Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 95
  • رقم الاستشارة : 1620
13/04/2025

أنا متزوجة وعندي ولدين، وزوجي – ما شاء الله – ميسور الحال، لكن مشكلتي معاه مش مادية إطلاقًا… هي دايمًا مرتبطة بالأكل!

مثلاً، وإحنا قاعدين على السفرة، أول ما يخلص طبقه، ممكن يمد إيده وياخد قطعة لحمة أو فرخة من طبق أحد الأولاد، وده طبعًا بيضايقهم جدًا… لأنهم بيحسّوا إن محدش بيحترم أكلهم أو خصوصيتهم.

وقبل العيد، نزلنا سوا نشتري شوكولاتة ومكسرات وفرحة العيد للولاد، وفوجئت تاني يوم إنه سهر بالليل وأكل منهم كمية كبيرة، وسايب الباقي مفتت ومبعثر!

أنا مش زعلانة على نفسي، لكن الولاد كانوا مستنيين الحاجات دي بلهفة، ولما صحيوا لقوها متبهدلة، اتضايقوا جدًّا.

نفس الشيء بيتكرر في الفواكه أو أي حاجة حلوة مش بنجيبها غير مرة في الأسبوع، يصحوا يلاقوا الحاجة مفتوحة ومتأكّل منها، وده بيكسر فرحتهم.

ولما قلتله نزوّد الكمية علشان كلنا نأكل مرتاحين، رفض… ولو حطيت زيادة من نفسي بيتهمني إني بعاند وبيزعل جدًّا.

أنا مش بتكلم عالأكل نفسه، كله من خيره وكرمه، لكن الفكرة إن الأولاد لازم يحسّوا بالأمان، وإن ليهم خصوصية حتى في حاجاتهم الصغيرة… مش عايزاهم يتعودوا إن حد يتجاوز على حقوقهم ويعدّي كده عادي، سواء في البيت أو برا.

بجد أنا محتاجة تقوليلي أتصرف إزاي؟ مش عايزة أكبر الأمور، لكن كمان مش حابة أصغّر مشاعر أولادي.

الإجابة 13/04/2025

الأم الحنون الواعية،

 

أحييكِ أولًا على وعيك التربوي العميق، وحرصك على بناء بيئة نفسية آمنة لأطفالك.

 

فإنّ أكثر ما تحتاجه الأسرة ليس فقط الطعام والشراب، بل الشعور بالكرامة والاحترام والمساواة داخل البيت.

 

سلوك زوجكِ – كما وصفته – لا ينبع بالضرورة من بُخلٍ أو قصدٍ بالإيذاء، بل قد يكون نابعًا من عدم إدراكه للتأثير النفسي لسلوكياته على الأطفال.

 

وهذا ما يُعرف في علم النفس التربوي بـLack of Emotional Awareness ، أي "الافتقار للوعي العاطفي"، حيث يُقلل بعض الآباء من شأن المواقف الصغيرة دون إدراك أثرها التراكمي على الأبناء.

 

ما يفعله زوجك من مد يده في أطباق الأولاد أو فتح حلوياتهم دون استئذان، قد يبدو بسيطًا له، لكنه يُضعف لدى الطفل شعوره بـ "الحدود الشخصية"، وهو مفهوم مهم يُزرع في الطفولة، ويتشكل من خلال شعور الطفل بأن له ما يخصه ويُحترم.

 

وحين يشعر الطفل أن حاجاته تُؤخذ دون إذن، حتى لو من الأب، يتكوّن لديه قلق نفسي خفي ناتج عن شعور داخلي بأن "حقوقي لا تُحترم" أو "ما أملكه يمكن أن يؤخذ بسهولة"، مما ينعكس لاحقًا على ثقته بنفسه وعلى طريقته في التعامل مع الآخرين، هذا من جهة.

 

من جهةٍ أخرى، رفض زوجكِ لفكرة زيادة الكمية – رغم سعة الرزق – وتضايقه من محاولتكِ تدارك الموقف، يشير إلى ما يُعرف في علم النفس الأسري بـControl-based Behavior، أي السلوك القائم على فرض السيطرة، ولو على تفاصيل بسيطة، مثل الطعام، كنوع من فرض النفوذ داخل الأسرة.

 

لكن التعامل مع هذا النوع من الشخصيات لا يكون بالمواجهة الحادة، بل بالإقناع غير المباشر من خلال المواقف والمشاعر لا الأوامر والنقد.

 

* من هنا، أنصحكِ بالتالي:

 

1- تحدثي معه بود، لا من موقع الشكوى، بل من موقع المشاركة:

 

قولي له مثلاً: "أنا عارفة إنك بتحب تضحّك مع الولاد وتاخد من أكلهم بهزار، بس ساعات بيزعلوا وميقدروش يقولوا… تحب نجرب نحط لك طبق فيه زي ما هما بيحبوا علشان يبقوا فرحانين؟".

 

2- أشركيه في ترتيب سفرة الأولاد أو تجهيز الحلوى معهم:

 

ذلك يُعزز لديه شعور الانتماء السلوكي، ويخفف من تلقائيته غير المحسوبة.

 

 

3- احكي له بهدوء بعض ردود أفعال الأولاد:

 

مثلاً: "عارف فلان قال لي ماما أنا زعلت لما بابا خد مني الشوكولاتة، وكنت عايز أديله بس هو أخدها من غير ما يقول لي".

 

هذه الطريقة تعمل على تحفيز التعاطف منه نحو الأبناء دون نقد مباشر له.

 

4- ادعي له أمام الأطفال، وأظهري احترامك له أمامهم، حتى وإن كان تصرفه غير سليم وانتبهي لذلك.. لأن مشاعر الطفل تجاه أبيه تُكوَّن من خلال كلمات الأم عنه. وحين يرى الطفل أن أمه تحترم والده وتوجهه برفق، سيتعلم من ذلك ما يُعرف في التربية بـ Conflict Resolution Modeling –، أي "نمذجة حل الخلافات بسلوك حضاري".

 

5- وأخيرًا، إن لم يستجب لنداءاتك ومحاولاتك، وظل على نفس نهجه وسلوكه.. فستكونين مضطرة للأسف لأن تحافظي على حق أبنائك من الغذاء والبروتين من والدهم، وذلك إما بتقسيم حصة كل منهم أثناء الطعام وتنصحينهم بأن يبدأوا بتناول اللحوم والبروتين الخاص بهم.. وإما أن تضعي لهم الطعام لينتهوا منه قبل موعد قدوم والدهم من العمل؛ لأنهم في مرحلة نمو وجسمهم يحتاج جدًّا إلى البروتين وجميع العناصر الغذائية.

 

* همسة أخيرة:

 

أستشهد بقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"، وأنتِ – يا حنونة – تؤدين دورك كامرأة راعية، تربّين بروح يقظة ونفسية حانية.

 

استمري، ولا تيأسي؛ فالتغيير لا يأتي فجأة، لكنه يأتي حين يُزرع بالمحبة، ويُسقى بالصبر، ويُحاط بالحكمة.

الرابط المختصر :