Consultation Image

الإستشارة 30/03/2025

نحن أبوان نحرص على تربية أبنائنا تربية إسلامية متوازنة، ونريد أن نستثمر أيام عيد الفطر المبارك بعد شهر الصيام في غرس القيم الإيمانية والسلوكية والتربوية في نفوسهم، إلى جانب توفير أجواء الفرح والترفيه. كيف يمكننا أن نحقق هذا التوازن، ونخطط لبرنامج أسري شامل يحقق الفائدة الدعوية والتربوية والسلوكية والترفيهية لأبنائنا؟

الإجابة 30/03/2025

أيها الأب الكريم، أيتها الأم الفاضلة، نرحب بكما على صفحات بوابة الاستشارات بمجلة المجتمع، ونشكركما على حُسن الهِمّة، ورفع الله قدركما في العالمين، وحفظ لكما الذرية من كل سوء.

 

واعلما أن عيد الفطر ليس مجرد يوم فرح عابر؛ بل هو منحة ربانية وفرصة ذهبية لغرس القيم في نفوس أبنائنا بأسلوب عملي وترفيهي في آنٍ واحد، فكما كان رمضان مدرسة للصيام والتقوى والصبر، ينبغي أن يكون العيد مدرسة للفرح الملتزم والتواصل والرحمة والتكافل، ولذا إليكم الآتي:

 

أولًا: اجعلوا العيد مناسبة إيمانية تربوية

 

العيد ليس فقط ملابس جديدة وهدايا، بل هو مناسبة لغرس القيم الإيمانية العميقة في قلوب الأبناء، مثل:

 

1) تعويدهم على شكر الله: علّموهم أن العيد نعمة عظيمة يجب أن نشكر الله عليها، قال تعالى: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ واغرسوا فيهم قيمة التكبير من بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان حتى صلاة العيد، وذكّروهم بأن الفرحة الحقيقية ليست فقط في اللباس الجديد، بل في رضا الله عنا بعد شهر من الطاعة.

 

2) تدريبهم على العطاء والكرم: اجعلوا العيد فرصةً لتعليمهم قيمة الصدقة والعطف على الفقراء، امتثالًا لقوله ﷺ: "أَغْنُوهُمْ عن السُّؤَالِ في هذا اليومِ"، ويمكن أن تشركوهم في إخراج زكاة الفطر، واجعلوهم يقدّمونها بأيديهم للفقراء، ليشعروا بقيمة العطاء، ويمكن تخصيص جزء من العيدية لإعطاء المحتاجين، ليكبروا وهم يدركون أن الفرح الحقيقي هو في إسعاد الآخرين.

 

ثانيًا: اجعلوا العيد فرصة لصلة الرحم وتعزيز الروابط الأسرية

 

العيد هو فرصة ذهبية لتعليم الأبناء أهمية صلة الرحم والبر بالأقارب والجيران، كما قال النبي ﷺ: "مَن كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".

 

كيف تحققون ذلك؟

 

خططوا لزيارة الأجداد والأقارب، وعرّفوا أبناءكم بأهمية هذه الزيارات، وعلموهم آداب العيد، مثل: الابتسامة في وجه الآخرين، وتبادل التهاني بطريقة راقية، عدم الإسراف في المأكل والمشرب، تقديم الهدايا الرمزية لإدخال السرور على القلوب.

 

ثالثًا: اجعلوا العيد فرصة للتربية السلوكية

 

فالعيد هو وقت البهجة والانطلاق، لكنه لا يعني الفوضى أو الانحراف السلوكي؛ لذا يجب ضبط استخدام الأجهزة الإلكترونية، بحيث لا يتحول العيد إلى ساعات ضائعة أمام الشاشات، مع ترسيخ احترام قيمة الوقت، بأن يكون هناك برنامج واضح للعبادة والترفيه والزيارات، مع تعليم الأبناء التحكم في مشاعرهم، بحيث لا يكون الفرح مفرطًا فينسيهم الأدب والاحترام.

 

رابعًا: اجعلوا العيد مناسبة للفرح المباح والترفيه الهادف

 

فالإسلام دين الفطرة، والعيد ليس فقط للعبادة الشعائرية فحسب؛ بل هو أيضًا للفرح المباح، فقد قال النبي ﷺ: "لِتَعْلَمَ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً، إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ". 

 

كيف يكون الترفيه هادفًا؟ وذلك عن طريق ما يأتي كأمثلة ونماذج وليست للحصر:

 

* تنظيم مسابقات ثقافية ودينية داخل العائلة عن رمضان والعيد.

 

* إقامة جلسات حوارية تربوية حول دروس رمضان، مثل الصبر، الإحسان، التضحية.

 

* رحلات عائلية تجمع بين الترفيه والتواصل الأسري.

 

* ممارسة الألعاب الحركية التي تجمع العائلة وتشيع البهجة.

 

خامسًا: اجعلوا العيد درسًا في الأخوة الإسلامية

 

العيد فرصة لتعليم الأبناء أن الأمة الإسلامية جسدٌ واحد، فيفرحون مع من حولهم، لكن لا ينسون معاناة إخوانهم في فلسطين وسوريا واليمن وغيرها.

 

كيف نحقق ذلك؟ عن طريق:

 

* تخصيص دعاء خاص للأمة الإسلامية خلال صلاة العيد.

 

* التحدث مع الأبناء عن معاناة المظلومين والمحتاجين، وربطهم بقضايا أمتهم.

 

* إشراكهم في مشاريع خيرية لدعم المحتاجين، سواء بالتبرع أو المشاركة في حملات التوعية.

 

وختامًا:

 

أيها الأب الكريم، أيتها الأم الفاضلة، العيد ليس مجرد مناسبة للفرح، بل هو محطة تربوية عظيمة يمكن من خلالها غرس القيم الإيمانية، وتعزيز الروابط الأسرية، وضبط السلوكيات، وإدخال الفرح المباح إلى القلوب. استثمروا هذه الأيام بحكمة وتخطيط، حتى يكون العيد عند أبنائكم أكثر من مجرد ملابس جديدة، بل ذكرى جميلة تحمل دروسًا تبقى معهم مدى الحياة، حفظكم الله بحفظه وأدام عزّكم، ورفع قدركم، وحفظ لكم ذريتكم من كل سوء وبلاء.

الرابط المختصر :