Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. مسعود صبري
  • القسم : إيمانية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 17
  • رقم الاستشارة : 1280
12/03/2025

السلام عليكم، أنا مسلم ملتزم وأعتز بذلك ولكن هناك أفكار غريبة بداخلي واستفسارات عديدة وهي وأهمها أنني أرى أن هناك انتقادات في الإسلام لا أفهمها فكثير من الآيات والأحاديث تتحدث عن عفو الله عز وجل ورحمته الواسعه وأخرى تتحدث عن عذاب الله الشديد وتوعده للمخالفين فكيف ذلك؟ أي أنا عندما أستمع للمبشرات أزداد عملاً وإيمانا واجتهادا وحبا للدين وعندما أسمع للمنذرات أتشاءم وأخاف وتسود الدنيا في وجهي وأنا متأكد أن كثيرا من المسلمين لديهم نفس الأفكار، ما رأيكم بذلك؟

الإجابة 12/03/2025

الأخ الفاضل..

 

أكرمك الله تعالى بحسن عبادته، وحسن صلتك به سبحانه وتعالى.

 

ثم أشكر لك سؤال المهم والجميل في ذات الوقت.

 

واعلم أنه ليس على المؤمنين حرج في أن يسأل عما يدور بخلده، بل أحسن أن هذا من الواجبات على المسلم، لأن علاج الشبهات السؤال، فهي في مقام عدم العلم بالشيء وعلاجه المعرفة، وقد حثنا الله تعالى إلى هذا حيث قال: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".

 

أخي.. إن الله تعالى هو رب العالمين، ورب الناس، ملك الناس إله الناس، وهو الذي خلقهم، وجعل بينهم اختلافا في الطباع والغرائز والحاجات: " ولا يزالون مختلفين "، وهذا الاختلاف والتنوع، جعل الله تعالى للناس ثوابا وعقابا، وتبشيرا وتنذيرا، ورحمة وعذابا، فمن الناس من يتأثر برحمة الله تعالى وعفوه وفضله وكرمه ومنه، غير أن هناك أصنافا من البشر يجعلون هذا العفو والكرم دافعا لمعصية الله تعالى، ومن هنا كان لا يصلح مع هؤلاء إلا التخويف والتنذير، ولذا قال الله تعالى عن رسله وأنبيائه "رسلا مبشرين ومنذرين" وقال "وتنذر به قوما لدا"، وقال "إن هذا القرآن يهدي للتي هو أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا. وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما"، وهذا من العدل الإلهي: "وما يستوى الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل والحرور وما يستوى الأحياء ولا الأموات".

 

ومع هذا العدل الإلهي، هناك الفضل الرباني، ومنه أن رحمة الله تعالى تغلب غضبه، كما جاء في الحديث القدسي: "ورحمتى سبقت غضبي"، بل هذا مما كتبه الله تعالى على عرشه، والله تعالى رحمن بعباده كلهم، المؤمن والكافر، لكنه يختص عباده المؤمنين بفاضل رحمته، وذلك من وصفه بالرحيم، فالرحمن الذي يرحم العباد كلهم، والرحيم الذي يختص المؤمنين برحمته، ورحمة الناس بعضهم ببعض ما هي إلا جزء واحد من مائة جزء من رحمته سبحانه وتعالى، وهذا يعني أن جانب الرحمة عند الله تعالى يغلب جانب الغضب، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يغتر بذلك.

 

والمسلم يجب أن يجمع بين الخوف والرجاء، الخوف من عقاب الله تعالى وعذابه إنه أذنب وأخطأ، والرجاء في عفو الله تعالى وكرمه.

 

ثم لماذا تقنط من رحمة الله حين تقرأ آيات العذاب مادمت طائعا لله تعالى، إن آيات العذاب لعلاج للناس وخاصة مرضى الذنوب، فخذ من كتاب الله تعالى ما يداوي جرحك، ويعافي نفسك، ويغذي روحك، وقد صدق الله حين قال: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا".

 

إن القرآن خطاب الله لخلقه أجمعين، ولكن منه ما هو عام لكل الناس، ومنه ما هو خاص لحالة الإنسان، فأمر الله تعالى بالزكاة مثلا ليس للفقراء، والحج ليس لمن هو غير قادر، ولكنه يكون له حين الاستطاعة، وهكذا، فخذ من كتاب الله تعالى ما يقربك إلى ربك، واسلك طريق الله بين خوف ورجاء، فخف عقاب الله إن عصيته، واطمع في رحمته دائما، وعد إليه سريعا إن أذنبت، وسل الله تعالى أن يصلح نفسك، وأن يجعلك متقبلا لشرع الله كله، وأن يشرح صدرك للخير والإيمان دائما. وفقك الله لما يحب ويرضى.