الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : العادات
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
217 - رقم الاستشارة : 2093
16/06/2025
أحيانا عندما أقرأ قصة أو رواية أجد الكاتب يقول على لسان البطل "علم الله أني لم أفعل كذا" أو "لقد تاب الله على من فعل كذا وكذا".. فهل تعد تلك الأقوال من الخيال المسموح به أم أنها كذب وافتراء على الله حيث أنها لم تحدث فى الواقع؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فما يحدث في العمل الأدبي سواء أكان نصًّا نثريًّا أو شعرًا أو غيره لا يعد كذبًا؛ لأن الكاتب والشاعر والقارئ يعرف أن هذه شخصيات متخيلة يُجري الأديب على لسانها الرسالة التي يريد أن تصل إلى الناس، فهذا لا يعد كذبًا ولا افتراء، فقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم الشعر وأذن به ورضي عنه وأثاب عليه وكان من عادة العرب وصف الناقة والمرأة وليس من الضرورة أن تكون هذه المرأة موجودة على أرض الواقع.
وقد سجل لنا القرآن الكريم في نص موجز معجز لا يخلق على كثرة الرد، فقال الله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ* وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: 224- 227].
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي –رحمه الله- في فتوى مشابهة:
إن هذا لا يدخل في الكذب المحظور؛ لأن السامع يعرف جيدًا أن المقصود ليس هو إخبار القارئ بوقائع حدثت بالفعل. إنما هو أشبه بالكلام الذي يحكى على ألسنة الطيور والحيوانات، فهو من باب التصوير الفني واستنطاق الأشخاص بما يمكن أن ينطقوا به في هذا الموقف. كما حكى القرآن عما تكلمت به "النملة" أو نطق به الهدهد أمام سليمان عليه السلام. فمن المؤكد أنهما لم يتحدثا بهذا الكلام العربي المبين، إنما ترجم القرآن عما يمكن أن يكون قولهما في هذا الوقت، وذلك الموقف.
وقد شاركت شخصيًّا في التأليف المسرحي بعملين:
أحدهما: مسرحية شعرية عن "يوسف الصديق" عليه السلام. وذلك في مطلع حياتي الأدبية، وأنا في السنة الأولى من المرحلة الثانوية، وكنت متأثرًا في ذلك بمسرحيات شوقي الشهيرة.
والثاني: مسرحية تاريخية عن سعيد بن جبير والحجاج بن يوسف، سميتها "عالم وطاغية" وقد مثلت في أكثر من بلد، ولاقت قبولاً حسنًا. بخلاف الأولى؛ لأنها تتعلق بقصة نبي مرسل، والاتفاق بين علماء العصر منعقد على أن الأنبياء لا يمثلون. أ. هـ.
والله تعالى أعلى وأعلم