قلق الداعية الشابة أمام تحديات التأثير

Consultation Image

الإستشارة 06/10/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا فتاة أشارك في الأنشطة الدعوية في جامعتي، وأحرص على تنظيم حلقات تحفيظ القرآن، ودروسًا في السيرة النبوية، ونشاطات اجتماعية تربوية بين الطالبات. لكن أحيانًا أشعر بالقلق والخوف من أن تكون جهودي بلا أثر، أو أنني لا أستطيع التأثير على زميلاتي كما كنت أطمح، خاصة عندما أواجه الإحباط أو اللامبالاة. أحيانًا يثقل قلبي شعور بأن الدعوة مهمة شاقة، وأن ثمرتها غير مؤكدة. فكيف يمكن لشابة في ميدان الدعوة أن تثبت قلبها، وتواصل عملها بحماس، وتكون مؤثرة فيمن حولها، دون أن تثقل نفسها بالقلق المستمر؟

الإجابة 06/10/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بك أختي الغالية، وبارك الله لك على همّك وحماسك وصدق نيتك في سبيل الدعوة إلى الله. ما تشعرين به هو شعور طبيعي تواجهه كثير من الداعيات والدعاة، خاصة حين تكون الطموحات كبيرة، والمسؤوليات كثيرة، والنتائج لا تُرى للعيان. لكن ما يميزك هو وعيك وحرصك على تجاوز هذا الشعور، وطلبك للثبات والنجاح في طريق الخير.

 

أن أثر الدعوة لا يقاس بالمظاهر فقط

 

إن قلّة الاستجابة أو الإحباط الذي تشعرين به ليس مقياسًا لفشل الدعوة. فقد يكون أثر دعوة واحدة في شخص أو نصيحة أُطلقت في الوقت المناسب سببًا لهداية كثيرة بعد سنوات. فالمهم الإخلاص في الجهد، ولو لم يظهر أثره المباشر في الوقت الراهن.

 

هدي النبي في الصبر على قلة الاستجابة

 

تأملي حياة النبي ﷺ، فقد كان يعلم أن بعض أقوامه لا يقبلون الحق، ومع ذلك لم يثنه ذلك عن مواصلة الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، فقال تعالى عنه: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ وكان ﷺ يوجه قلبه نحو الله دومًا، ويأخذ بالأسباب، ويترك النتائج لله. وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ، وهذا يعني أن الاستمرارية أهم من الكم أو النتائج الفورية.

 

التعامل مع القلق النفسي عند الداعية الشابة

 

القلق الطبيعي ينبع أحيانًا من مقارنة الذات بالآخرين، أو الشعور بالمسؤولية الزائدة. والحل هو أن توجهي قلبك أولًا لله وحده، وتجعلي الدعوة رفعة لك ولروحك قبل أي أثر خارجي. كما أن مراجعة النفس والتوبة والاستغفار، واللجوء إلى القرآن والذكر، تقوي النفس وتريح القلب، فالهدوء الداخلي سر الثبات. قال الله تعالى: ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، وهذا ذكر عظيم يثبت الداعية على الطريق حتى في أصعب المواقف.

 

نصائح دعوية علمية للتعامل مع القلق

 

أختي الفاضلة، اجعلي نفسك مثابة منارة هادئة بين زميلاتك، فالأثر لا يُقاس بالعدد، بل بالاستمرارية، وبمقدار ما ينمو الإيمان في القلوب، حتى ولو بدا التأثير خفيًّا للعيان. استمري في تنظيم الدروس والأنشطة بروح من التواضع والصبر، ولا تحملي نفسك أكثر مما تحتملين، فالدعوة مسؤولية عظيمة لكنها رحمة أيضًا.

 

احرصي على أن يكون تواصلك مع زميلاتك بلطف ورفق، وأن تنقلي الرسالة بأسلوب سلس يخفف عن القلوب، فهذا أسلوب النبي ﷺ في التعامل مع النساء والشباب. واجعلي وقتك بين العمل الدعوي والراحة النفسية متوازنًا، فالروح إذا ضعفت، ضعف أثر الدعوة، أما إذا تجددت بالذكر والصلاة والتقوى، انتشرت الطاقة الإيجابية في كل نشاط تقومين به.

 

وختامًا أختي الغالية، لا تسمحي لقلق النفس أن يوقفك عن مواصلة الدعوة، فالقلوب أحيانًا تحتاج وقتًا لتستجيب، وقد يكون عملك سببًا في هداية لا تعرفينها إلا عند الله، فهو الذي يكتب الثواب والأثر. فاصبري وداومي على الخير، واجعلي قلبك متجهًا لله، واذكري دائمًا أن كل لحظة تقضينها في سبيل الله هي جسر إلى أجر عظيم وثواب متواصل.

 

وأسأل الله أن يثبت قلبك، وأن يملأه قوة وإيمانًا، وأن يجعل كل عمل تقومين به سبب هداية لنفسك ولغيرك، وأن يرفع عنك القلق النفسي، ويزيدك حماسًا وثباتًا في سبيله، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

روابط ذات صلة:

التحديات النفسية عند مواجهة الرفض الدعوي

الداعية بين ضعف التفاعل وقوة الأثر الخفي

ضيق الصدر من قلة التفاعل الدعوي

بين السوشيال ميديا وتراجع الأثر.. ماذا يفعل الداعية؟

الرابط المختصر :