تصلي أمام أهلها وتتكاسل وحدها.. هل هي منافقة؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : الفتور والضعف
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 74
  • رقم الاستشارة : 3501
06/12/2025

أنا فتاة في المرحلة الثانوية، أهلي يحرصون على الصلاة. مشكلتي أنني عندما أكون معهم أصلي بخشوع، ولكن عندما أكون وحدي قد أجمع الصلوات أو أصليها بسرعة جدًّا.

أشعر أنني بوجهين، وأخاف أن أكون من المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار.

كيف أجعل مراقبتي لله أقوى من مراقبتي لأهلي؟

الإجابة 06/12/2025

مرحبًا بك يا ابنتي الكريمة، وأسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يملأ قلبك نورًا وإيمانًا، وأن يرزقك لذة الأنس به، وأن يجعلك قرة عين لأهلك، وأن يصرف عنك وساوس الشيطان، ويثبتك على الطاعات والصلاة في أوقاتها بخشوع وطمأنينة.

 

هل أنت منافقة؟

 

يا ابنتي، إن شعورك بالخوف من النفاق هو نفسه براءة لك من النفاق! نعم، لا تتعجبي. فالمنافق الحقيقي لا يهتم بعبادته، ولا يحزن على تقصيره، ولا يخاف من سوء المصير، بل يكون آمنًا مطمئنًّا في غيِّه. أما المؤمن الحي الضمير فهو الذي يقلق وتضطرب نفسه إذا قصَّر. وقد قال أحد السلف عن النفاق: «ما خافه إلا مؤمن، وما أمِنه إلا منافق».

 

وعن حنظلة الأسيدي -وكان مِن كُتابِ رسولِ اللهِ ﷺ- قال: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقالَ: كيفَ أَنْت يا حَنْظَلَةُ؟ قالَ: قُلت: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قالَ: سُبْحَانَ اللهِ! ما تقُولُ؟ قالَ: قُلت: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ يُذَكِّرُنَا بالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حتى كَأنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِن عِندِ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَافَسْنَا الأزْوَاجَ وَالأوْلَادَ وَالضَّيْعَات، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هذا» [رواه مسلم]. فانظري كيف خاف الصحابة الكرام من تغير حالهم بين الحضور والغياب، ولكن النبي ﷺ طمأنهم بأن هذا تفاوت بشري طبيعي، وليس نفاقًا عقديًّا مخرجًا من الملة.

 

إن مشكلتك ليست في أصل الإيمان؛ بل هي ضعف في استشعار المعية الإلهية، وتغلُّب للنفس الأمارة بالسوء في لحظات الخلوة، وهذا يحتاج لتربية ومجاهدة، لا ليأس وقنوط.

 

أنت بحالَين لا بوجهين:

 

إن صلاتك بخشوع أمام أهلك قد يكون دافعها الحياء منهم، أو التأثر بالجو الإيماني العام، ولكن عندما تخلين بنفسك، يغيب الرقيب البشري، وهنا يبرز الاختبار الحقيقي للإيمان. إن النفس تميل للراحة والكسل، والشيطان يستغل الخلوة ليقول لك: «لا أحد يراك، فاستريحي، وأجِّلي الصلاة».

 

أنت لست «بوجهين» بمعنى الخداع، بل أنت «بحالين»: حال نشاط بوجود المحفز (الأهل)، وحال فتور عند غيابه. وعلاج هذا يكون بنقل المحفز من الخارج (الأهل) إلى الداخل (مراقبة الله).

 

كيف تجعلين مراقبة الله هي الأقوى؟

 

إليك يا ابنتي هذه الوسائل؛ طبِّقيها بعزم صادق، وستجدين الفرق بإذن الله:

 

1- استحضار اسم الله «البصير»:

 

قبل أن ترفعي يديك لتكبيرة الإحرام وأنت وحدك، قفي لحظة صمت، وتذكري قول الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ [العلق: 14]. تخيلي لو أن كاميرا مراقبة مسلطة عليك، هل كنت ستسرعين في حركاتك؟ بالطبع لا. ولله المثل الأعلى، فالله -سبحانه- لا يغيب عنه شيء. رددي في نفسك قبل الصلاة: «الله ناظري، الله شاهدي، الله مطَّلع عليَّ».

 

2- تغيير النظرة للصلاة:

 

السرعة في الصلاة أو تأخيرها يأتي من شعورنا بأنها «حمل ثقيل» نريد التخلص منه. غيِّري هذه الفكرة، واستحضري أن الصلاة هي «لقاء خاص» مع ملك الملوك الذي بيده سعادتك ومستقبلك وتوفيقك في دراستك وحياتك كلها.

 

تذكري قول النبي ﷺ للمسيء صلاته (الذي كان يصلي بسرعة)، حيث قال له: «ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ» [متفق عليه]. فالسرعة «تسرق» الصلاة وتبطل أجرها. هل ترضين أن تقدِّمي هدية ممزقة لشخص تحبينه؟ فكيف بعبادة نقدمها لله سبحانه؟

 

3- المبادرة إلى الصلاة أول الوقت:

 

إن جمع الصلوات بغير عذر (كسفر أو مرض) من الكبائر التي يجب الحذر منها، قال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتبَعُوا الشَّهَوَات فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: 59]. وقال سبحانه: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 4 و5].

فالحل العملي: بمجرد سماع الأذان، اتركي كل شيء في يدك، وقولي لله بفعلك هذا: «يا رب، نداؤك أهم من المذاكرة، وأهم من الهاتف، وأهم من الراحة». الصلاة في أول الوقت تزيح همًّا عن قلبك، بينما تأخيرها يجعلك تصلينها وأنت تشعرين بالذنب والضغط، مما يدفعك للنقر السريع.

 

ويساعدك في القيام بذلك الاستعداد للصلاة قبل الأذان بقليل، وتفريغ نفسك من الشواغل، وهناك تطبيقات على الهواتف يمكن ضبطها على التنبيه للصلوات قبيل موعدها بدقائق.

 

4- الحياء من الله أولَى:

 

عوِّدي نفسك على أن الحياء من الله أولى من الحياء من البشر. قولي لنفسك: «كيف أستحيي من والدي ووالدتي وهم بشر مثلي، ولا أستحيي من الله الذي خلقني ويرزقني وهو القادر على أن يقبض روحي وأنا في هذه الغفلة؟».

 

5- الدعاء بالتوفيق للطاعة:

 

أكثري من دعاء النبي ﷺ: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» [رواه أبو داود]. فالمسألة توفيق من الله، ومن صدَق الله صدَقه الله.

 

وختامًا يا ابنتي، لا تجعلي الشيطان يقنطك من رحمة الله، فيجعلك تتركين الصلاة بالكلية بحجة أنك منافقة. هذا فخ شيطاني. بل استمري في الصلاة، وجاهدي نفسك في تحسينها وأنت وحدك. يقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: 69].

 

حفظك الله ورعاك، وشرح صدرك للطاعة.

 

روابط ذات صلة:

كيف أستعيد حلاوة الصلاة والذكر؟

ابني المراهق يتكاسل عن الصلاة.. وسائل عملية لتحفيزه

ابنتي كثيرة النوم وتتكاسل عن الصلاة.. ما الحل؟

أبنائي يتركون الصلاة.. كيف أعيدهم إليها؟

الرابط المختصر :