Consultation Image

الإستشارة 20/05/2025

هل يجوز للمسلم أن يتزوج من امرأة يهودية الآن وخاصة في هذا الوقت الذي يقتل اليهود المسلمين في فلسطين؟

الإجابة 20/05/2025

الحمد لله، والصلاة على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالأصل في الزواج من الكتابيات عامة، سواء اليهوديات أم المسيحيات جائز بضوابط وشروط، من أهمها أن تكون عفيفات، وليست هي أو قومها من المحاربين للمسلمين في أي مكان.

 

وفي واقعة السؤال إن كانت اليهودية من الصهاينة الذين يشاركون في الإبادة الجماعية وقتل الأطفال والنساء في فلسطين عامة، وفي غزة خاصة، فلا يجوز الزواج منها، فهذا سيكون خيانة للأمة وقضاياها، أما إن كانت يهودية لا تجيز قتل المسلمين ولا تؤيد الاحتلال فهي كغيرها من الكتابيات يجوز الزواج منها بضوابط وشروط.

 

جاء في فتوى مشابهة للجنة الفتوى بالأزهر:

 

إن الإسلام أباح أن يتزوج المسلم من نساء أهل الكتاب – اليهود والنصارى- وذلك بنص القرآن الكريم: قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ (سورة المائدة: 5). ونساء أهل الكتاب هن: النصرانيات واليهوديات.

 

وبالنظر إلى منطوق الآية الكريمة، نلاحظ تقديم المحصنات المؤمنات في الذكر على المحصنات من أهل الكتاب، وأنه يعطينا إشارة إلى أن الزواج من المؤمنات أولى وأفضل من الزواج من اليهوديات والنصرانيات.. وذلك لاعتبارات كثيرة أهمها: وحدة الدين والعقيدة، والمحافظة على النسل من أن تتلاعب به أهواء وأغراض غير المؤمنات من أهل الكتاب.

 

وربما يكون هذا هو الذي جعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب –رضي الله عنه– فيما أُثر عنه – يحث ويشير على بعض من الصحابة ممن تزوجوا بيهوديات أن يطلقوهن؛ لضمان حسن تربية الأولاد وتنشئتهم نشأة إسلامية سليمة.

 

وإن كان التفاهم في الحياة الزوجية يمكن أن يتخطى هذه المسائل، إلا أن التوافق العقدي من أهم الروابط الأسرية؛ حتى لا تذوب العقيدة، أو تختلط لدى الأبناء، فتقع المحاذير، وتنتهك الحرمات، ويصبح هذا الزواج سببًا قويًّا للتحلل من الدين والتفسخ الأسري بلا داع، وهذا بداية للانزلاق إلى الهاوية، يؤدي إلى سوء المنقلب.

 

والسبب نزوة طارئة أو انفعال مؤقت، وما لنا لا نتخذ من حديث رسول الله ﷺ: "فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وقوله ﷺ: "الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة".

 

ولن تكون المرأة صالحة إلا إذا كانت مسلمة حقًّا، وعلى شبابنا وأبنائنا ألا ينساقوا وراء نزواتهم وعواطفهم، وأن يبتعدوا ما أمكن عن الهبوط في هذا الدرْك، وليعلموا أن في بناتنا وفتياتنا الخير كل الخير، وهن أفضل ألف مرة من غيرهن.

 

ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي –رحمه الله– في فتوى مطولة ننقل منها:

 

الأصل هو إباحة زواج المسلم من الكتابية، ترغيبًا لها في الإسلام، وتقريبًا بين المسلمين وأهل الكتاب، وتوسيعًا لدائرة التسامح والألفة وحسن العشرة بين الفريقين.

 

ولكن هذا الأصل معتبر بعدة قيود، يجب ألا نغفلها:

 

القيد الأول: الاستيثاق من كونها "كتابية"، بمعنى أنها تؤمن بدين سماوي الأصل كاليهودية والنصرانية، فهي مؤمنة -في الجملة- بالله ورسالاته والدار الآخرة. وليست ملحدة أو مرتدة عن دينها، ولا مؤمنة بدين ليس له نسب معروف إلى السماء.

 

القيد الثاني: أن تكون عفيفة محصنة فإن الله لم يبح كل كتابية، بل قيد في آياته الإباحة نفسها بالإحصان، حيث قال: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب)..

 

القيد الثالث: ألا تكون من قوم يعادون المسلمين ويحاربونهم، ولهذا فرق جماعة من الفقهاء بين الذمية والحربية، فأباحوا الزواج من الأولى، ومنعوا الثانية.

 

القيد الرابع: ألا يكون من وراء الزواج من الكتابية فتنة ولا ضرر محقق أو مرجح، فإن استعمال المباحات كلها مقيد بعدم الضرر، فإذا تبين أن في إطلاق استعمالها ضررًا عامًّا، منعت منعًا عامًّا، أو ضررًا خاصًّا منعت منعًا خاصًّا.

 

والضرر المخوف بزواج غير المسلمة يتحقق في صور كثيرة منها:

 

1- أن ينتشر الزواج من غير المسلمات، بحيث يؤثر على الفتيات المسلمات الصالحات للزواج.

 

2- وقد ذكر الإمام سعيد بن منصور في سننه قصة زواج حذيفة هذه، ولكنه ذكر تعليلاً آخر لمنع عمر لحذيفة. فبعد أن نفى حرمة هذا الزواج قال: "ولكني خشيت أن تعاطوا المومسات منهن". ولا مانع أن يكون كل من العلتين مقصودًا لعمر رضي الله عنه.

 

3- إن الزواج من غير المسلمة إذا كانت أجنبية غريبة عن الوطن واللغة والثقافة والتقاليد يمثل خطرًا آخر من حيث إن الزوجة تكون أجنبية، دينها غير دينه، ولغتها غير لغته، وجنسها غير جنسه، وتقاليدها غير تقاليده، ومفاهيمها غير مفاهيمه...

 

وهذا الصنف أهون شرًا من صنف آخر يتزوج الأجنبية، ثم يستقر ويبقى معها في وطنها وبين قومها، بحيث يندمج فيهم شيئًا، ولا يكاد يذكر دينه وأهله ووطنه وأمته. أما أولاده فهم ينشؤون أوروبيين أو أمريكيين، إن لم يكن في الوجوه والأسماء، ففي الفكر والخلق والسلوك، وربما في الاعتقاد أيضًا، وربما فقدوا الوجه والاسم كذلك، فلم يبق لهم شيء يذكرهم بأنهم انحدروا من أصول عربية أو إسلامية.

 

ومن أجل هذه المفسدة، نرى كثيرًا من الدول تحرم على سفرائها، وكذلك ضباط جيشها، أن يتزوجوا أجنبيات، بناء على مصالح واعتبارات وطنية وقومية.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :