23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. موسى المزيدي
  • القسم : إدارية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 228
  • رقم الاستشارة : 707
16/01/2025

لماذا تفوقت علينا أمريكا في مجال التغيير العالمي؟

الإجابة 16/01/2025

كنت أشاهد جزءاً من الفيلم الأمريكي "بلا مقابل" Pay it Forward، فعرفت أن سبب تفوق الولايات المتحدة الأمريكية هو منهجها في تعليم الأطفال. حيث يطرحون عليهم أسئلة جميلة ورائعة منذ الصغر، ويطلبون منهم تطبيقها على أرض الواقع لتترك أثرًا عالميًّا!

يعرف هذا المنهج في التعليم بمنهج التفكير العالمي Global Thinking، والتي تجعل الطفل يعيش في حيز الارتباط العالمي الواسع بدلا من حيز الارتباط المحلي الضيق.

في هذا الفيلم، يدور الحوار الآتي بين مدرس في المرحلة التعليمية المتوسطة، وبين طفل اسمه "تريفور" - في الصف السابع – ولا يتجاوز سنه أحد عشر عاماً:

يقول المدرس: ماذا يعني لك هذا العالم يا تريفور؟ هنا تريفور يصمت حائرًا، ثم يكمل المدرس كلامه قائلاً: ربما تقول هذا العالم لا يعني لي شيئًا، وربما تقول أنا لست مفكرًا عالميًّا، ولكن السؤال هو: لماذا لا يعني لك هذا العالم شيئًا؟ ولماذا لست مفكرًا عالميًّا؟

يجيب تريفور بتردد: سيدي، السبب واضح، لأنني صغير ولا تتجاوز سني أحد عشر عامًا؟

هنا يخاطب المدرس بقية الأطفال ويقول: ربما تريفور معه حق، لماذا نفكر في العالم وفي تغييره؟ ماذا يتوقع منا العالم؟ ماذا يتوقع منك العالم يا تريفور؟

يجيب تريفور مستغربًا: ماذا يتوقع مني العالم؟! العالم لا يتوقع مني شيئًا!

يقول المدرس: ربما تريفور معه حق كذلك، لا يتوقع العالم منا شيئًا، انظروا إلى أنفسكم، أنتم في هذا الفصل بين 4 جدران، لا يُسمح لكم بقيادة السيارات، ولا تستطيعون التصويت في الانتخابات، ولا تستطيعون الذهاب إلى دورات المياه إلا بتصريح مني. أنتم مكبّلون بقيود هنا في الصف السابع، ولكن ليس إلى الأبد. يومًا ما ستكسرون هذه الأغلال وتتحررون. ولكن ماذا لو جاء ذلك اليوم وأنتم غير مستعدين، وتنظرون إلى من حولكم ولا يعجبكم هذا العالم؟

يجيب أحد الأطفال: يكون العالم قد خدعنا عندئذ.

المدرس: نعم، معك حق، يكون العالم قد خدعنا، ما لم تفاجئوا هذا العالم وتقلبوا أوضاعه رأسًا على عقب، وتبدأوا بتغييره منذ هذا اليوم. لقد كتبت لكم على السبورة سؤالاً، سوف يكون واجبًا ميدانيًّا تؤدونه على مدار السنة كلها. لننظر جميعًا إلى السبورة ونقرأ السؤال معًا: ما هي الفكرة التي يمكنك أن تفكر بها وتطبقها عمليًّا، وتغير العالم بواسطتها!

حينئذ، قال الأطفال جميعًا: هذا أمر غريب وصعب وغير ممكن ولا نستطيعه!

المدرس: على مهلكم، لا تستعجلوا، ربما تكونون محقين، قد يبدو هذا السؤال - للوهلة الأولى - غريبًا وصعبًا وغير ممكن، ولكن، لماذا لا نجعل ذلك ممكنًا، إنه أمر ممكن التحقيق. أين تكمن قدرات التغيير في كل واحد منكم؟ إنها تكمن هنا، داخل كل واحد منكم، تكمن في هذا الدماغ المدهش. نعم، يمكنكم إحداث التغيير. يمكنم أن تدهشونا! القرار قراركم. أو يمكنكم التقهقر إلى الوراء وتجعلون عالمكم ينكمش ويضمر بسبب انكماشكم وضموركم.

تريفور: لدي سؤال لك يا سيدي، هل هذا يعني أننا سوف نرسب في هذه المادة إذا لم نغير العالم؟

المدرس: لا لن أفعل ذلك، ولكن ربما تكون درجتك مقبولة أو بتقدير جيد.

تريفور: وماذا فعلت أنت يا سيدي لتغير العالم؟

المدرس: كم أنت رائع يا تريفور! أنا آخذ كل يوم قسطًا من الراحة في المساء، وآكل إفطارًا صحيًّا في الصباح، وأكون هنا بينكم دون تأخير، وأوضح لكم كيف تغيرون العالم.

أيها السائل: لتعلم جيدًا أن الفرد في هذا العالم يعيش بين أمرين: إما أن يؤدي دورًا في تغيير العالم، أو يوجه غيره نحو ذلك. فأي الأمرين تريد؟ القرار قرارك أيها السائل.

هكذا ينشأ أطفال أمريكا في المدارس. إنهم يفكرون عالميًّا. لماذا لا نفكر نحن –المسلمين- عالميًّا؟! ولماذا لا نقول لأطفالنا: كم أنت رائع يا محمد! وكم أنت رائعة يا خديجة! ونطرح على أنفسنا أسئلة رائعة من شأنها أن تغير أوضاعنا؟ وتوجه تركيزنا نحو آفاق هذا العالم الواسع؟ وتجلب لنا القوة وتدفع عنا الضعف؟