بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فالحديث مختلف على تصحيحه كما ذكر السائل الكريم، ولكل عالم طرقه في التصحيح والتضعيف، ومعناه أن عدد النساء الذين يدخلون الجنة بالنسبة للرجال قليل، مثل لون هذا الغراب النادر بين الغربان، والغراب الأعصم هو من كانت إحدى قدميه بيضاء أو جناحيه، والراجح أنه صحيح؛ حيث إن له شواهد أخرى متفق على صحتها في البخاري ومسلم، قال رسول الله ﷺ: ورأيت النار فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء، قالوا: بِمَ يا رسول الله؟ قال: بكفرهن. قيل: بكفرهن بالله؟ قال: بكفرهن العشير وبكفرهن الإحسان.

والظاهر أيضًا أن النساء كما هن أكثر أهل النار هن أكثر أهل الجنة عملاً بالجمع بين الأحاديث الأخرى، روى مسلم بسنده عن محمد بن سيرين قال: إما تفاخروا، وإما تذاكروا الرجال في الجنة أكثر أم النساء؟ فقال أبو هريرة: أولم يقل أبو القاسم ﷺ: إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة ليلة البدر، والتي تليها على أضوء كوكب دري في السماء، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب، وفي رواية لمسلم أيضًا: اختصم الرجال والنساء أيهم في الجنة أكثر؟ فسألوا أبا هريرة فقال: قال أبو القاسم... فهذا الحديث لا يتعارض مع الأحاديث القاضية بأن أكثر أهل النار النساء، لأن النساء أكثر أهل النار وأكثر أهل الجنة.

قال الإمام النووي في شرح مسلم: قال القاضي: ظاهر هذا الحديث أن النساء أكثر أهل الجنة، وفي الحديث الآخر أنهن أكثر أهل النار. قال: فيخرج من مجموع هذا أن النساء أكثر ولد آدم. قال: وهذا كله في الآدميات، وإلا فقد جاء للواحد من أهل الجنة من الحور العدد الكثير.

وبعض روايات الحديث تتحدث عن فئة معينة من النساء وهن المتبرجات المائلات المميلات، كما ورد في سنن البيهقي: قال رسول الله ﷺ خير نسائكم الودود الولود، المواتية المواسية، إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات، وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهم إلا مثل الغراب الأعصم.

والأحاديث يشرح بعضها بعضًا، فهذه الرواية تؤكد على أن هذا خاص بنوعية عاصية متكبرة منافقة من النساء، وهذا وغيره يجعل المرأة أشد حرصًا على دينها ومسارعة في الخيرات.

والله تعالى أعلى وأعلم.