Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 21
  • رقم الاستشارة : 1077
03/03/2025

أنا بنت عندي ١٧ سنة، تعاملاتي مع الناس نادرة جدا من وأنا طفلة ولا بنزور حد ولا حد بيزورنا غير نادر، وعيلتي دايما في حالها حتى بابا وماما ملهمش صحاب بيجولهم أو بنروحلهم وهكذا حتى في رمضان مفيش أي عزومات نهائي ومفيش حد بيعزمنا ولا إحنا كذلك بنعزم حد مش بخل نهائي خالص بس أهلي طول عمرهم في حالهم.

ومن وأنا صغيرة بتكسف جدا وبخاف من الناس، حتي مكنش في أي حد بيحبني ولا بيصاحبني طول سنين الابتدائي، وكنت كل يوم اجي اشتكي لماما بسبب اني مليش صحاب، لحد آخر سنة ليا في ابتدائي قدرت أعمل كم صاحبه ولحد الآن هما لسه معايا بس بعدنا، لكن أنا لوحدي ومليش أي صحاب خلينا نقول زمايل وتعاملات سطحية ونادرة جدا حتى قرايبي تعاملاتنا معاهم قليلة برضو ومش بنشوف بعض غير مرة كل كام شهر.

دراستي كلها أونلاين مش بنزل غير درسين اتنين ومفيش عندنا حد بيروح المدرسه فبالتالي مش بشوف أي حد ولا بتعامل برضو، فنظرا لأني طول عمري لوحدي تقريبا مش بعرف أتعامل مع الناس إزاي لو اتجمعنا في مكان مثلا، بحس أني لسه طفلة أوي ومش بفهم بسرعه التلميحات فاهمين قصدي والتعاملات الطبيعيه على نياتي جدا فوق ما تتخيلوا لأنه ببساطه محدش بيرشدني ولا أمي بتقولي أعمل ايه ومعملش ايه هي بتلومني بس.

فأنا مش باعرف اتعامل إزاي او اتكلم إزاي ومع مين وإيه الطريقه الصح وأسلم على مين الاول ومين لا وامتى اتكلم ومتكلمش معرفش اي حاجه حرفيا خالص حتي لو في شخص مش بيحبني او مش عاوز يقرب مني انا مش بعرف احدد هل هو كده فعلا لا بدي اعذار وخلاص ده بالنسبه للتجمعات العائلية انما كأصحاب انا بقى مبعرفش أصاحب نهائي ولا بعرف أتعامل مع الناس أصلا وبكون مكسوفة وخايفة جدا ودايما بحس أنهم بيكرهوني ومش عاوزين يصاحبوني أصلا فبابعد حتي لو هما عاوزين يقربوا.

باختصار عاوزه اعرف إيه حل المشكله دي وإزاي أتعامل وأعمل صحاب لأني مليش ولا صاحبة، زائد أني ثقتي في نفسي صفر مع أني جمالي خلينا نقول ٨٠ في الميه بس مش باثق في نفسي نهائي مهما الناس مدحوني وبحس أنهم بجاملوني وخلاص وعمري ما حسيت أني استاهل حاجة حلوة ودايما بحس أني قليلة.

الإجابة 03/03/2025

ابنتي الحبيبة،

 

أولًا: أود أن أطمئنك أنني بجانبك وسوف أدعمك في أي وقت، كما أحيي فيك شجاعتك في التعبير عن مشاعرك بكل هذا الوضوح والصدق. كثيرون يشعرون بمثل مشاعرك، لكن القليل فقط من يملكون الجرأة للاعتراف بها والسعي لحلها. لذا، اعلمي أن هذه أولى خطوات القوة نحو التغيير الإيجابي في حياتك.

 

ثانيًا: ومن خلال حديثك، أرى أن نشأتك في بيئة يغلب عليها الانعزال الاجتماعي، قد أثرت على قدرتك على التفاعل مع الآخرين، مما أدى إلى شعورك بما يسمى بالخجل الاجتماعي (Social Anxiety) وصعوبة تكوين الصداقات. وهذا أمر طبيعي ومتوقع في ظل ظروفك، لكنه ليس أمرًا دائمًا، ويمكنك العمل على تغييره بالتدريج.

 

الثقة بالنفس –حبيبتي- ليست مرتبطة فقط بالجمال الخارجي، بل هي شعور داخلي ينبع من تقدير الذات أو(Self-Worth) . فعندما تقولين إنك لا تشعرين أنك تستحقين الأشياء الجميلة، فهذا مؤشر على انخفاض تقدير الذات لديك. لكن اعلمي أن قيمتك لا تُحدَّد برأي الآخرين فيك، بل بما تؤمنين به عن نفسك. يقول الإمام علي بن أبي طالب: "قَدْرُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ، وَصِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ، وَشَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ نَفْسِهِ."

 

وهذا يعني أن ثقتك بنفسك ستنمو بقدر ما تبذلينه من جهد لتطوير ذاتك وإيمانك بقيمتك الحقيقية.

 

العلاقات بين الناس، يا صغيرتي، تقوم على التفاعل والتواصل المستمر، وهي تحتاج إلى مهارات يمكن تعلمها بالتدريب، وليست موهبة فطرية فقط. ولذلك سأشرح لك بعض النقاط الأساسية لفهم طبيعة العلاقات الاجتماعية:

 

1- لا بد من تفاعلك التدريجي في مجتمعك..

 

فلا تحاولي تغيير نمط حياتك الاجتماعي فجأة، بل ابدئي بخطوات صغيرة.

 

تحدثي مع شخص واحد فقط في البداية، سواء من العائلة أو من معارفك، ثم وسّعي الدائرة تدريجيًّا.

 

2- حاولي أن تنمي بداخلك مهارة التواصل الفعّال (Effective Communication)، كوني أولاً مستمعة جيدة؛ فالناس يحبون من يستمع إليهم باهتمام.

 

ثم استخدمي لغة الجسد الإيجابية، مثل الابتسامة وإيماءات الرأس عند التفاعل. ولا تخشي طرح الأسئلة البسيطة لإظهار اهتمامك بالطرف الآخر.

 

3- من الجيد أن تتمتعي بالوعي بالإشارات الاجتماعية(Social Cues)

 

بعض الأشخاص يعبرون عن مشاعرهم بطريقة غير مباشرة؛ لذا أريدك أن تصبحي لماحة وتحاولي ملاحظة نبرة الصوت وتعابير الوجه لفهم نواياهم.

 

ثم لا تفترضي أن الجميع يكرهونك، فهذه مجرد فكرة سلبية غير قائمة على دليل حقيقي.

 

ولكي تتغلبي على خجلك وخوفك الاجتماعي، فلا بد أن تعرفي حبيبتي، أن الخجل ليس عيبًا، لكنه يصبح عائقًا عندما يمنعك من الاستمتاع بالحياة.

 

وهناك تقنية تسمى "إعادة التأطير الذهني" أو Cognitive Reframing، وهي تعني أنك يجب أن تعيدي وضع إطار جديد لأفكارك، بمعنى أن تستبدلي بالأفكار السلبية أخرى إيجابية. مثلًا، بدلًا من قول: "أنا مملة ولا أحد يريد صداقتي"، قولي: "أنا شخص لطيف وأحتاج فقط إلى التفاعل أكثر".

 

وقد جاء في الحديث النبوي: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أعظم أجرًا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"، وهذا يعني بضرورة انخراط الشخص في المجتمع، وأن الاختلاط بالناس يحتاج إلى صبر وتعلم مستمر ولكل منا أجر عليه إن شاء الله تعالى.

 

ثالثا: أما بالنسبة لاستفسارك عن كيف تصنعين الصداقات؟

 

فأنصحك بالآتي:

 

1- عليك باختيار البيئات المناسبة.. ابحثي عن أماكن تتيح لك لقاء أشخاص جدد مثل الأنشطة التطوعية، أو المجموعات التعليمية، أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي المفيدة (ولكن هنا لا بد أن تكون بحذر شديد، فهو عالم شبه افتراضي ولا تضمنين من تتحدثين معهم من الجنسين، حفظك الله).

 

2- ابحثي عن القواسم المشتركة.. فعند الحديث مثلا مع فتاة جديدة، (تكونين قد وثقتِ فيها جيدًا) اسأليها عن اهتماماتها، وشاركيها ببعض اهتماماتك.

 

وكوني متسامحة مع نفسك.. واعلمي أن الصداقة تحتاج إلى وقت، فلا تجبري نفسك على الاندماج سريعًا، بل دعي الأمور تسير بتلقائية.

 

* وقبل كل ما ذكرته لك، أوصيك –حبيبتي- أن تستعيني دومًا بالله تعالى وأن تتقربي إليه بالطاعات والعبادات، وتظني به خيرًا، لتكوني دومًا في معية الله، فالقرآن الكريم هو خير ونيس ومعلم، والله عز وجل أعلمنا في الحديث القدسي أن: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه؛ ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ؛ ذكرته في ملأٍ خير منه، وإن تقرب إليّ شبرًا؛ تقربت منه ذراعًا، وإن تقرب مني ذراعًا؛ تقربت منه باعًا، وإن أتاني يمشي؛ أتيته هرولة".

 

* ومن الضروري جدًّا تحسين علاقتك مع ذاتك بهذه النصائح السريعة الآتية:

 

- خصصي وقتًا لنفسك كل يوم لممارسة التأمل أو القراءة أو كتابة يومياتك.

 

- مارسي الامتنان أو الـ(Gratitude Practice) يوميًّا بكتابة ثلاثة أشياء تشكرين الله عليها.

 

- قولي لنفسك كلمات إيجابية يوميًّا، مثل: "أنا قوية"، "أنا محبوبة"، "أنا قادرة على بناء علاقات ناجحة".

 

وأخيرًا، يمكنك أن تتخذي من قول جبران خليل جبران مبدأ:

 

"إذا لم تجد من يسعدك، فحاول أن تسعد نفسك، وإذا لم تجد من يضيء لك الطريق، فحاول أن تمشي في الظلام وحدك، فالعتمة ليست مخيفة، لكن البقاء فيها هو المخيف."

 

وهمسة أخيرة إلى قلب ابنتي الحبيبة:

 

ابنتي، أنتِ لستِ وحدك، وأنتِ لستِ قليلة كما تظنين، أنتِ روح جميلة تحتاج فقط إلى أن ترى جمالها بنفسها.

 

ابدئي اليوم بخطوة صغيرة نحو التغيير، وأنا واثقة أنكِ ستنجحين بعون الله تعالى.

 

مع خالص محبتي ودعواتي لكِ بالتوفيق والطمأنينة.