Consultation Image

الإستشارة 22/03/2025

أيها السادة الكرام ببوابة الاستشارات: أنا خطيب جمعة وداعية، وأدرك أن طلب العلم من أعظم القربات، وأرى حاجة ملحة لتوجيه الطلاب إلى التفوق الدراسي، وضرورة إرشاد أوليائهم ومعلميهم إلى دورهم في بناء جيل ناجح علميًّا وأخلاقيًّا. فما هي التوصيات العملية التي يمكنني تقديمها للأطفال، وللطلاب، وللآباء والأمهات، وللمعلمين، وللمؤسسات التعليمية، بحيث تحقق التكامل بين العلم والتربية، وبين المعرفة والسلوك؟

الإجابة 22/03/2025

أخي الداعية الكريم:

 

أحسن الله إليك، فموضوع التفوق الدراسي لا يقتصر على الطالب وحده، بل هو نتاج منظومة متكاملة تشمل الأسرة والمدرسة والمجتمع، ولهذا فإن التوجيه ينبغي أن يشمل جميع هذه الأطراف، مستنيرًا بمنهج الإسلام، ومستفيدًا من أحدث الأساليب التربوية، ولعلّي أُوجِز لك بعض الحقائق والمفاهيم والوصايا التربوية والتعليمية؛ لتبلغها للجماهير على هيئة سلسلة دعوية تربوية، وذلك على نحو ما يأتي:

 

أولًا: وصايا للطلاب والتلاميذ، ومنها:

 

- الإخلاص في طلب العلم: فاجعل نيتك في الدراسة خالصة لله، واحتسب الأجر عنده، كما قال النبي ﷺ: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة».

 

- تنظيم الوقت والمذاكرة الفعالة: خصص أوقاتًا ثابتة للدراسة، وتجنب التسويف والتأجيل، واستخدم أساليب التعلم النشط، مثل تلخيص الدروس وطرح الأسئلة على نفسك.

 

- الحرص على الفهم قبل الحفظ: فلا تجعل دراستك مجرد حفظ، بل احرص على فهم الدروس جيدًا، فذلك مما يعين على رسوخ المعلومات.

 

- صحبة الأقران الصالحين والمجتهدين: فالمرء يتأثر بمن حوله، ورفقة الصالحين المجتهدين تعينك على الجد والاجتهاد.

 

- التوازن بين الدراسة والعبادة والترفيه؛ ولا تنسَ حق الله عليك بالصلاة والذكر، كما لا تنسَ أن تمنح نفسك وقتًا للراحة والترفيه المباح حتى لا يصيبك الملل.

 

ثانيًا: توجيهات لأولياء الأمور

 

- غرس حب العلم في نفوس الأبناء: اجعل التعلم أمرًا مشوقًا لأبنائك، وحدثهم عن فضائل العلماء ومكانة العلم في الإسلام، فقد قال الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَٰتٍ﴾.

 

- توفير بيئة مناسبة للدراسة، فيمكن تخصيص مكان هادئ ومنظم لمذاكرة الأبناء، بعيدًا عن الملهيات والمشوشات.

 

- المتابعة دون ضغط أو مقارنة: شجِّع أبناءك على بذل الجهد دون أن تقارنهم بغيرهم، فلكل طفل قدراته الخاصة.

 

- التواصل الفعّال مع المدرسة؛ كن على تواصل مستمر مع المعلمين لمعرفة مستوى أبنائك وكيفية دعمهم.

 

- القدوة العملية: أظهر حبك للقراءة والتعلم؛ فالأبناء يتأثرون بآبائهم أكثر مما يتأثرون بكلامهم.

 

ثالثًا: إرشادات للمعلمين والمعلمات

 

- التدريس بإخلاص واحتساب: جدد نيتك في تعليم الطلاب، واحتسب الأجر عند الله، فقد قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث… أو علم يُنتفع به» (رواه مسلم).

 

- استخدام الأساليب التفاعلية؛ اجعل الحصة مشوقة، واستخدم أساليب متنوعة تناسب الفروق الفردية بين الطلاب.

 

- الاهتمام بالتربية بجانب التعليم؛ فالمعلم ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو مربٍ ومؤثر في نفوس طلابه، مثل موقف الشافعي مع الربيع بن سليمان، والذي صبر على تعليمه بعد بطء فهم، حتى صار أستاذ المذهب بعد وفاة الشافعي في مصر.

 

- تشجيع الطلاب وتعزيز ثقتهم بأنفسهم: فامدح الجهد وليس فقط النتائج، وحفّز الطلاب على الاجتهاد بالدعوات الطيبة والتقدير المعنوي والمادي.

 

رابعًا: دور المؤسسات التعليمية والتربوية

 

- خلق بيئة تعليمية محفزة: توفير بيئة مدرسية تشجع على التعلم، وتدمج الأنشطة الهادفة ضمن العملية التعليمية.

 

- الاهتمام بالقيم الأخلاقية بجانب التفوق العلمي: فالتعليم بلا أخلاق لا يثمر جيلاً نافعًا، لذا يجب الجمع بين العلم والتربية.

 

- التكامل بين البيت والمدرسة: عبر تنظيم لقاءات دورية مع أولياء الأمور لتعزيز التعاون في تربية الطلاب.

 

- توفير الدعم النفسي للطلاب: فالاهتمام بالصحة النفسية للطلاب يساعدهم على التفوق الدراسي.

 

ومن ثمرات التفوق الدراسي والتربية السليمة ما يأتي:

 

1. تحقيق نهضة المجتمع؛ فالأمم لا تقوم إلا بالعلم والعمل.

 

2. تنشئة جيل صالح قادر على تحمل المسؤولية.

 

3. تحقيق السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة.

 

وأخيرا فإنّ التفوق الدراسي ليس مسؤولية الطالب وحده، بل هو ثمرة تضافر جهود الأسرة والمدرسة والمجتمع، وعندما نغرس في أبنائنا حب العلم، ونعينهم عليه، فإننا نسهم في بناء مستقبل مشرق للأمة الإسلامية.

 

وأسأل الله أن يعينك على توصيل هذه المعلومات، ونفعك الله وقومك بها.

الرابط المختصر :