زوجتي تهدم بيتها بلسانها!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : الحياة الزوجية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 96
  • رقم الاستشارة : 3487
04/12/2025

أنا رجل أعطيت زوجتي كل شيء من مالي… تأكل من رزقي، تلبس من كسوتي، وتسكن في بيتي، لكني في كل مجلس أسمعها لا تذكرني إلا بسوء، ولا تحفظ لي معروفًا. تساءلت بيني وبين نفسي: هل هذه تصلح أن تكون زوجة؟ وهل تصلح أن تكون أمًّا لأولادي؟ يا من تفكر في الزواج، احسب حسابك قبل أن تناسب، واستنضف واختَر بعناية. فالزوجة يمكن أن تُبدَّل، لكن أم الأولاد لا تُبدَّل أبدًا. اختر لهم أمًّا عاقلة، محترمة، شبعانة نفسًا وخلقًا، تعرف كيف تربي وتبني وتكبر. المرأة الصالحة هي التي يشهد لها الناس بحسن التربية، ويُحلف بفضلها، لا التي تهدم بيتها بلسانها."

الإجابة 04/12/2025

أخي الكريم، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات.

 

أشعر يا أخي بمدى ألمك ومدى إحباطك من هذه الزوجة التي لا تمنحك الحد الأدنى من التقدير بل العكس تمامًا هو ما يحدث، فهي لا تكف عن الشكوى والنقد منك في كل جلسة كما تقول، وهو أمر لا يمكن الصمت عنه وتحمله إلى ما لا نهاية، فالصمت والتحمل ليس صبرًا حقيقيًّا كما يتصور البعض؛ فالصبر يكون أمام الابتلاء الذي لا يمكن دفعه أو الصبر حتى تؤتي خطة الإصلاح ثمارها لأنها تحتاج الوقت. أما الصبر هكذا دون وجود ضوء في نهاية النفق فلا يسمى صبرًا بل يسمى استسلامًا وتكريسًا للخطأ.

 

اللسان السليط

 

لسان الزوجة السليط واحد من أسوأ العيوب الممكنة التي قد تتواجد في امرأة ما.. هذا اللسان هو الأداة الأكثر سرعة الذي يصل المرأة بالجحيم فقد ثبت عن النبي أنه قال: (أريت النار فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع ورأيت أكثر أهلها النساء) قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بكفرهن قيل: يكفرن بالله، قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئًا قالت ما رأيت منك خيرًا قط).

 

لذلك -يا أخي الكريم- ينبغي عليك البحث عن حل بدلاً من مشاعر الشكوى والندم التي تتلبسك؛ فأي فائدة عملية تعود عليك عندما تظل تقول لنفسك أو للآخرين (ليتني حسبت حسابي قبل أن أناسب، واستنضفت واختَرت بعناية).. ما الفائدة من اجترار الحزن المرة تلو المرة مع الغوص في طبقات الندم (ليتني اخترت لأولادي أمًّا عاقلة، محترمة، شبعانة نفسًا وخُلقًا، تعرف كيف تربي وتبني وتكبر)، صدقني لا فائدة إلا تراكم مشاعر الحزن والندم والإحباط التي قد تكون طريقك للاكتئاب أو لممارسة سلوكيات خاطئة تزيد لسانها سوءًا.

 

السؤال الوحيد الذي أريدك أن تجيبه بصدق وبمنتهى الموضوعية والنزاهة هل كلامها وشكواها هذه لا أصل لها.. هل أنت واثق أنك تمنحها ما تحتاج إليه وعلى الرغم من ذلك فهي تؤذيك في المجالس بهذا الكلام؟

 

ألم تظلمها؟ ألم تحرمها؟ ألم تصنع معها أشياء تجعلها تقول إنه ينطبق عليها قوله تعالى: ﴿لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾؟

 

خطة للإصلاح

 

أخي الكريم، كما قلت أنت في رسالتك (الزوجة يمكن أن تُبدَّل، لكن أم الأولاد لا تُبدَّل أبدًا)، فهذه المرأة حتى لو طلقتها فستبقى أم أولادك وهي من سيكون لها حضانتهم ووقتها لن تتورع في تشويهك أكثر وسيكون أثرها التربوي مدمرًا، ولو أن لديكم بنات فمن الوارد جدًّا أن يتحولن ويصبحن مثلها؛ لذلك فلا بد ألا تفكر في الطلاق إلا كآخر الحلول المتاحة عندما تغلق دائرة الحلول الأخرى، لذلك أدعوك أن تتحلى بالهدوء الشديد وتتوجه إلى الله بالدعاء أن يرزقك القوة للإصلاح وأن يصلح لك زوجتك فهو سبحانه من بيده القلوب...

 

أنا أعلم أنك غاضب وأنك محبط وأنه ربما لا يوجد لديك أي رصيد عاطفي لهذه المرأة لكنها أم أولادك ولا يمكن إلغاء هذه الحقيقة، لذلك لا بد أن تحاول.

 

وإليك مجموعة إضاءات على طريق الحل:

 

* الخطوة الأولى التي لا يمكن تجاوزها هي خطوة الحوار، وكي ينجح هذا الحوار لا بد من الإعداد له جيدًا.. يوم هادئ لم تسمع فيه ما يزعجك.. تحضر معك فيه حلوى تعلم أن زوجتك وأولادك يحبونها وتطلب منها أن تجلسوا معًا للحديث.

 

في البداية قل لها إن كل منكما عليه أن ينصت للآخر دون مقاطعة ثم يعلق على ما استمع إليه.

 

لا تهاجمها ولا تنتقدها، فقط اشرح لها ما يزعجك وما تحتاجه.. قل لها إنك عندما تسمع ذكرك بالسوء في المجالس تشعر بالحزن والإحباط.. قل لها إنك تحتاج بيتًا هادئًا مستقرًا.

 

اسألها بشكل واضح لماذا تقول عنك هذا الكلام؟ هل هي تمزح مزاحًا ثقيلاً؟ أم أنها بالفعل تشعر أن هناك أشياء أساسية مهمة تفتقدها في حياتكم؟

 

اسألها عما يزعجها، سواء كان أمورًا مادية أو غير ذلك؟ وقيّم ما تقول هل هو دلالة على الطمع وعلى نفس لا تشبع فعلاً؟ أم احتياجات حقيقية أنت قصرت فيها؟ أم أنها تشعر بالغيرة من النساء الأخريات؟

 

فإذا كانت احتياجات حقيقية فاعمل على إشباعها قدر طاقتك، وإن كانت مشاعر غيرة وقلق فحاول طمأنتها وتهدئتها. أما إن كانت طمعًا وعدم قناعة فقل لها هذا بطريقة هادئة، قل لها إن سقف توقعاتها عال وإنك لا تستطيع توفيره، وفاوضها لربما وصلت معها لنقطة في منتصف الطريق.. المهم أن يتم الاتفاق في نهاية هذه الجلسة أنها ستتكرر بشكل دوري وأنه عندما يكون هناك ما يغضبها فإنها ستأتي وتتحدث معك ولن تذهب وتؤذيك بالكلام في المجالس.

 

هذا الحوار يمثل نصحًا وعظة من جهة وإجراءً استكشافيًّا مهمًّا من جهة ثانية.

 

* الخطوة الثانية إذا لم تلتزم بما تم الاتفاق هي الهجر.. والهجر -أخي الكريم- أن تتجاهلها في الفراش، وهو لا يُجدي نفعًا إذا كان هذا هو الحال بالفعل، أو إذا كان سبب كل هذه المشكلات وكل هذا الإيذاء حاجات حسية غير مشبعة فهي تخجل من ذكر ذلك وتشكو من أشياء أخرى.

 

ويأتي في نفس الدرجة أن تكون هناك علاقة زوجية بالفعل لكنها غير مريحة بالنسبة لها، فبعض الأزواج يسلك ممارسات تتسم بالأنانية ولا يهتم باحتياج الطرف الآخر.

 

وقد تكون هناك علاقة زوجية قائمة لكنها تفتقد البعد العاطفي، فهي لم تعتد منك مثلاً أن تحتضنها فعندما تدير لها ظهرك فما هو الجديد الذي حرمت منه؟ لا شيء.

 

* الخطوة الثالثة شديدة الخطورة والتي ينبغي التعامل بها بمنتهى الحذر هي الضرب.. علاج يشبه الكيماوي الأحمر (عافانا الله وإياكم) قد يُجدي نفعًا مع بعض الزوجات من بعض البيئات ممن تربين على هذا النمط من السلوك واللاتي لا يرتدعن إلا بشيء من التعنيف الجسدي.. هذا الضرب لا يمس الوجه ولا يؤذي ولا يترك أثرًا على الجسد كالضرب بالسواك أو فرشاة الأسنان مثلاً.

 

الهدف من هذا تنبيه مرتفع جدًّا أننا مقبلون على منحدر شديد الخطورة.. شيء يشبه أن تهزها بعنف أن أفيقي.. حدة لا تتجاوز ما قام به نبي الله موسى وهو يأخذ بلحية أخيه نبي الله هارون ورأسه وهو يسأله ﴿مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا﴾.. فأنت تمسكها مثلاً من ذراعها وتهزه وتقول لها: لمذا ستفعلين ذلك؟ لماذا لا يرتدع لسانك؟ ألا تعلمين أن البيت سيخرب؟ ألا تدركين أثر ذلك على أولادنا؟

 

وأحذرك -أخي الكريم- فكثير من النساء لا يجدي معها هذا العلاج خاصة في عصرنا هذا، فإن غلب على ظنك أنه قد يُجدي نفعا فجرب بالآلية التي شرحتها لك، وإن غلب على ظنك أنه يزيد الأمور تفاقمًا فكف عنه تمامًا.

 

خطوات أخرى

 

* إذا استمر سوء السلوك رغم هذا كله فلا بد أن يكون الحوار في وجود طرف محايد كبير من عائلتها.. شيخ له تأثير عليها كي يضبط جلسة الحوار.

 

* بعد ذلك ستكون خطوات تصعيدية تبدأ بالحكمين ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾.

 

أخي الكريم، أريدك أن تعتصم بالله في كل خطواتك وأن تدعوه أن يوفقك وأن يصلح بينكما.. أريدك أن تصبر صبرًا إيجابيًّا، فبدلاً من الشكوى والإحباط تستثمر في هذه العلاقة ماديًّا ومعنويًّا حتى إذا انتهت لم يساورك الندم ولا تلوم نفسك على التقصير.

 

هناك أمران آخران أريدك أن تنتبه لهما:

 

 الأمر الأول: أرجو ألا تكون مبالغًا في رسالتك وألا تكون قد كتبتها تحت تأثير الغضب، بمعنى أنها أحيانا تمارس هذه السلوكيات السيئة وتقول هذا الكلام المسيء ولكنه ليس دائمًا.. ويرتبط بهذه النقطة إن لمست منها تحسنًا ولو بسيطًا فهذا يحفزك على الاستمرارية.. اكتب لنا وقتها مرة أخرى فهذا يعني أن الأمور تتجه للحل، لكن كما تعلم فالحلول تحتاج الوقت.

 

الأمر الثاني: لا بد من بذل أقصى الجهد حتى لا يتأثر الأطفال بهذه المشكلات لا في هذا التوقيت أو إذا حدث الطلاق لا قدر الله.. أسعد الله قلبك وأصلح لك زوجتك ورزقك بر أبنائك، وتابعنا بأخبارك الدائمة.

 

روابط ذات صلة:

أمي سليطة اللسان مع أبي.. كيف أمنعها؟!

أمي سليطة اللسان .. ركيزتان للحل

لساني «سلاح دمار شامل» كيف ألجمه وقت الغضب؟

الرابط المختصر :