بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فعلى الرغم من الفوائد التي يمكن للمسلم تحصيلها من الذكاء الصناعي فإن هناك مضار تدمر الفرد والأسرة والمجتمع، ومن أخطرها ممارسة الجنس عن طريق الذكاء الصناعي، وهو وإن كان لا تتحقق فيه شروط الزنى الموجب للحد فإنه أكثر خطرًا من الاستمناء، ومثل ذلك ما يسمى بالدمى أو العرائس الصناعية التي يمارس الشاب معها هذه العلاقة، حيث إنه اعتداء على مقصد مهم من مقاصد الشريعة الإسلامية الكلية وهو حفظ النسل أو النسب، فلو انصرف الشباب من الجنسين أو عدد كبير منهم إليه – لا قدر الله- فقد انهدم هذا المقصد الكلي الذي يحقق عمارة الأرض والاستخلاف فيها.

وهو أمر مع التقدم العلمي الهائل والسريع لا يكلف الرجل أعباء نفسية كبيرة في تحمل مسئولية إقامة الأسرة؛ الرجل في التكلفة المادية، والمرأة في الحمل والرضاع والحضانة، وبالتالي تهدم الأسرة التي هي اللبنة الأساسية في المجتمع.

يقول الدكتور عبد المجيد النجار في كتابه الماتع "مقاصد الشريعة بأبعاد جديدة":

والنسل في اللغة هو الخلق أو الولادة، ويطلق أيضًا على الولد باعتبار أنه نتيجة للولادة، وهو من باب إطلاق أسماء المقدمات على النتائج كما هو مستعمل في لسان العرب، وقد جاء في علم المقاصد أن حفظ النسل من المقاصد الضرورية الخمسة، وعبّر عنه أحيانًا بحفظ النسب، كما عبّر عنه أيضًا بحفظ الأبضاع، وكان تناوله بالبحث يضيق فيه المدلول أحيانًا حتى يقتصر على حفظ الأنساب، بمعنى حفظ نسبة الأبناء إلى الآباء، ويتسع أحيانًا أخرى حتى يشمل إنجاب الأولاد ورعايتهم بالتربية بالإضافة إلى حفظ الأنساب. ونحن نميل بمدلول حفظ النسل إلى التوسع بحيث يشمل جملة من المعاني.

ومن تلك المعاني لحفظ النسل استمرارية تجدد أجيال المجتمع بإنجاب العدد الكافي من الولد بحيث يعوض عددهم ما يهلك من الأفراد أو يزيد عليه، فيكون المجتمع إذن في نمو عددي مطرد يحفظ له حيويته وشبابه وقوته.

ومن معاني حفظ النسل حفظ النسب، وذلك بأن يكون نسب الأبناء إلى آبائهم أمرًا معلومًا، وأن يكون حاصلاً بالطريقة الشرعية المتمثلة في الزواج بشروطه وأحكامه، فهذا الانتساب إلى الأسرة بالطريقة الشرعية من شأنه أن يجعل النسل أي الولد شديد الانتماء إلى مجتمعه بشدة انتمائه إلى أسرته التي هي اللبنة الأولى للمجتمع، كما تجعل الأسرة شديدة الإحاطة به والرعاية له، وكل ذلك ينعكس قوة في النفس وتوازنًا في الشخصية وانسجامًا مع المجتمع.

ومن معانيه أيضًا رعاية الولد من قبل الأسرة خاصة ومن قبل المجتمع بصفة عامة رعاية تمتد في الزمان من لدن الولادة بل مما قبلها حتى الاعتماد على النفس بالبلوغ.

والله تعالى أعلى وأعلم.

روابط ذات صلة:

التواصل العاطفي والجنسي عبر الواقع الافتراضي (الميتافيرس)

حكم التحرش الإلكتروني والمحادثات الجنسية عبر مواقع التواصل