23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

حكم ترجمة أوراق لبنوك تتعامل بالربا

الإستشارة 25/01/2025

تأتيني أوراق بنكية وطلبات قروض عليها فائدة لبنوك غير إسلامية لترجمتها هذه أرفضها لأنني أشعر فيها بشبهة واضحة وأشعر أنني كاتبها لكن بلغة أخرى وقد استفتيت بعض الشيوخ وأفادوني بالتوقف فهل شعوري هذا صحيح من الوجهة الإسلامية. لكن عند ترجمة عقود لبيع شقق أو ما شابه يوجد شرطاً جزائي عند العجز عن الدفع بحيث يدفع المشتري فائدة بنسبة معينة حتي موعد السداد فهل هذا يندرج تحت الربا؟ وعرض علي شخص أن يأتيني بالأوراق الخاصة ببنك معين (غير إسلامي) لترجمتها فما الحكم في ذلك؟ وقد تكون ترجمة هذه الأوراق لورودها في قضية أمام القضاء والترجمة بغرض توضيح ملابسات القضية أمام المحكمة؟ فما الحكم إذا كان الأمر كذلك، بصفة خاصة؟ وما الحكم أيضاً إذا لم تكن تخص قضية أمام المحاكم؟

الإجابة 25/01/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فحكم الترجمة لهذه العقود الربوية يتوقف على العمل بهذه الترجمة، فإن كان العمل مباحًا فالترجمة مباحة وإن كان العمل بها مباحًا، وهي غير جائزة إن كان العمل بها غير مباح.

والبنوك التي تقرض بفائدة، أو تقبل المال وتعطي فائدة تتعامل بالربا، سواء أكانت فائدة محددة أم غير محددة، وسواء أكانت قليلة أم كثيرة، إلا أن تكون مصاريف إدارية تنفق على حفظ ورعاية القرض الحسن دون أي زيادة، وهذه النسبة قدرها الخبراء بنسبة تتراوح بين 1.5% - 2% في العام، وبهذا أفتت المجامع الفقهية، وجمهور العلماء المعاصرين.

والعمل في البنوك إما أن يكون في ممارسة الربا في كتابته أو الشهادة عليه، وإما أن يكون في أعمال تساعد المؤسسة الربوية، والأول لا يجوز إلا في حالة الضرورة أو الحاجة الشديدة التي تنزل منزلة الضرورة، والثاني يجوز عند عدم وجود بديل مناسب.

ويمكننا أن نميز في واقعة السؤال بين مستويات ثلاث:

المستوى الأول: ترجمة عقود ربوية حتى يتم العمل بها بحيث تكون العقود باللغة العربية والإنجليزية، أو الانجليزية وحدها، فهذا يعتبر من كتابة العقود الربوية، وقد روى مسلم بسنده عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال: هم سواء".

والشريعة الإسلامية إذا حرمت شيئًا سدّت جميع النوافذ الموصلة إليه، والوسائل تأخذ حكم المقاصد.

المستوى الثاني: ترجمة عقود لبيع شقق عن طريق البيع المباح سواء أكان البيع بالتقسيط، أو بالمرابحة أو غيرها من الصور المشروعة غير أن فيه شرط دفع غرامة تأخير لمن يتأخر في السداد، وهذا شرط فاسد، ويجوز لمن يريد الشراء أن يشتري بهذه الطريقة إذا تيقن أو غلب على ظنه أنه لن يلجأ إلى التأخير وبالتالي دفع غرامة التأخير، وهذا في جانب المشتري الذي لا يجد طريقًا يشتري به إلا هذا الطريق.

أما البائع فلا يجوز له البيع بهذه الطريقة، ويمكنه الاستعاضة عنها بطرق أخرى، كأن يفسخ العقد، أو يجعل كل الأقساط حالة، إن تأخر المشتري في الدفع.

وبالتالي يجوز الترجمة، وتقع المسئولية بعد ذلك على طرفي العقد؛ البائع والمشتري، وهما يتحملان ما يقع في العقد من مخالفات شرعية.

المستوى الثالث: ترجمة هذه العقود بناء على طلب المحكمة، أو لدراستها والرد عليها، أو لغرض التعليم عند الحديث عن المخالفات الشرعية التي تنطوي عليها هذه العقود وطرح البدائل الشرعية المناسبة، وهذا لا شيء فيه، وبالتالي تجوز الترجمة؛ لأن الأمور بمقاصدها، والأعمال بالنيات.

والله تعالى أعلى وأعلم