلي وأنا راضية عنه"، "كل واحد ليه جمال مختلف".

 

هذه طريقة علمية لبناء الثبات الانفعالي والمرونة الانفعالية والعاطفية.

 

ثالثًا: كيف تتعاملين أنتِ مع مشاعر الضيق؟

 

أنتِ نفسك تحتاجين إلى ما يسمى في علم النفس: إعادة البناء المعرفي Cognitive Reframing وأي تغيير لطريقة نظرتك للمشكلة من "عبء" إلى "ميزة تحتاج عناية".. فبدلاً من: "شعرها صعب"، قولي: "شعرها يحتاج عناية خاصة وأنا أتعلم له". وبدلا من "ليه مش زى غيرها؟"، قولي: "جمالها مختلف وله بصمة خاصة". هذا التغيير البسيط سيؤثر مباشرة على ابنتك.

 

رابعًا: أقدم لك حبيبتي خطوات عملية للعناية بشعرها، سهلة وفعّالة، بإذن الله:

 

1- الترطيب العميق..

 

- حمام زيت أسبوعي (زيت جوز الهند، زيت الزيتون، زيت الجوجوبا).

 

- اتركيه ساعة مع منشفة دافئة.

 

2- استخدام بخاخ التنعيم..

 

اعملي بخاخًا من: (ماء، شيا خام، قليل من زيت الأرجان) رُجّي الزجاجة واستخدميها يوميًّا.

 

3- تمشيط على شعر رطب.. ولا تمشّطيه وهو ناشف أبدًا؛ لأنه يتكسّر بسهولة.

 

4- قصّ الأطراف كل شهرين.. هذا يساعد جدًّا على الطول ويقلل التقصّف.

 

5- تجنّبي الحرارة قدر الإمكان؛ لأن الحرارة تقتل الترطيب الطبيعي وتُضعف الخصلات الإفريقية.

 

6- كما أن وسائل فرد الشعر الحالية لعدة شهور، أصبحت متطورة جدًّا وخاصة بعض أنواع الكريمات كالبروتين والفيلر وما شابه، فهى تحتاج إلى أنواع معتمدة صحيًّا وموثقة.. كما تحتاج متخصصة متمكنة من فرد نوعية شعر ابنتك.

 

هذه ليست مجرد خطوات للشعر.. هي أيضًا تبني عند البنت مفهوم: العناية الذاتية Self-Care وهو مهم جدًّا لتعزيز احترام الذات Self-Esteem.

 

خامسًا: كيف تعلّمينها الرضا عن نفسها؟

 

حدّثيها عن حكمة الله في الخَلق: أن الله يوزّع الجمال كما يوزّع الأرزاق.. وأن الشعر الناعم جميل.. والشعر الإفريقي جميل.. والاختلاف جزء من جمال الكون ولحكمة طيبة يعلمها الله تعالي.

 

قولي لها: "الله ما خلق فيكي شيء إلا وله حكمة، وانتِ أجمل مما تتخيلي"، وآمني أنتِ أولا بهذه الكلمة قبل أن تنطقيها.. فالبنت تُصدّق نبرة أمها قبل كلماتها.

 

* همسة أخيرة لقلب الأم الطيبة:

 

ابنتك لا تحتاج شعرًا ناعمًا لتكون جميلة.. بل هي تحتاج أُمًّا جميلة مثلك تقول لها إنها جميلة كما هي. واعلمي حبيبتي، أنك لا تصلحين شعرها فقط.. أنت تصلحين قلبًا صغيرًا يتشكل.

 

روابط ذات صلة:

كيف أصل إلى الرضا الحقيقي بأقدار لا أفهمها؟

ظاهرة التنمر في المدارس ومواقع التواصل

التنمر في المدارس.. مرض نفسي وجريمة جنائية

علِّم أولادك مواجهة وحش التنمر والاستفادة منه

الرابط المختصر :