الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : المراهقون
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
50 - رقم الاستشارة : 2743
20/09/2025
إزيك يا طنط أميمة، أنا عايزة أحكيلك على موضوع مسببلي زعل شوية.
أنا في إعدادي، ومعظم صحابي بيعملوا مقاطع على التيك توك، وبصراحة بيبانوا مبسوطين جدًا، وعندهم متابعين كتير، وبيضحكوا وبيتصوروا مع بعض. أنا نفسي أكون زيهم وأعمل فيديوهات، لكن ماما رافضة الموضوع ده خالص، وبتقول إنه غلط ومالوش لازمة، وكمان ممكن يضرني.
أنا مش فاهمة يا طنط.. هو أنا فعلاً بعمل حاجة غلط لما أحب أظهر زيهم؟ وإزاي أقنع ماما إن ده مش خطر زي ما هي متصورة؟ أنا محتارة ومش عايزة أزعلها، وفي نفس الوقت نفسي أعيش زي أصحابي.
ابنتي الغالية، حفظكِ الله ورعاكِ،
أشكر لكِ صراحتك وحرصك على أن تستشيريني قبل أن تتخذي قرارًا قد يؤثر على حياتك، وهذا دليل على النضج الانفعالي (Emotional Maturity) الذي تبحث عنه كل أسرة في أبنائها.
سؤالك في غاية الأهمية، لأنكِ تقفين الآن بين ما ترينه من صديقاتك، وبين ما تطلبه أمك، وتريدين أن تفهمي الحقيقة بعين الحكمة.
خوف الأم
أولاً: أمك يا حبيبتي ليست ضد سعادتك أو ضد متعتك، بل تخاف عليكِ من المخاطر التي قد لا ترينها بوضوح الآن. منصات مثل "تيك توك" ليست مجرد لعب ولهو، بل هي مساحة عامة (Public Space)، وكل ما يُنشر فيها يبقى متاحًا لعيون الغرباء. وهنا يكمن الخطر؛ فالخصوصية قد تُفقد بسهولة، وقد تتعرض الفتاة لتعليقات جارحة أو استغلال أو مقارنات مؤذية تؤثر على الصحة النفسية.
ثانيًا: من الطبيعي أن تحبي أن تعبري عن نفسك وأن يراكِ الآخرون، فهذا جزء من الحاجات الاجتماعية (Social Needs) في مرحلة المراهقة. لكن السؤال: كيف نُشبع هذه الحاجة بطريقة آمنة ومتوافقة مع القيم التي نؤمن بها؟
ثالثًا: الله سبحانه وتعالى أمرنا بالستر وصيانة النفس، فقال: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾.. وهذا لا يعني حرمانك من الفرح أو التعبير عن ذاتك، لكنه يوجّهنا لنختار الوسائل التي تحفظ كرامتنا وأمننا.
بدائل آمنة
رابعًا: هناك بدائل آمنة وممتعة.. فيمكنك ممارسة التعبير الذاتي (Self-Expression) من خلال الرسم، الكتابة، التمثيل المسرحي في المدرسة، أو حتى صناعة مقاطع فيديو عائلية خاصة لا تُنشر للعامة.
يمكنك أيضًا أن تقترحي على والدتك أن تُشاركي في قنوات تعليمية أو هادفة للشباب بإشرافها، فيكون الظهور مضبوطًا ومفيدًا.
والأجمل -يا حبيبتي- الغالية أن تستثمري وقتك في تنمية المهارات الإبداعية (Creative Skills) التي تمنحك تميزًا حقيقيًّا لا يزول مع انطفاء "الترند".
خامسًا: كيف تُقنِعين أمك؟
لا بد أن تتأكدي من أنها لن تقتنع بخطأ أو فعل شيء يضرك، وعليك أنت أن تقتنعي برأيها بدون ضغط على أعصابك أو أعصابها.
أفضل وسيلة يا ابنتي هو التقرب من أمك الحبيبة، ليست الجدال أو المقارنة بأصحابك، بل الحوار الهادئ المبني على الثقة المتبادلة بينكما.. قولي لها: "ماما، أنا أحب أشارك الآخرين وأعبّر عن نفسي، لكن أريد أن أسمع رأيك وأفهم مخاوفك"، عندها ستشعر أنكِ تقدّرين حكمتها، وستكون أكثر استعدادًا لسماعك، فربما هي رفضت بدون إبداء أسباب تقنعك، وعند حوارك معها ستتعرفين على أسباب غالبًا ستقنعك.
وتذكري يا ابنتي أن رضا الأم بركة، وأن الله قرن طاعته ببر الوالدين، فقال: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾.
* همسة أخيرة لابنتي العاقلة الرصينة:
ما تفعلينه اليوم من اختيارك للطريق الآمن سيصنع لكِ شخصية أقوى وأكثر احترامًا غدًا. كوني واثقة أن سعادتك الحقيقية لا ترتبط بعدد المتابعين، بل بصفاء قلبك، ورضا والديك، وقيمة ما تقدمينه لنفسك وللناس.
روابط ذات صلة: