تعميم الأحكام وأثره على دمار الأخلاق والمجتمعات

Consultation Image

الإستشارة 27/09/2025

أحيانا أجلس مع إحداهن فتقول كل الرجال سيئين أو آحر يقول كل النساء سيئات أو شخص سافر إلى بلد عربية مثلا فيرجع ويقول إن أهلها سيئون بسبب تجارب سيئة مروا بها.. فما حكم هذا التعميم فى الأحكام؟ وهل يعد من الغيبة؟ وهل إذا جلست معهم ولم أنههم عن تعميم الأحكام أعد آثمة؟

الإجابة 27/09/2025

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فتعميم الأحكام آفة من أخطر الآفات التي تصيب المجتمعات، فلا يمكن أن يكون الرجال كلهم ملائكة والنساء شياطين، ولا العكس، ولا يمكن أن يكون أهل قطر ولا بلد ولا حتى قرية صغيرة على قلب رجل واحد في الخير أو الشر، وواجبك أختي الكريمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن طريق تصويب هذه الأخطاء، فإن عجزت عن ذلك فلا أقل من تتركي وتهجري هذا الباطل عن طريق عدم الجلوس معهم أو الاستماع إليهم، فإما أن نحاول تغيير المنكر أو نترك هذا المنكر ونغير بقلوبنا وأسماعنا بمقاطعته.

 

يقول الله تعالى: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ* يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران:113- 115].

 

ويقول تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 75].

 

الإنصاف والحق

 

فالقرآن لم يسوِ بين أهل الكتاب والكفار، ولم يجعل أهل الكتاب كلهم سواء، على الرغم من أنهم كفار بما نزل على محمد ﷺ ولكنهم ليسوا سواء.

 

يقول الأستاذ سيد قطب في تفسير الظلال:

 

إنها خطة الإنصاف والحق وعدم البخس والغبن يجري عليها القرآن الكريم في وصف حال أهل الكتاب الذين كانوا يواجهون الجماعة المسلمة حينذاك؛ والتي لعلها حال أهل الكتاب في جميع الأجيال؛ ذلك أن خصومة أهل الكتاب للإسلام والمسلمين، ودسهم وكيدهم وتدبيرهم الماكر اللئيم، وإرادتهم الشر بالجماعة المسلمة وبهذا الدين.. كل ذلك لا يجعل القرآن يبخس المحسنين منهم حقهم، حتى في معرض الجدل والمواجهة. فهو هنا يقرر أن من أهل الكتاب ناسا أمناء، لا يأكلون الحقوق مهما كانت ضخمة مغرية ولكن منهم كذلك الخونة الطامعين المماطلين، الذين لا يردون حقًّا -وإن صغر- إلا بالمطالبة والإلحاح والملازمة. ثم هم يفلسفون هذا الخلق الذميم، بالكذب على الله عن علم وقصد، وهذه بالذات صفة يهود. فهم الذين يقولون هذا القول؛ ويجعلون للأخلاق مقاييس متعددة.

 

الأمانة بينهم فقط

 

فالأمانة بين اليهودي واليهودي، أما غير اليهود ويسمونهم الأميين وكانوا يعنون بهم العرب وهم في الحقيقة يعنون كل من سوى اليهود فلا حرج على اليهودي في أكل أموالهم، وغشهم وخداعهم، والتدليس عليهم، واستغلالهم بلا تحرج من وسيلة خسيسة ولا فعل ذميم! ومن العجب أن يزعموا أن إلههم ودينهم يأمرهم بهذا. وهم يعلمون أن هذا كذب. وأن الله لا يأمر بالفحشاء. ولا يبيح لجماعة من الناس أن يأكلوا أموال جماعة من الناس سحتًا وبهتانًا، وألا يرعوا معهم عهدًا ولا ذمة، وأن ينالوا منهم بلا تحرج ولا تذمم. ولكنها يهود! يهود التي اتخذت من عداوة البشرية والحقد عليها ديدنا ودينا ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون.

 

والله تعالى أعلى وأعلم.

 

روابط ذات صلة:

حُسن الظن فريضة والتسرع في الأحكام مهلكة.. حين يغيب التورع وتحضر الفِراسة المدّعاة

قبل إصدار الأحكام.. تأكد ولا تفترض

الرابط المختصر :