النيات تحول المباحات إلى طاعات

Consultation Image

الإستشارة 12/10/2025

كيف تحول النية المباحات إلى طاعات ؟ هل يمكن أن يثاب المسلم على الأشياء العادية مثل الطعام والشراب والترفيه وغير ذلك من المباحات؟

الإجابة 12/10/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالنيات تحول المباحات إلى طاعات، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والنية لا تكلفنا شيئًا فهي من أعمال القلوب وليست من أعمال الجوارح، وعلى الإنسان أن ينوي بكل أعماله وجه الله، وأن يجعل المباح عونًا له على الطاعة، فيتحقق فيه قوله تعالى : ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ﴾  [الأنعام: 162- 163].

 

يقول فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله -:

 

ومن أهم ما تؤثر فيه النية: المباحات والعاديات، فإنها تتحول بالنية إلى عبادات وقربات، فالعمل لكسب الرزق في زراعة أو صناعة أو تجارة أو حرفة أو وظيفة، يغدو عبادة وجهادًا في سبيل الله، إذا كان عمله ليعف نفسه عن الحرام، ويغنيها بالحلال.

 

والأكل والشرب واللبس والتجمل كذلك، إذا كان يستعين بذلك على طاعة الله، وأداء واجبه نحو ربه وأهله وأمته، وإظهارًا لنعمة الله عليه، ففي الحديث: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده".

 

وفي حديث سعد بن أبي وقاص: أن المؤمن يؤجر في كل عمل يبتغي به وجه الله، حتى في اللقمة يرفعها إلى فم امرأته.

 

وأعجب من ذلك: أن شهوة الجنس إذا قضاها المؤمن في الحلال، كان له فيها أجر ومثوبة عند الله، وفي هذا جاء الحديث الصحيح: "وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ كذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر"...

 

الإخلاص "إكسير" الأعمال

 

والإخلاص هو "إكسير" الأعمال، الذي إذا وضع على أي عمل ولو كان من المباحات والعادات حوله إلى عبادة وقربة لله تعالى، وفي الحديث أن النبي ﷺ قال لسعد: "إنك ما تنفق نفقة تبغي بها وجه الله تعالى إلا أثبت عليها، حتى اللقمة تضعها في في (أي فم) امرأتك".

 

وقال تعالى في شأن الذين يجاهدون في سبيله: ﴿مَا كَانَ لأَهْلِ المَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللهِ وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ* ﴿وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: 120-121].

 

فجعل جوعهم وعطشهم ومشيهم ونفقتهم مما يسجل لهم في رصيد حسناتهم عند الله عز وجل، ما دام ذلك في سبيل الله، ولن تكون هذه الأشياء في سبيل الله إذا أداها المسلم لتكون كلمة الله هي العليا.

 

وأكثر من ذلك ما جاء في مثوبة من ارتبط فرسًا ليجاهد عليها في سبيل الله، ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: "من احتبس فرسًا في سبيل الله إيمانا بالله، وتصديقا بوعده، فإن شبعه وريه، وروثه وبوله، في ميزانه يوم القيامة"… يعني: حسنات!

 

وذلك أن الوسائل والآلات بحسب المقاصد والغايات، فكل ما يعين على الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمته، ونصرة دعوته، من عدة وآلة وتدريب وكسب خبرة ومهارة، فهو قربة إلى الله، فبها الأجر والثواب. أ. هـ بتصرف من كتاب الإخلاص والنية.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

 

روابط ذات صلة:

النية في العبادات.. حقيقتها وأهميتها والتلفظ بها

نية الطلاق من الزوج وكتابة هذه النية هل تعتبر طلاقا؟

النية وأثرها على صيام النفل والفرض

حكم تبييت النية من قبل الفجر في الصيام

 

الرابط المختصر :