Consultation Image

الإستشارة 20/05/2025

أنا فتاةٌ في بداية العشرينات، تعرفتُ على شابٍ عبر الإنترنت، وبدأت علاقتنا تتطور، رغم علمي بأنها لا تُرضي الله، كما أن علاقتي بأهلي متوترة جدًّا، ولا أجد منهم الحنان أو الفهم. أشعر بذنبٍ شديد، وأخاف من غضب الله، وأتوق إلى التوبة، والالتزام بالصلاة، لكن أضعفُ، وأعود!! أريدُ طريقًا واضحًا أبدأ منه حياتي من جديد.. فهل من نجاة؟ وهل يقبلني الله بعد كل ما كان؟

الإجابة 20/05/2025

يا بنت الإسلام الغالية،

 

ما أجملكِ حين يسكن في قلبك هذا الحنين لله، وهذا الانكسار بين يديه، فالقلوب التي تريد أن تعود، هي أول القلوب التي يُفتح لها باب التوبة، لأنّ الله جلّ في علاه ينظرُ إلى صدق القلوب لا إلى عثرات الخطى، وما دمتِ تشعرين بهذا الضيق والندم، فأبشري.. فأنتِ على عتبة النجاة. قال الله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ انظري! لم يخاطب "المؤمنين"، بل خاطب "الذين أسرفوا"!

 

أولًا: العلاقة المحرّمة.. ليست حبًّا

 

الشيطان يُزيِّن البدايات، ليَسرق النهايات. أي علاقة بين فتاة وشابّ خارج إطار الزواج، حتى وإن كانت "عاطفية فقط"، هي علاقةٌ محرَّمة شرعًا؛ لأنّ فيها خلوةً بالقلب، وتبادلًا للكلمات التي لا تَرضى بها الشريعة، ولو كانت خلف شاشات.

 

قال ﷺ: (لَأَنْ يُطْعَنَ في رَأْسِ أَحَدِكُمْ بمِخْيَطٍ مِن حَدِيدٍ، خَيْرٌ لَهُ مِن أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لا تَحِلُّ لهُ).. وأيُّ علاقة لا يُرضي الله عنها، تُورِث الظلمة في القلب، والشتات في النفس، والنفور بين البنت وأهلها، كما يحدث معك الآن.

 

ثانيًا: بداية الطريق.. في صلاةٍ صادقة

 

الصلاة ليست مجرّد حركات، بل هي جسر النجاة الأول، وهي المنجاة من الفحشاء والمنكر، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾، عودتكِ للصلاة، ولو ببطء، ولو مع تعب، هي أعظم انتصار، ابدئي اليوم قبل الغد، ولو بركعتين، واستعيني بهذا الدعاء: (اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَىٰ ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ).

 

ثالثًا: علاقتك بأهلك.. بين الغضب والبرّ

 

إن التقصير من الأهل لا يُبرِّر العقوق أو الهرب إلى الحرام، لكنّكِ مأجورة على صبرك، فإنّ أعظم البر أن تبرّي في وقت الجفاء، وتصبري في زمن الضيق.

 

قال رجلٌ لابن عباس رضي الله عنه: "إنّ لي أُمًّا لا ترضى عني" فقال: "ارضِها ولو ضربتكَ، فإنّ في رضاها رضا الله"، فابدئي بتليين قلبك تجاههم، ولو لم يُحسنوا، ولا تستكثري الخير.. فالله لا يضيع عنده شيء.

 

رابعًا: التوبة الحقيقية.. بداية لا نهاية

 

يقول نبينا الحبيب ﷺ: (التائبُ مِن الذنبِ كمن لا ذنب له)، فالتوبة تمحو الماضي، إن كانت توبة نصوحًا، شروطها ثلاثة:

 

1. الإقلاع عن الذنب فورًا.

 

2. الندم الحقيقي في القلب.

 

3. العزم على عدم العودة.

 

فإن كان الذنب متعلقًا بحقوق الغير، فالرابع: ردُّ الحق أو طلب المسامحة، قطعي هذه العلاقة فورًا، واطلبِي من الله الستر، والفرج، والبداية النقية.

 

وصايا عملية:

 

أيتها الأخت السائلة الكريمة:

 

1. اقطعي أي وسيلة اتصال بذلك الشاب، واحذفيه من كل وسائطك.

 

2. اكتبي على ورقة: "ما أريده في حياتي بعد اليوم"، وضعي فيها: (رضا الله، الصلاة، علاقات طاهرة، حب صادق بالحلال، برّ الوالدين، علمٌ نافع، حياة هادئة).

 

3. الزمي رفقة صالحة من الأخوات الملتزمات، ولو عبر تطبيقات موثوقة أو مجموعات آمنة.

 

4. خصّصي من يومكِ وقتًا للقرآن، ولو ٥ آيات، وتدبّريها، فهي دواء القلوب.

 

5. عيّني "يوم الجمعة" يوم تجديد توبتك، واستغفري كثيرًا.

 

همسة من القلب:

 

الله لا يُخزي من عاد إليه، ولا يردّ قلبًا صادقًا، والروح إذا عرفت طريق الله، لا تهدأ حتى تصل، ولو تعثرت مرارًا. قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾، فهل تُعرضين عمن يريد أن يُطهّرك ويحبّك؟!

 

أسأل الله أن يفتح بكِ قلوب عباده، وأن يجعلك سببًا لهداية خلقه.

الرابط المختصر :