هل التحدث بنعم الله واجب على كل مسلم؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
  • القسم : علوم القرآن والحديث
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 251
  • رقم الاستشارة : 2705
17/09/2025

الله تبارك وتعالى يقول: "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ " فهل ذلك يعنى أن التحدث بنعم الله على الإنسان أمام الأخرين واجب؟ وماذا لو كان السائل يخشى لو تحدث بنعم الله أن يتهم بالمفاخرة والعجب؟

الإجابة 17/09/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالخطاب في هذه الآية موجه للنبي ﷺ بصفة خاصة، ولأمته بصفة عامة، والنعمة هي النبوة على الرأي الراجح، والتحدث بالنعمة واجب في حق النبي ﷺ وجائز أو مستحب في حق أمته، بشرط ألا يؤدي التحدث بالنعمة إلى الغرور أو العجب والتفاخر، فإن أدى إلى ذلك فلا يفعل، وليس شرطًا أن يكون التحدث بالنعمة عن طريق الكلام فقط، لكن قد يكون بالعمل، لقوله تعالى ﴿... اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13].

 

نعم الله على نبيه كثيرة

 

جاء في تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور –رحمه الله-:

 

أما مساواة الأمة له في الأمر بالتحدث بنعمة الله فإن نعم الله على نبيه ﷺ شتّى منها ما لا مطمع لغيره من الأمة فيه، مثل نعمة الرسالة ونعمة القرآن ونحو ذلك من مقتضيات الاصطفاء الأكبر، ونعمة الرب في الآية مُجملة.

 

فنعم الله التي أنعم بها على نبيه ﷺ كثيرة منها ما يجب تحديثه به وهو تبليغه الناس أنه رسول من الله وأن الله أوحى إليه وذلك داخل في تبليغ الرسالة، وقد كان يُعلم الناسَ الإِسلام فيقول لمن يخاطبه أن تشهد أن لا إلٰه إلا الله وأني رسول الله.

 

ومنها تعريفه الناس ما يجب له من البر والطاعة كقوله لمن قال له: "اعدل يا رسول الله فقال: أيأمنُني الله على وحيه ولا تأمنوني"، ومنها ما يدخل التحديث به في واجب الشكر على النعمة فهذا وجوبه على النبي ﷺ خالص من عُروض المعارض لأن النبي ﷺ معصوم من عروض الرياء ولا يظن الناس به ذلك فوجوبه عليه ثابت.

 

وأما الأمة فقد يكون التحديث بالنعمة منهم محفوفًا برياء أو تفاخر. وقد ينكسر له خاطر من هو غير واجد مثل النعمة المتحدث بها. وهذا مجال للنظر في المعارضة بين المقتضي والمانع، وطريقة الجمع بينهما إن أمكن أو الترجيح لأحدهما.

 

النهي عن تزكية النفس

 

وفي «تفسير الفخر»: سئل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه عن الصحابة فأثنى عليهم فقالوا له: فحدثنا عن نفسك فقال: مهلاً فقد نهى الله عن التزكية، فقيل له: أليس الله تعالى يقول: {وأما بنعمة ربك فحدث} فقال: فإني أُحدِّث كنتُ إذا سُئلتُ أعطيت. وإذا سُكِت ابتديت، وبين الجوانح علم جَم فاسألوني. فمن العلماء من خَص النعمة في قوله: {بنعمة ربك} بنعمة القرآن ونعمة النبوءة وقاله مجاهد. ومن العلماء من رأى وجوب التحدث بالنعمة. رواه الطبري عن أبي نضرة.

 

وقال القرطبي: الخطاب للنبي ﷺ والحكم عام له ولغيره. قال عياض في «الشفاء»: وهذا خاص له عام لأمته.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :