Consultation Image

الإستشارة 23/03/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا طالب جامعي، ولي صديق يجتهد كثيرًا في المذاكرة، ويحرص على حفظ الكتب، لكنه مع ذلك لا يثق في أنه سينجح، رغم أخذه بالأسباب وبذله الجهد المطلوب، مما يجعله يعيش في قلق وخوف دائم من الفشل، وقد يؤثر هذا التوتر على أدائه في الامتحانات.

أريد طريقة علمية وعملية أساعده بها ليزداد طمأنينة، ويثق بأنه قد اجتهد، وأخذ بالأسباب التي أمر الله بها، كما أود أن أعرف المهارات اللازمة للتفوق والتميز لأستفيد منها أنا وهو، حتى نحقق النجاح المستمر، ونكون قدوة حسنة باسم الإسلام والمسلمين. فكيف نصل إلى ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابة 23/03/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

 

فأسأل الله تعالى ابتداء لك أخي الكريم البركة والخير كله؛ ببركة سعيك لصالح إخوانك وزملائك، فبارك الله فيك وفي حرصك على مساعدة صديقك، فطلب العلم والاجتهاد فيه من أعظم القربات، وهو من أسباب رفعة الإنسان في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾.

 

وتحقيقا للفائدة، اسمح لي أقدّم لك ولصديقك ولكل طلابنا في مراحل التلقي بعض الحقائق والنصائح حول ما سألت، وهو أمر عظيم.

 

أولًا: أهمية الثقة بالنفس بعد الأخذ بالأسباب

 

الاجتهاد في المذاكرة وبذل الجهد لا بد أن يصاحبه يقين وتوكل على الله؛ فالثقة بالله ثم بالنفس عنصـر أساسي للنجاح والتفوق، وقد أرشدنا النبي ﷺ إلى ذلك بقوله: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز" [رواه مسلم]. والطالب الذي يجتهد ثم يشك في نجاحه يقع في مشكلتين:

 

الأولى: ضعف اليقين بوعد الله للمجتهدين، والله تعالى يقول: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾ فالنتائج مرتبطة بالسعي والاجتهاد.

 

الثانية: إهدار طاقته في القلق بدلًا من التركيز على تحقيق النجاح، فينشغل بالخوف من الفشل بدلًا من العمل لتحقيق النجاح. لذلك، لا بد أن يدرك صديقك أن النجاح ثمرة طبيعية للاجتهاد بإذن الله، وأن الخوف المفرط قد يكون سببًا في التعثر، وليس العكس.

 

ثانيًا: مهارات التفوق والنجاح

 

لتحقيق التفوق الدراسي، لا يكفي الحفظ والمذاكرة فقط، بل هناك مهارات أساسية لا بد من امتلاكها، منها:

 

1) تنظيم الوقت بفعالية، وذلك بوضع جدول يومي يتناسب مع طبيعة المواد الدراسية، مع تخصيص أوقات للراحة لتجنب الإرهاق الذهني.

 

2) المذاكرة الذكية، باستخدام أساليب فعالة مثل التلخيص، والخرائط الذهنية، وتقنية “المراجعة النشطة”، التي تعتمد على تكرار المعلومات بطريقة منظَّمة.

 

3) التفاعل مع الدروس، من خلال مناقشة المعلومات مع الزملاء أو شرحها للآخرين، مما يساعد على تثبيتها بشكل أفضل.

 

4) تعزيز الثقة بالنفس والتوكل على الله، واليقين بأن الاجتهاد لا يضيع، وأن الفشل مجرد تجربة للتعلم وليس نهاية الطريق.

 

5) تحقيق التوازن بين الدراسة والراحة؛ فالدمـاغ يحتاج إلى فترات استراحة ونوم كافٍ ليستوعب المعلومات بشكل جيد.

 

6) استخدام التفكير الإيجابي، فبدلًا من القول: "أنا قد أفشل"، ينبغي أن يكون التفكير: "سأبذل جهدي وأتوكل على الله، وأحقق أفضل ما يمكن".

 

7) المحافظة على الأذكار والاستعانة بالله، فقراءة القرآن، وخاصة سورة الفاتحة، وآية الكرسي، والمعوذتين، تعطي القلب طمأنينة وتزيد الإنسان يقينًا وثباتًا.

 

ثالثًا: خطوات عملية لطمأنة صديقك

 

* ذكّره بأنه قد بذل الأسباب المشروعة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

 

* ساعده على التخلص من التفكير السلبي، واستبدال به أفكارًا إيجابية، مثل: "أنا قادر على النجاح"، "لقد اجتهدت وسأنال ثمار جهدي".

 

* شجّعه على جلسات المراجعة الجماعية؛ فالعمل الجماعي يعزز الثقة ويقلل التوتر.

 

* حفّزه بقراءة قصص الناجحين والعلماء الذين مرّوا بتحديات كبيرة لكنهم تخطّوها بإصرارهم وتوكلهم على الله.

 

* ذكّره بأن الإخفاق ليس نهاية الطريق، بل هو فرصة لتعلم الدروس وتصحيح الأخطاء، وأن الناجحين مروا بتجارب صعبة قبل أن يصلوا إلى القمة.

 

رابعًا: التفوق والتميز لتمثيل الإسلام بصورة حسنة

 

فالمسلم المتفوق هو سفير لدينه، ويعكس صورة الإسلام الحقيقية، لذلك لا بد من الحرص على التميز في العلم والمعرفة، فالنجاح في التخصصات العلمية والأكاديمية يعزز مكانة المسلمين بين الأمم، وكذا الأخلاق والسلوك، فالمتفوق يجب أن يكون قدوة في أخلاقه قبل علمه، فضلا عن الالتزام بالقيم الإسلامية، لأن الجمع بين التفوق العلمي والالتزام بالدين هو ما يصنع الشخصية النموذجية التي تمثل الإسلام خير تمثيل.

 

وأخيرًا، ذكِّر صديقك بأنّكَ قد اجتهدت، والله لا يضيع أجر من أخذ بالأسباب، فثق بأن الله سيكافئك على سعيك، وقل دائمًا: "حسبي الله ونعم الوكيل"، واستمر في العمل، فكل مجتهد سيصل بإذن الله، والمثابرة هي سر النجاح.

 

ونسأل الله أن يوفقك ويوفق صديقك، ويرزقكما النجاح والتميز، وأن يجعلكما من عباده الصالحين الذين ينفعون الأمة بعلمهم وأخلاقهم.. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

الرابط المختصر :