التفكير الابتكاري.. كيفية الوصول من أقصر طريق؟

أخي الكريم، التفكير الابتكاري، ليس حلاً سريعًا لمشكلة، أو ردًّا مفحمًا على شخص ما، أو تحقيقًا لربح سريع بطريقة جديدة، ولكن التفكير الابتكاري أقرب لأن يكون طريقة حياة، يمتلك فيها الفرد مهارة لحل المشكلات، والخروج من المآزق، والوصول إلى الهدف بأقصر الطرق، وهو طريقة لا يتطلب فيها مستوى معينًا من التعليم، ولكن هو موهبة ومهارة تُنمّى من خلال التجارب المستمرة والمتجددة، حتى يصير التفكير الابتكاري ملكة لذلك الشخص.

 

مهارة أم موهبة

 

اهتم علماء النفس في العقود الأخيرة بالتفكير الابتكاري، ورأوا أنه موجود وشائع عند الكثير من الناس، لكن يبقى الاختلاف في درجته وقدرته، فبعض الناس متقدمون في ذلك النهج من التفكير، وهناك آخرون قد يتوهج ذلك التفكير عندهم في فترة زمنية أو في أزمة ما أو سعي لتحقيق هدف ما، ثم يعود ذلك التفكير الابتكاري إلى السكون مرة أخرى.

 

وقد أكد علماء النفس والتربية أن التفكير الابتكاري، يختلف عن مفهوم التفكير ويختلف عن مفهوم الذكاء، وليس بالضرورة أن يتمتع الأذكياء بمهارة التفكير الابتكاري.

 

هناك اختلاف في تعريف التفكير الابتكاري، فيراه البعض موهبة نفسية، ويراه آخرون أنه قدرة عقلية قابلة للتنمية، لكن الابتكار كما تعرفه قواميس غربية "هو إنتاج شيء ما بحيث يكون هذا الشيء جديدًا في صياغته وإن كانت عناصره موجودة من قبل"، ومن تعريفات التفكير الابتكاري أنه قدرة على إيجاد حلول جديدة لمشكلة معينة، ويرى آخرون ومنهم عالم النفس الأمريكي "إيريك فروم" أن التفكير الابتكاري عملية نمو مستمرة مرتبطة بالخبرة والفعالية التي تضفي نوعًا من الجدة والتنوع على الحياة.

 

ومن أهم ما يتميز به التفكير الابتكاري هو الجِدة، أي الإتيان بجديد في مجال معين من مجالات الحياة، يشير بعض علماء النفس إلى "أنه لا يمكن لأي شيء أن يسهم في رفع مستوى رفاهية الأمم والشعوب وتحقيق الرضى والصحة النفسية أكثر من رفع مستوى الأداء الابتكاري لدى الشعوب".

 

من خصائص التفكير الابتكاري التي يتميز بها:

 

الطلاقة: وهي تقاس بحسب عدد الأفكار التي ينتجها الفرد في موضوع معين في وقت معين مقارنة بأقرانه.

 

المرونة: وهي تعني القدرة على تغيير طريقة التفكير بتغير الموقف، أو بمعنى أكثر وضوحًا البعد عن طريقة التفكير الجامدة المتكررة، واللجوء إلى طرق جديدة قد تكون قريبة في متناول الآخرين ولكنهم لم يفكروا فيها.

 

الإنتاج غير المألوف: وهذه إحدى السمات المهمة، حيث يلجأ الشخص صاحب التفكير الابتكاري إلى إنتاج حلول جديدة وغير مألوفة.

 

أساليب تنمية التفكير الابتكاري

 

الحقيقة أن تنمية التفكير الابتكاري، يؤكد أن هذا التفكير بجانب كونه موهبة ربانية، إلا أنه ملكة أو مهارة يمكن تعلمها، ومن الوسائل التي يمكن من خلالها تنمية التفكير الابتكاري:

 

* احتضان الفشل: عدم الخشية من الفشل وما يجلبه من توبيخ وتقريع وربما خسائر، تخفف عن العقل الكثير من الأعباء وتجعله خفيفًا طليقًا في النظر إلى المشكلة؛ لأنه يدرك أن التكلفة الناتجة عن الفشل تكاد تكون منعدمة، وهذا ما يوفر قدرًا من الأمان النفسي يحتاجه التفكير الابتكاري، ومن ثم يصبح الفشل جزءًا من تكوين التفكير الابتكاري؛ لأنه يُسهم في التعرف على طريق لا يؤدي إلى حلٍ للمشكلة.

 

* رعاية الابتكار: وهذه الرعاية قد تكون من الشخص لذاته فلا يسمح بنمو مشاعر الدونية أثناء التفكير في حل مشكلة ما؛ لأنه قد يكون في بعض الأحيان أقوى على إيجاد الحل من متخصصين يفكرون بطريقة نمطية، كذلك أن تسمح المؤسسات برعاية هذا النوع من التفكير لأنه يمكن أن يحقق لها أرباحًا ضخمة.

 

وقد اهتمت بعض الشركات بتنمية التفكير الابتكاري داخلها، فنجد مثلا شركة جوجل الشهيرة سعت لتنمية ثقافة الابتكار، ومن ذلك مبادرة الـ20% من وقت العمل حيث تشجع موظفيها على قضاء 20% من وقت العمل في مشاريع تهمهم، وأدت هذه الحرية إلى ابتكارات متعددة داخل الشركة.

 

* تنمية الخيال: فالخيال مكون مهم للغاية في التفكير الابتكاري، والمفتقر إلى الخيال ستكون مقترحاته لحل المشكلة تقليدية، فالخيال هو المحرك الأساسي للتفكير الإبتكاري؛ فهو يوفر المادة الخام من الأفكار والاستكشافات، بينما يُشكّل التفكير الإبتكاري العملية التي تحوّل هذه الأفكار إلى حلول مبتكرة ومنتجات ملموسة.

 

* تعديد زوايا النظر وتنويعها: النظر للمشكلة أو البحث عن حل من زوايا وطرق مختلفة، يساهم في تنمية التفكير الإبتكاري؛ لأنه يضع الحلول المقترحة على بساط الفحص والتفكير واستكشاف قدراتها على حل المشكلة، كذلك التنوع مطلوب فلا يقتصر البحث عن حل ما على تجارب في منطقة معينة ولكن الانفتاح ضروري لتنمية ملكة التفكير الابتكاري.

 

روابط ذات صلة:

ما هو التفكير النقدي وأهميته؟

كيف يمكن تنمية ملكة التفكير النقدي؟

هل يتعارض التفكير التحليلي المنطقي مع الإيمان بالله وبحكمته؟