الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
50 - رقم الاستشارة : 1801
30/04/2025
أنا شاب جامعي، ولدي أصدقاء بدأت تتسلل إلى أفكارهم بعض الشبهات الإلحادية، وأخشى أن تؤثر هذه الأفكار عليهم وتبعدهم عن الإيمان الحق. أريد أن أتعامل مع هذه الحالة بحذر ووعي، فأنا لا أريد أن أفقدهم أو أكون سببًا في تكريس هذه الأفكار في أذهانهم. ما هي الطريقة الصحيحة للحوار معهم؟ وكيف يمكنني دعوتهم إلى الحق دون أن أكون قاسيًا أو أضغط عليهم؟ وهل هناك نصائح عملية لهذا النوع من الحوار؟
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد:
فمرحبا بك أخي الفاضل، واعلم بأنّ الارتباك الذي يشعر به الشباب عند مواجهة أفكار الإلحاد والشكوك الدينية هو أمر طبيعي في ظل الأوضاع المعاصرة، التي كثرت فيها التحديات الفكرية. لكن تذكر دائمًا أن إيمانك بالله وحقائق دينك هي الأساس الذي يجب أن تقوم عليه دعوتك. من خلال التوجيه الحكيم والصبر، يمكن أن تتحقق الفائدة إن شاء الله. إليك بعض النقاط المهمة للتعامل مع هذا الموضوع بطريقة فعالة، مؤثرة ومتوازنة.
أولًا: فهم خلفية الإلحاد وأسباب انتشاره
قبل أن تدخل في حوار مع أصدقائك الذين تأثروا بالأفكار الإلحادية، يجب عليك أن تفهم جيدًا أسباب هذه الشبهات. فالإلحاد غالبًا لا يأتي نتيجة للشك في الوجود الإلهي فحسب، بل قد يكون نتيجة للعديد من العوامل النفسية، الاجتماعية أو حتى الفلسفية. فقد يكون السبب هو الإحباط من بعض التجارب الحياتية أو تأثيرات وسائل الإعلام أو الفهم المغلوط للدين.
ثانيًا: كيف تبدأ الحوار بشكل مؤثر؟
1. ابدأ بالإنصات: كن مستمعًا جيدًا لأصدقائك. هذا سيساعدك في فهم الأفكار التي يتبنونها، ويمكنك من معرفة المداخل المناسبة للحديث. إذا شعروا أنك مهتم بما يقولون، سيكونون أكثر استعدادًا للاستماع إليك.
2. الحديث بلطف وحكمة: قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَقُل لَّهُمْ فِى أَنفُسِهِمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾، إياك أن تكون قاسيًا في حديثك، بل تذكر دائمًا أن الدعوة إلى الله يجب أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة. استخدم أسلوبًا مبسطًا، وابتعد عن التهجم أو الاستهزاء.
3. طرح الأسئلة: استخدم أسلوب الأسئلة بدلاً من التوجيه المباشر. طرح أسئلة مثل: "كيف تفسر وجود الكون بهذا النظام الدقيق؟" أو "إذا لم يكن هناك خالق، فما تفسيرك للقيم الإنسانية التي تؤمن بها؟" يمكن أن يكون له تأثير كبير على طريقة تفكيرهم.
4. استخدم الأدلة العقلية والنقلية: كن مستعدًا للرد على الشبهات بطريقة علمية مدروسة. استخدم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأدلة العقلية. مثلًا، في الرد على فكرة إنكار وجود الله، يمكنك أن تسألهم: ﴿فَاطِرُ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضِ﴾، فهناك ارتباط قوي بين وجود المخلوقين ووجود الخالق. أيضًا يمكنك الحديث عن الكون وآيات الله فيه التي تشهد على وجوده وعظمته. قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾.
ثالثًا: تعزيز الإيمان بالله وبالدين
في حوارك مع أصدقائك، لا تقتصر على نقد الأفكار الإلحادية فقط، بل حاول أن تبني فيهم إيمانًا بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته. بيّن لهم عظمة الله وكمال قدرته في خلق الكون، وحاول أن تفتح لهم أبوابًا لفهم الإسلام الصحيح.
رابعًا: النصائح العملية لتثبيتهم على الحق
1. كن قدوة لهم: الحوار المثمر يبدأ أولًا من نفسك. كن قدوة في الالتزام بالصلاة، والقيام بالعبادات، وتحقيق السلوك الإسلامي. "قدوة المسلم" هي أكثر إقناعًا من أي حديث قد يقال.
2. الاستمرار في الدعوة: فالدعوة ليست لمرة واحدة فقط. استمر في توجيه النصائح وتعليمهم، ولكن دون أن تشعرهم بالضغط. فالدعوة بالتكرار، والحوار اللطيف، والعمل المتواصل هو ما يثمر.
3. المشاركة في الأنشطة الدينية: اعرض عليهم المشاركة في الأنشطة الإسلامية، مثل حلقات الذكر، المحاضرات، أو حتى البحث المشترك في قضايا دينية. هذه الأنشطة تبني أساسًا قويًّا من المعرفة وتدعم تفاعلهم مع المجتمع المؤمن.
4. الدعاء لهم بالهداية: اللجوء إلى الله هو الوسيلة الأعظم لتثبيت الناس على الحق. دعُوهم لله الهداية في صلواتك، واطلب من الله أن يفتح قلوبهم للحق.
وإليك بعض الوصايا العملية التي تساعدك بشكل إيجابي:
1. ابقَ دائمًا في جو من التفاؤل والثقة في الله: الهداية بيد الله وحده، فكن واثقًا أن الله سيهدي من يشاء.
2. تعلم المزيد عن الرد على الشبهات: ابحث واطلع على الكتب التي ترد على الشبهات الفكرية مثل كتاب "حوار مع صديقي الملحد، للدكتور مصطفى محمود: وكتاب "وهم الإلحاد" للدكتور عمرو شريف، والرد على شبهات الملحدين" أو "قصة الإيمان في الإسلام".
3. اجعل دعوتك دائمة، لا تتوقف عند فكرة واحدة أو نقطة معينة.
حفظك الله بحفظه ووفقك لكل خير.