الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : الدعوة النسائية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
83 - رقم الاستشارة : 2877
04/10/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا من المُشارِكات في الدعوة بين الطالبات في جامعتي، من خلال حلقات القرآن، ودروس العقيدة، والنشاطات التربوية والاجتماعية. لكن أحيانًا أواجه رفضًا من بعض الزميلات، أو تجاهلًا، أو حتى استهزاءً بأفكاري، مما يجعلني أشعر بالإحباط. أخشى أن أضعف في حماسي، أو أن أخفف من نشاطي الدعوي خوفًا من النقد، رغم رغبتي الكبيرة في نشر الخير وإصلاح النفوس. فكيف يمكن للمرأة الداعية أن تحافظ على ثباتها وحماسها في الجامعات والمدارس، وتكون مؤثرة وسط الزملاء، مع مواجهة رفض أو سخرية أو تجاهل؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بك أختنا الكريمة، وبارك الله في حرصك وصدق نيتك في الدعوة بين زميلاتك، فهذا شعور كريم، ويدل على اهتمامك بنجاح الرسالة، وحرصك على أن تكون قدوة صالحة، فالبيئة الجامعية تمثل تحديًا كبيرًا للداعية، لكنها أيضًا فرصة عظيمة لنشر الخير والمعرفة الصحيحة.
قبول اختلاف الآخرين جزء من الدعوة الواقعية
إن رفض بعض الزميلات أو تجاهلهن ليس مؤشرًا على فشل الدعوة، بل هو جزء طبيعي من التفاعل البشري، فالقلوب متفاوتة في الاستقبال، والرسالة الأساسية هي إيصال العلم والدعوة بالصدق واللين، وليس إكراه الآخرين على القبول، فالنجاح الحقيقي في قلب الداعية هو الثبات والاستمرار، وليس مجرد مقياس الاستجابة الفورية.
هدي النبي ﷺ مع المعارضين والمستهزئين
النبي ﷺ واجه من المشركين مواقف رفض وسخرية متعددة، لكنه لم يضعف، ولم يخفف من نشاطه، بل كان يتحلى باللين والحكمة، ويستثمر كل موقف لتعليم وإرشاد الناس.
ويجب العلم بأن الصدق والأمانة في نقل الرسالة أهم من النتائج المباشرة، وأن الثقة بالله والاعتماد عليه هما أساس الثبات.
استراتيجيات عملية لمواجهة الرفض والسخرية
أختنا الكريمة، يمكن أن تتبعي عدة استراتيجيات عملية للحفاظ على حماسك، وتعزيز تأثيرك:
1) الاعتماد على أسلوب اللين والرفق: الحديث بلطف، والاستماع، وتجنب الجدال العقيم، فهذا يعزز قبول الآخرين.
2) التواصل الفردي مع المهتمين: أحيانًا يكون التأثير أكبر من خلال لقاءات فردية أو مجموعات صغيرة، بدلًا من الحلقات الكبيرة.
3) تنويع أساليب الدعوة: استخدام القصص الواقعية، والمواقف التطبيقية، والأنشطة العملية، بحيث تشعر الطالبة بارتباط الرسالة بحياته اليومية.
4) التحلي بالصبر والمثابرة: كل رفض أو استهزاء هو فرصة لتقوية النفس، وتثبيت القلوب، وزيادة الاحتساب عند الله.
5) توثيق النجاحات الصغيرة: كل زميلة استجابت ولو جزئيًّا، كل نصيحة فهمت وتم الاستفادة منها، هي نجاح، وسبب لتجديد الطاقة الدعوية.
توازن النشاط الدعوي مع الحياة الجامعية
من المهم تنظيم الوقت بين الأنشطة الدعوية، والواجبات الدراسية، والحياة الاجتماعية، والراحة النفسية، فالضغط المستمر يضعف التأثير ويقلل الحماس. قال تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ ويمكن استخدام الجدول الأسبوعي لتوزيع الأنشطة بشكل متوازن، بحيث تكون هناك أوقات ثابتة للدعوة، وأوقات للراحة، وأوقات للتعلم الذاتي، وهذا يعزز استمرار النشاط وقوة التأثير.
نصائح دعوية علمية لتعزيز الثبات والحماس
* اجعلي النية خالصة لله وحده، وتذكري أن الأجر عند الله، والنتائج بيده.
* تعلمي مهارات الحوار والردود الهادئة عند مواجهة السخرية أو النقد.
* استثمري وسائل التواصل والوسائط الرقمية بشكل داعم للدعوة، مع مراعاة الدقة والمصداقية.
* كوني قدوة في الأخلاق، والتواضع، وحسن التعامل مع الجميع؛ فالأثر الحقيقي في التربية هو التطبيق الواقعي للعلم في الحياة اليومية.
* اجمعي بين الدعوة العملية، والعبادة، والاهتمام بالجانب النفسي، فهذا يجدد الطاقة ويثبت الحماس.
وختامًا: أختنا الكريمة، الثبات والحماس في الجامعات والمدارس ممكن بالاعتماد على الله، واللين، والصبر، وتنظيم الوقت، ومراعاة الاختلافات بين الناس. لا تثقلي نفسك بالرفض أو السخرية، بل اجعلي كل موقف فرصة لتقوية نفسك، وتجديد عزيمتك، وزيادة الأثر، واعلمي أن كل عمل صادق ومستمر سيكتب لك عند الله أجرًا عظيمًا.
وأسأل الله أن يثبت قلبك، ويزيدك حماسة وإخلاصًا، ويجعلك قدوة صالحة بين زميلاتك، وأن ييسر لك نشر العلم والدعوة، وأن يحفظك من القلق والإحباط، إنه سميع مجيب الدعاء.
روابط ذات صلة:
كيف يتعامل الدعاة مع السخرية والاستهزاء؟
أُقابل بالسخرية والإيذاء ممن أدعوهم.. هل هذه طريق الدعاة؟
يستهزئ بنصيحتي ولا يتقبلها.. كيف أتعامل معه؟