الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : مناهج الدعوة ووسائلها
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
125 - رقم الاستشارة : 2246
31/07/2025
أنا شاب ملتزم بين مجموعة من الأصدقاء في الدراسة والعمل، وكثيرًا ما تقع منهم مخالفات شرعية واضحة: غيبة، موسيقى، سخرية من أهل الدين... فأنا أنكِر عليهم أحيانًا، وأحيانًا أُعرض عنهم، لكن بدأت أشعر أني منبوذ ومكروه، وهم يقولون إنني متشدد. هل ألين معهم وأتغافل؟ أم أستمر على إنكاري ولو خسرتهم؟
أخي السائل المبارك، مرحبًا بك على صفحات الاستشارات، واعلم بأن هذا الموقف من أكثر المواقف التي تواجه الداعية في عصرنا، حيث يصبح الحق غريبًا، والتمسك به سببًا للتهمة لا للتحية.
ومع ذلك، فاعلم أن صبرك في طريق الدعوة أجره عظيم، وأن الأصل في الداعية أن يجمع بين الغيرة والرفق، وبين الحزم والحكمة، قال الله تعالى: ﴿وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾، وحتى تصل إلى هذه الدرجة فهناك بعض القواعد المهمة للتعامل، تتمثّل في الآتي:
أولا: الإنكار لا يعني القطيعة: فلا تجعل إنكارك للمنكر سببًا في الانفصال الكامل عنهم، بل كن حاضرًا بحكمة، تنكر المنكر دون تجريح.
ثانيًا: اللين لا يعني التنازل: فليس مطلوبًا منك أن تسكت عن الحرام أو ترضى به، لكن المهم كيف تُنكر، وبأي أسلوب توصل الرسالة.
ثالثًا: تحديد الموقف المناسب: إذا كان السكوت مؤقتًا ليُتاح لك مدخل آخر للإصلاح، أو أن تقول الكلمة في وقت أكثر أثرًا، فلا بأس. أما إن كان السكوت عن قناعة أو خشية لوم الناس، فهو خطر على القلب.
رابعًا: الصحبة الصالحة عونك: إن رأيت أن من حولك لا يقبلون نصيحتك بل يؤذونك ويستهزئون بك، فاختر صحبةً أخرى تعينك، ولا بأس أن تقلل التواصل مع من يضرّك في دينك.
وإن من بين هدي النبوة:
قول النبي الحبيب: "من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"؛ فالحديث يبيّن مراتب الإنكار، ويعطيك سلطة قلبك، فلو لم تستطع التأثير، فعليك ألا تذوب في المنكر، بل اثبت على موقفك في قلبك.
فلا تكن فظًّا غليظًا، ولا ليّنًا مُفرّطًا، ووازن بينهما، وجدّد نيتك أن إنكارك للمنكر ليس تشددًا، بل غيرة لله ورحمة بالناس، وابحث عن الأسلوب المؤثر: قصة، دعابة لطيفة، سؤال ذكي، انسحاب هادئ، واستبدل بالصحبة الضاغطة صحبة داعمة إن شعرت أنك تتأذى دينيًّا.