كيف أتعافى عاطفيًّا بعد الطلاق؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : الطلاق وتبعاته
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 137
  • رقم الاستشارة : 3117
30/10/2025

لقد مررت بانفصال مؤلم، وأشعر بثقل الذكريات والندم، لكنني أرغب في بدء حياة جديدة. كيف أستطيع استعادة نفسي والتعافي عاطفيًا واجتماعيًا دون أن أظل أسيرة الماضي؟

الإجابة 30/10/2025

أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات.

 

بالفعل مشاعر الطلاق والانفصال مشاعرة قاسية ومؤلمة وحارقة بشدة، لذلك أنا أتفهم بشدة ما تمرين به، وأريد أن أخبرك أنك لست وحدك من يمر بهذه المشاعر، فكل من مر بتجربة الطلاق والانفصال يعاني من هذا الألم.

 

تختلف شدة الألم وفقًا لطول مدة الزواج ومدى المعاناة التي تمت معايشاتها في ظلاله، كما تختلف بحسب شخصية كل إنسان في القدرة على تحمل الألم، فالبعض لديه درجات صمود أعلى من غيره، ولكن الجميع يشترك في الألم.

 

هل تعرفين -يا عزيزتي- أن هناك لونًا من ألوان الأدب العالمي يطلق عليه أدب الطلاق يعتمد بشكل أساسي على شرح هذه المشاعر المؤلمة التي تكتنفك.. لو قرأت رواية "طعام.. صلاة.. حب.. امرأة تبحث عن كل شيء" الشهيرة لإليزابيث جيلبيرت ستجدين وصفًا مؤثرًا لتلك اللحظات التي يجمع فيها  الزوج الراحل أشياءه ويذهب وتظل هي جالسة على الأرض الباردة تعتصرها قبضة الحزن القاسية.. لذلك أقول لك تقبلي مشاعر الحزن هذه فهي مشاعر إنسانية عامة في شتى الثقافات، والرسول وصف طلاق المرأة بالكسر، والكسر مؤلم وبحاجة للوقت حتى يلتئم من جديد.

 

توديع الحزن

 

أختي الكريمة، يبدو لي من سطور رسالتك أنك امرأة قوية لديك الطاقة النفسية للبدء من جديد وتطمحين في ذلك، لذلك كتبت رسالتك إلينا ولو كنت غارقة في بحر الحزن العميق ما فكرت في البداية الجديدة، وهذه إشارة رائعة للغاية تعني أنك على وشك مغادرة أولى محطات الحزن الصدمة والإنكار، ولكننني أريدك أن تفرغي كل أحزانك قبل أن تنطلقي في المرحلة القادمة.. لا تقولي إنني تجاوزت وأنت ما زلت عالقة لم تتجاوزي ما حدث.. اكتبي ما تشعرين به من ألم دون أن تضعي مكابح لمشاعرك ولكن عقبي على ما تكتبين بطريقة إيجابية.. مثلا قولي إنني أتألم وأعاني من استرجاع الذكريات، ولكني عقّبي على هذا أنك على يقين أنها مرحلة وستمر وسينتظرك الخير بعدها، لأنه بعد العسر يسرًا، وهذا وعد رب العالمين.

 

حددي وقتًا معينًا لتفريغ هذه الانفعالات، فمساء كل يوم ستجلسين لمدة نصف ساعة مثلاً تكتبين ما يؤلمك، فإذا ما ألحت الأفكار على رأسك فقولي لنفسك عندما أخلو بدفتري سأقوم بتفريغ الحزن كله فيه، وحددي نهاية لهذا الحزن، وليكن ثلاثة أشهر مثلا "فترة العدة"، وفي اليوم الأخير قولي لنفسك هذا هو اليوم الأخير الذي سأعبر فيه عن حزني، واحتفلي بتمزيق أوراقك القديمة التي شهدت ألمك وحزنك.

 

بداية جديدة

 

أختي الكريمة، امنحي لنفسك الوقت الكافي للتعافي كما منحتها الوقت الكافي للحزن، فالوقت جزء من العلاج.. يبدأ التعافي بانطلاقة هوية جديدة لك، فالحياة الزوجية كانت بمثابة هوية تمزج بين فردين فلما انتهت لا بد من البحث عن هوية نفسية جديدة.. اجلسي مع نفسك وخططي لهذه الهوية.. تذكري أحلامك وأهدافك وهواياتك.. استعيدي شغفك وطموحاتك.. لا يشترط أن تضعي أهدافًا ضخمة ركزي في البداية على ثلاثة أهداف صغيرة في مناحي الحياة المختلفة، وعلى سبيل المثال:

 

* مراجعة جزء عم مع التدبر وقراءة التفسير، هذا هو هدف النهضة الإيمانية.

 

* تناول طعام صحي، هذا هو هدف نمط الحياة.

 

* المشاركة في العمل التطوعي في مجال حماية البيئة (اختاري المجال الذي يمثل شغفًا بالنسبة لك)، وهذا هدف الحياة الاجتماعية الجديدة.

 

* قومي باحضار دفتر جديد وأطلقي عليه دفتر الإنجازات سجلي فيه إنجازاتك الصغيرة يومًا بيوم، وسيكون لهذه التدوينات أثر جميل في رفع طاقتك النفسية.

 

البداية الجديدة -غاليتي التي- تبنين فيها هويتك وعلاقاتك الاجتماعية من جديد لن تحقق الهدف منها إلا بقطع الخيوط مع الماضي مع ليلة الوداع الأخيرة، وهذا يعني أن تقومي بحظر رقم زوجك السابق من على هاتفك ومن جميع منصات التواصل الاجتماعي، وألا تسألي عن أخباره بأي طريقة غير مباشرة، وألا تطلبي من الأشخاص الذين تربطهم بك وبه علاقة في الوقت ذاته أن يخبروك شيئًا عن أخباره حتى تمنعي تغذية الذكريات القديمة بذكريات جديدة.

 

البداية الجديدة تعني أيضًا أن تتجني الأماكن التي تثير شجونك وذكرياتك وتستبدلي بها أماكن أخرى وعادات جديدة .. حتى لون شعرك غيريه.. نمط ملابسك استبدليه (بما يتوافق مع الأحكام الشرعية)، هذه التفاصيل الصغيرة تعزز قوتك على التعافي.

 

همستي الأخيرة لك أن تدركي أن التعافي لا يسير في خط مستقيم دائمًا؛ لأنه من الوارد أن يحدث بعض الانتكاسات الصغيرة.. بعض الذكريات تخترق طبقات الوعي.. خبر تسمعينه دون قصد أو تعمد فيؤلمك قلبك، ولكن اختيارك أن تكوني مؤلفة الفصل القادم من كتاب حياتك سيجعلك لا تقعين ضحية لهذه الانتكاسات الصغيرة التي تذكرك بكونك ضحية أو حتى مذنبة فهذا لم يعد يجدي نفعًا، فالتجربة انتهت وأنت أفرغت كل مشاعر الحزن وقمت بتوديعه وأنهيت هذا الفصل من حياتك.

 

والآن فكل جهودك ستنصب للفصل الجديد بهويتك الجديدة، وإن أردت اكتبي لنا أكثر عن تفاصيل حياتك حتى نقدم لك أفكارًا ملهمة تساعدك على استكشاف خطواتك القادمة.. أسعد الله قلبك ويسر أمورك كلها، وتابعينا بأخبارك دائمًا.

 

روابط ذات صلة:

ضياع بعد الطلاق.. أفكر في الانتحار

انهارت حياتي بعد الطلاق.. فهل هناك أمل؟

حياتي الصعبة بعد الطلاق!

مُطلّق جريح.. كيف أتعافى؟

الرابط المختصر :