الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : العادات
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
552 - رقم الاستشارة : 2197
27/07/2025
هناك عادة مستقرة في كثير من المجتمعات ولا أحد يستطيع معارضتها منها أن المرأة بعض الولادة لا تأكل اللحم والدجاج، او المعاشرة الزوجية حتى بعد الطهارة حتى تنتهي فترة ثلاثة أشهر وغيرها الكثير بحجة أن هذه أعراف مستقرة ولا يجوز مخالفتها فهل هذا صحيح؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
قاعدة "العادة محكمة" من القواعد الشرعية الأساسية الكبرى، وعليها أدلة من القرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع الفقهاء، وهناك شروط وضوابط كي تعمل هذه القاعدة، ومن أهم هذه الضوابط ألا تخالف الشرع، فإن خالفت الشرع فلا اعتبار لها، ولا يُعمل بها، لتوافر الأدلة على هذه المسألة.
والمسائل التي يتحدث عنها السائل تخالف الشرع، فالأصل في الأطعمة والأشربة الحل إلا ما ثبتت حرمته أو ثبت ضرره عن طريق أهل الذكر من الأطباء العدول.
وينقسم العرف من حيث اعتباره في الأحكام إلى ثلاثة أقسام:
أ- ما قام الدليل الشرعي على اعتباره، كمراعاة الكفاءة في النكاح، ووضع الدية على العاقلة فهذا يجب اعتباره والأخذ به.
بـ- ما قام الدليل الشرعي على نفيه؛ كعادة أهل الجاهلية في التبرج، وطوافهم في البيت عراة والجمع بين الأختين، وغير ذلك من الأعراف التي نهى عنها الشارع، فهذه الأعراف لا تعتبر.
ج- ما لم يقم الدليل الشرعي على اعتباره أو نفيه، وقد ذهب الفقهاء إلى اعتباره ومراعاته وبنوا عليه الكثير من الأحكام ولم ينكر ذلك أحد منهم.
وقد ألَّف العلامة المرحوم ابن عابدين رسالة سماها: "نشر العرف فيما بني من الأحكام على العرف"، ومن العبارات المشهورة: "المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، والثابت بالعرف كالثابت بالنص".
وأما العرف الفاسد فلا تجب مراعاته لأن في مراعاته معارضة دليل شرعي أو إبطال حكم شرعي، فإذا تعارف الناس على عقد من العقود الفاسدة كعقد ربوي، أو عقد فيه غرر وخطر، فلا يكون لهذا العرف أثر في إباحة هذا العقد، ولهذا لا يعتبر في القوانين الوضعية عرفًا يخالف الدستور أو النظام العام، وإنما ينظر في مثل هذا العقد من جهة أخرى، وهي أن هذا العقد هل يعد من ضرورات الناس أو حاجياتهم، بحيث إذا أبطل يختل نظام حياتهم أو ينالهم حرج أو ضيق أولا؟ فإن كان من ضرورياتهم أو حاجياتهم يباح لأن الضرورات تبيح المحظورات، والحاجات تنزل منزلتها في هذا، وإن لم يكن من ضرورياتهم ولا من حاجياتهم يحكم ببطلانه ولا عبرة لجريان العرف به.
والله تعالى أعلى وأعلم.