الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : الفتور والضعف
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
20 - رقم الاستشارة : 2007
19/05/2025
أعيش في زمن يزداد فيه ابتلاء المسلمين بشكل مستمر، وأرى أن الناس بدأوا يثقون في الكذبة والخونة، وهذا يؤلمني بشدة. أنا أستاذ جامعي، ومع هذه الحالة من التدهور الأخلاقي والإيماني في مجتمعنا، ضاق صدري من الحياة وصار لدي شعور بالإحباط الشديد. كيف أتعامل مع هذا الإحساس؟ وكيف أستطيع أن أظل ثابتًا على الطريق الصحيح في ظل هذه الأوضاع؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على النبي الكريم ﷺ، أما بعد:
فمرحبا بك أيها الأخ الكريم، وأسأل الله لك الراحة والسكينة، وأعلم أن مشاعر الألم والحزن التي تشعر بها هي مشاعر نبيلة تنبع من حرصك على الدين والأمة، وهذه نعمة يجب أن تحمد الله عليها.
في مثل هذه الأوقات التي نعيشها، حيث تزداد الفتن وتكثر الشبهات وتتعاظم الابتلاءات، من الطبيعي أن يشعر المؤمن بالضيق والقلق على مصير الأمة. ولكن في ذات الوقت، يجب أن نعلم أن هذه الفتن هي جزء من سنن الله في الكون، وأنه لا يمكننا أن نتخلص منها بشكل كامل، ولكن يمكننا أن نتعامل معها بحكمة وصبر.
إليك بعض الخطوات العملية التي يمكن أن تساعدك في التعامل مع هذه المشاعر:
1. تذكر أنه لا مفر من الابتلاء: الابتلاء سنة من سنن الله في الحياة، ولقد أخبرنا الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾، وهذا يعني أن هذه الفتن والابتلاءات التي نراها ليست جديدة، بل هي جزء من التاريخ الإسلامي، وقد مر بها الأنبياء والصحابة ومن بعدهم. يجب أن تدرك أن هذه التحديات هي محك للإيمان، وهي فرصة لتظهر صبرك وقوة إيمانك.
2. تمسك بالأمل وذكر الله تعالى: في الأوقات العصيبة، من الضروري أن تكثر من ذكر الله تعالى، فكما قال النبي ﷺ: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب" [رواه أحمد]. اجعل من الدعاء والتسبيح والذكر علاجًا لقلقك وإحباطك، وتذكر دائمًا قول الله تعالى: ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾.
3. توجيه الجهود نحو التغيير الإيجابي: كونك أستاذًا جامعيًّا لديك قدرة على التأثير في الجيل الجديد. بدلاً من السلبية والتأثر السلبي مما حولك، يمكنك أن تكون مصدرًا للتغيير الإيجابي، من خلال التعليم والتوجيه الصحيح. قم بتعليم طلابك القيم الإسلامية النبيلة، وكن قدوة لهم في الالتزام بالحق والصدق، سواء في التعليم أم الحياة اليومية. قال ﷺ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".
4. ابحث عن رفقاء صالحين: إذا كنت تشعر بالإحباط، فاحرص على الصحبة الصالحة التي ترفع من معنوياتك وتقويك. قال النبي ﷺ: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"، هذه الصحبة ستكون مصدرًا للراحة النفسية والتشجيع، خاصة إذا كنت تفتقد الأمل في بعض الأحيان.
5. مراجعة النفس وتطهيرها: في أوقات الشدة، يجب أن نراجع أنفسنا ونقوي علاقتنا بالله عز وجل. حاول أن تتأمل في أسباب هذا الشعور السلبي، وعمل على تحصين نفسك بالدعاء والتوبة والتقرب إلى الله، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾..
وأوصيك إجمالاً بالآتي:
* استمر في تعليم الطلاب وتوجيههم نحو الحق، ولا تدع الأحوال السيئة تمنعك من أن تكون مصدرًا للخير.
* ابتعد عن الأخبار السلبية وغير المفيدة، وحاول أن تركز فيما يعود عليك وعلى المجتمع بالفائدة.
* مارس الرياضة أو الأنشطة التي تحسن من مزاجك؛ لأن الجسد السليم يعينك على التفكير السليم.
* تذكر أن الله لا يُضيع أجر من أحسن عملًا، فاجعل هذا شعورك المحفز في مواجهة التحديات.