الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقه الأسرة
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
257 - رقم الاستشارة : 2020
21/05/2025
ما حكم المرأة التي تشتكي زوجها لأولاده وأهلها وهل تعتبر آثمة بهذا الفعل؟ وهل هذا يعد من الغيبة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالأصل أن المشكلات بين الزوجين تحل بينهما فلا تخرج لأهلها أو لأولادها، فربما تزداد الأمور تعقيدًا لو وصلت إلى طرف ثالث، أما إذا عجزت الزوجة أو الزوج على إقناع الطرف الآخر، ولم يستطع الزوجان الوصول إلى حل فلا مانع من تدخل طرف ثالث يكون أهلاً لهذه الوساطة لعل الله يصلح بسببه فساد ذات البين بين الزوجين، وقد يكون هذا الطرف الأبناء أو الأهل أو غيرهم من أهل التقوى والثقة والعدالة.
يقول الله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النساء: 34، 35].
فالآيتان الكريمتان تمثلان الدستور القرآني في حل المشكلات بين الزوجين الذي يبدأ بالوعظ والإرشاد، ثم الهجر في المضاجع، ثم الضرب غير المبرح، ثم التحكيم العائلي، ولا شك أن التحكيم هو المرحلة الأخيرة، وأثناء التحكيم سيضطر كل طرف أن يذكر ما يأخذه على الطرف الآخر.
أما أنك تعتبرين هذا غيبة أو نميمة فالضابط هنا: مدى صدقك، وعدم تجنيك عليه، فلو كنت صادقة وحاولت معه مرة ومرات دون الرجوع إلى أولادك، ولم يتغير حاله، فهذه ليست غيبة ولا نميمة ما دام ذلك سيرفع عنك الظلم، يقول الله تعالى: ﴿لاَ يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ [النساء: 148].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان لرجل على رسول الله ﷺ حق فأغلظ له، فهَمَّ به أصحاب النبي ﷺ، فقال النبي ﷺ: إن لصاحب الحق مقالاً، فقال لهم: اشتروا له سِنَّاً )جملاً) فأعطوه إياه، فقالوا: إنا لا نجد إلا سِنًّا هو خير من سِنِّه، قال: فاشتروه فأعطوه إياه فإن من خيركم ـ أو خيركم ـ أحسنكم قضاء») رواه مسلم).
لكن هذا كله مباح للضرورة، وما أبيح للضرورة يقدر بقدرها، فلا داعي أن تذكري لأولادك كل خلق ذميم، سواء كانت يترب عليه إيذاء لك أم لا، وكوني عادلة معه، تذكرين الحسنة قبل السيئة، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 8].
والله تعالى أعلى وأعلم