رغم تفوقها المعتاد تتكاسل عن المذاكرة في الثانوية العامة!!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : المراهقون
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 73
  • رقم الاستشارة : 3006
18/10/2025

ابنتي في الصف الثالث الثانوي، وكانت طوال السنوات الماضية متفوقة جدًّا ومجتهدة، بل من الأوائل دائمًا، لكن هذا العام تغيّر حالها تمامًا. صارت لا تهتم بالمذاكرة كما كانت، وتنام ساعات طويلة في النهار والليل، وكأنها تهرب من الواقع. حاولت التحدث معها بهدوء مرات عدة لكنها تكتفي بالصمت أو تقول إنها مرهقة. أنا قلقة جدًا عليها، فهذه سنة مصيرية وتحتاج إلى بذل أقصى الجهد، ولا أفهم ما الذي جعلها تفقد حماسها فجأة، فكيف أتعامل معها؟ وهل هذا كسل أم مشكلة نفسية؟

الإجابة 18/10/2025

أختي الغالية، بارك الله لك في ابنتك وجعلها قرة عينٍ لكِ في الدنيا والآخرة..

 

ما تصفينه ليس كسلًا بالضرورة، بل هو حالة شائعة بين طلاب الثانوية العامة، تُعرف بما يسمى "الإنهاك الدراسي" (Academic Burnout)، وهي حالة من التعب النفسي والعقلي المزمن (Mental Fatigue) الناتجة عن ضغط مستمر وتوقعات عالية من الذات أو من المحيطين.

 

فقدان الدافعية

 

تتجلّى هذه الحالة عادة في فقدان الدافعية (Loss of Motivation)، والانسحاب النفسي من المسؤوليات (Psychological Withdrawal)، إضافةً إلى زيادة ساعات النوم أو الميل إلى الهروب من الواجبات الدراسية، كوسيلة دفاعية لا شعورية لحماية النفس من القلق أو من الإحباط.

 

ابنتك ليست آلة

 

من المهم أن تتذكري أن ابنتك ليست آلة للإنجاز، بل كائن بشري له طاقة محدودة، تحتاج أحيانًا إلى التوقف لتستعيد توازنها الداخلي. إن مرحلة الثانوية العامة تمثل في الوعي النفسي مرحلة "الضغط التحصيلي الحاد" (Achievement Pressure)، خاصةً إذا كانت الفتاة معتادة على التفوق؛ إذ تخشى الفشل أكثر من غيرها، فينشأ ما يسمى بـ "قلق التوقعات المرتفعة" (High Expectations Anxiety)، الذي يُظهرها بمظهر اللامبالية، بينما هي في داخلها خائفة ومرهقة.

 

نصائح مهمة

 

لهذا أنصحك يا أم الغالية بما يلي:

 

١- اقتربي منها بلطف ودفء عاطفي، فالفتيات في هذه المرحلة بحاجة إلى من يحتوي مشاعرهن قبل أن يوجّه عقولهن. حدّثيها عن تعبها لا عن درجاتها، قولي لها مثلًا: "أعلم أنك مجهدة، أنا هنا لأساعدك لا لأحاسبك".

 

٢- تجنّبي أسلوب المقارنة أو التحفيز باللوم؛ لأنه يولّد ما نسميه بـ "المقاومة السلبية" (Passive Resistance)، وهي أن ترفض الابنة الإنجاز عنادًا للضغوط.

 

٣- هيئي لها بيئة دراسية مريحة نفسيًّا، تسمح بقدر من الراحة، والأنشطة الخفيفة، والتوازن بين المذاكرة والترفيه، فالإجهاد المستمر يقلل من التركيز المعرفي ويضعف الذاكرة العاملة.

 

٤- ابدئي معها بخطة قصيرة المدى، قسّمي المهام الكبيرة إلى أجزاء صغيرة، فذلك يعيد لها شعور الكفاءة الذاتية (Self-Efficacy)، وهو أحد المفاتيح الأساسية لاستعادة الدافعية الداخلية (Intrinsic Motivation).

 

٥- ولا تنسي البُعد الإيماني؛ فالإيمان يرمم ما تهدمه الضغوط. ذكّريها بلطف أن الاجتهاد عبادة، وأن الله تعالى قال: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى﴾. وقولي لها إن الله ينظر إلى نياتها واجتهادها لا إلى درجاتها فقط، فـ "من جدّ وجد، ومن زرع حصد".

 

٦- يمكنك أيضًا أن تعرّفيها بأساليب تنظيم الوقت الذاتي (Self-Regulated Learning Strategies)، مثل تقنية البرومودور (Pomodoro Technique) القائمة على فترات تركيز قصيرة تتخللها فواصل راحة، فهي فعّالة في تقليل الضغط واستعادة التركيز.. (وكنت قد خصصت لها من قبل موضوعًا خاصًّا، من خلال استشارة سابقة).

 

وأخيرًا، أود أن أطمئنك غاليتي أن حالتها قابلة للتحسّن بإذن الله تعالى، فهي فترة وسوف تعود إلى سابق عهدها من الجد والاجتهاد، كلما وجدت أن الوقت يسابقها، شرط أن نعاملها كإنسانة متعبة لا كطالبة مقصّرة.

 

فمُدي لها يد الرحمة قبل يد المحاسبة، وامنحيها فرصة لتعيد شحن طاقتها النفسية. فكما قال الإمام علي رضي الله عنه: "إن القلوب تملّ كما تملّ الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة".

 

* همسة أخيرة:

 

امنحي ابنتك دفء الأم، وصبر المربي، ودعاء المحب، وستزهر من جديد إن شاء الله تعالى.

 

روابط ذات صلة:

مشتتة عند المذاكرة.. اتبعي نظام البومودورو!!!

كيف أغير سلوك زوجتي الانفعالي أثناء مذاكرتها لابني؟!

ابني يرفض الصلاة والمذاكرة رغم محاولاتي!!

خطط عملية لمذاكرة مبدعة

10 خطوات تمنحك مذاكرة ناجحة

مع بدء العام الدراسي.. 5 خطوات تتعلق بمذاكرة طفلك

الرابط المختصر :