منهج دعوة "ذوي الإعاقة" ودمجهم في البرامج الدعوية

Consultation Image

الإستشارة 22/11/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا داعية متطوع في مركز اجتماعي، وأرغب في تخصيص جزء من جهدي لدعوة فئة ذوي الإعاقة (كالإعاقة السمعية، البصرية، أو الحركية). أجد صعوبة في معرفة كيفية مخاطبتهم، وما هي الوسائل الدعوية المناسبة لهم.

سؤالي: ما هي المنهجية التي يجب اتباعها في إعداد محتوى دعوي أو برامج تعليمية تتناسب مع كل نوع من أنواع الإعاقة؟ وكيف نضمن دمجهم في الأنشطة الدعوية للمركز دون الشعور بالتفرقة أو العزل؟ وما هي الأحكام الفقهية المتعلقة بتيسير العبادات لهم التي يجب تعليمها؟ أرجو الإفادة بآليات عمل تطبيقية. جزاكم الله خيرًا.

الإجابة 22/11/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً بك أيها الداعية الرحيم، وشكر الله لك هذه المبادرة النبيلة التي تعكس روح التكافل والرحمة في الإسلام. إن رعاية ذوي الإعاقة هي من صميم التوجيه القرآني والنبوي. إنكم تسألون عن "فقه الدعوة لذوي الاحتياجات الخاصة" أسأل الله أن يتقبل عملك ويجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأما منهجية دعوة ذوي الإعاقة ودمجهم، الأصل في الشريعة هو أن ذوي الإعاقة مُكلَّفون كغيرهم، لكن مع التيسير عليهم ورفع الحرج.

 

الأسس الشرعية والمنهجية للدعوة

 

1) المَنهج القرآني: القصَّة المُلهمة في الإسلام هي قصة عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه، حيث أنزل الله فيه آيات تُعاتب النبي على انشغاله عنه ببعض كبار قريش، وهذا دليل على الأولوية العظمى لهذه الفئة في الاهتمام والتعليم.

 

2) مبدأ التيسير ورفع الحرج: يجب البدء بتعليمهم أن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها. قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، فكل ما يشق عليهم في العبادة، فهناك رخصة للتخفيف والتيسير.

 

الآليات التطبيقية لدعوة كل فئة

 

1) ذوو الإعاقة السمعية (الصم): الآلية: يجب الاعتماد على لغة الإشارة (التي تتطلب وجود مترجم متخصص في لغة الإشارة). يجب أن يكون المحتوى بصريًّا جدًّا (صور، رسوم بيانية، فيديوهات قصيرة) ومترجمًا، والتركيز الدعوي: دروس مركزة في الأخلاق والقصص القرآنية التي لا تتطلب تعقيدًا لغويًّا.

 

2) ذوو الإعاقة البصرية (المكفوفون)، والآلية: الاعتماد على الكتب والمناهج المكتوبة بـ طريقة برايل، واستخدام التسجيلات الصوتية (المسموعة) بجودة عالية وبلغة واضحة ومؤثرة، والتركيز الدعوي: الدروس الوعظية المؤثرة، وحفظ القرآن عن طريق السماع، وشرح فضل البلاء والصبر (وهو ما يناسب حالهم).

 

3) ذوو الإعاقة الحركية، والآلية: توفير مكان مخصص للدروس مهيأ لهم (منحدرات، مصاعد)، مع تقديم مساعدة في الحركة.

 

4) التركيز الدعوي: تعليمهم فقه الطهارة والصلاة والجلوس والقيام، وكيفية التكيف مع الإعاقة في أداء الفرائض (كالصلاة جالسًا، أو التيمم).

 

الدمج والمشاركة المجتمعية

 

1) توفير البيئة الحاضنة: يجب على المركز توفير ميزانية لتجهيز المرافق (دورات مياه مهيأة، طرق ممهدة).

 

2) تكليف القادرين منهم بالخدمة: يجب دمجهم في أنشطة المركز كـ "متطوعين" (حسب قدرتهم)، فالكفيف يمكن أن يُلقي درسًا، والأصم يمكن أن يساهم في أعمال إدارية. هذا يعزز ثقتهم بأنفسهم ويزيل الشعور بالعجز.

 

ونصيحتي:

 

أيها الداعية الرحيم، كن يدًا حانية لهم. ابدأ بتعلم القليل من لغة الإشارة إن أمكن، أو كن دائمًا مبتسمًا وودودًا. تذكر أنهم أكثر احتياجًا للرحمة من غيرهم. أسأل الله أن يجعلك سببًا في سعادتهم في الدنيا والآخرة، وأسأل الله أن يبارك في هذا الجهد، وأن يجعلك من الذين يحبون المساكين وذوي الاحتياجات الخاصة، وأن يكتب لك أجرهم، وأن يرزقك السداد في توجيههم.

 

روابط ذات صلة:

نحو نموذج دمج إسلامي لذوي الإعاقة

ذوو الإعاقة.. بين الإسلام والرأسمالية

حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة من منظور الإسلام

نابهون ونوابغ.. قصص ملهمة لذوي الإعاقة

علماء وفقهاء ومفكرون.. هؤلاء تحدوا الإعاقة

فاقدة للبصر.. فتاة لبنانية تحفظ القرآن وتعلمه

سفيرة السلام صفاء طه لـ«المجتمع»: قهرت الإعاقة وأحلم بالمدينة الفاضلة

الرابط المختصر :