مشاهدة زوجي للإباحيات أم الزواج عليّ.. ماذا أفعل معه دعويًّا؟

Consultation Image

الإستشارة 24/07/2025

أنا زوجة لرجل قد أدمن المقاطع الإباحية ورقص النساء عبر الإنترنت، ويزعم أني مقصرة في حقه، وأنه إذا لم أعطه ما يشاء أو أسمح له بمشاهدة هذه المقاطع فسوف يتزوج عليّ.. فهل له حق في هذا؟ وهل أنا مقصّرة مع أني أتزين له وأعطيه ما يريد؟ أنا حزينة على حاله، وأرغب في مساعدته والوقوف إلى جواره، فماذا أصنع معه من منطلق دعوي إنساني وشرعي مناسب؟ أرشدوني.

الإجابة 24/07/2025

أيتها الأخت الكريمة الصابرة، بارك الله فيك على صبرك وعلى رغبتك في الإصلاح، وجزاك الله خيرًا على حرصك على بيتك وزوجك، فهذا دليل على عقل راجح، ونفس ناضجة، وقلب مشبع بالإيمان والرحمة.

 

فكم من امرأة في مثل حالك كانت لتقلب الطاولة وتترك البيت! لكنك تمسكتي بالحكمة، وأحببتِ الإصلاح، وهذه نعمة عظيمة من الله تعالى، ولكن اسمحي لي أن أُناقش معكِ هذا الأمر بتفاصيله في نقاط محددة، وذلك على النّحو التالي:

 

أولًا: هل التقصير منك؟ أم من زوجك؟

 

دعيني أُطمئن قلبك: ما دمتِ تتزيّنين لزوجك، وتلبّين حاجاته، وتراعين حقوقه الشرعية، فلا تُعدّين مقصّرة بإذن الله.

 

لكنّ زوجك -شفاه الله- قد أُصيب بما يشبه الإدمان النفسي والسلوكي على تلك المقاطع، وهذا الأمر لا يرتبط بكِ ولا بجمالك، بل هو بلاء ذاتي يتعلق بالعادة والتعوّد والانغماس في الحرام حتى يُصبح إدمانًا.

 

وقد قال النبي ﷺ: "إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، مُدركٌ ذلك لا محالة"، ثم بيّن أن من الزنا ما يكون بالنظر، فالنظر المحرّم خطير، وقد يبدأ صغيرًا ثم يتوحّش حتى يُدمّر الحياة الزوجية والعاطفية.

 

ثانيًا: ما حكم مشاهدة المقاطع الإباحية؟

 

حرامٌ بإجماع العلماء، سواء للرجال أو النساء؛ لأنها:

 

* نظَرٌ إلى العورة المحرّمة.

 

* وترويج للفاحشة.

 

* وإضعاف للعلاقة الزوجية.

 

* وسبب لتأجيج الشهوة بطريقة غير مشروعة.

 

ودليل ذلك قول الله تعالى: ﴿قلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ [النور: 30، 31]. وقال ﷺ: "العين تزني وزناها النظر"، فالشرع واضح في تحريم هذا، ولا يُبرر فعله بالتقصير الزوجي أو بأي سبب آخر.

 

ثالثًا: هل يجوز له أن يتزوج بسبب هذا؟

 

من حيث الأصل الفقهي: نعم، للزوج أن يتزوج بامرأة ثانية، ولكن بشرط أن يكون ذلك من باب المباح المشروع، لا من باب الابتزاز والإكراه والضغط النفسي على زوجته، ولا لجعل الحرام حلالاً تحت عباءة الزواج. أما التهديد بالزواج من أجل إباحة الحرام أو الضغط على الزوجة فهو تصرف غير رشيد شرعًا وأخلاقًا. قال الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بالمعْرُوف﴾، والتهديد لا يُعد من المعاشرة بالمعروف، بل يُعد من صور الأذى.

 

رابعًا: ماذا تفعلين معه عمليًّا؟

 

أوصيك بالآتي:

 

1) ابدئي بالحوار الهادئ وليس العتاب، كأن تقولي له: "أنا أحبك وأتمنى أن تبقى لي وحدي، لكن هذه المقاطع تُبعدك عني روحيًّا ونفسيًّا، وتُشوّه صورتك عندي". خاطبي قلبه لا عقله فقط، فقولي: "هل تحب أن يرى أحد بناتك هذه المقاطع يومًا؟".

 

2) أخبريه أن ما يفعله معصية لله قبل أن يكون ظلمًا لك، وذكّريه بأن نظره المحرّم ليس مجرد عادة، بل مخالفة تستوجب التوبة، وأخبريه أن الزوجة الحقيقية لا تُعالج بالتجاهل ولا بالمقارنة مع الحرام.

 

3) أعينيه على التوبة تدريجيًّا: اقترحي عليه حضور دورة أو مشاهدة فيديو عن خطر الإباحية.

 

4) شجّعيه على تطبيقات حجب المواقع، وشاركيه بعض المقاطع الإيمانية التي تعالج الإدمان.

 

5) وفّري له البديل الجميل، كأن تزيّني له البيت والمظهر والمجلس، وتفاجئيه بكلمات جميلة ووقت خاص، وتشاركيه مشاهدة شيء نافع أو خفيف الظل.

 

6) إن استطعتِ وتمكّنتِ، فابحثي له عن جلسة استشارة أسرية أو دينية، فقد يكون بحاجة إلى دعم خارجي مهني في التوجيه.

 

خامسًا: وصايا ختامية لكِ أيتها الزوجة الصابرة

 

1. ثقي أن الله لا يُضيع أجر المحسنين.

 

2. احتسبي ما تقومين به من إصلاح في بيتك فهو من أعظم الجهاد.

 

3. لا تجعلي هذا البلاء يقتل أنوثتك أو ثقتك بنفسك.

 

4. كوني له باب رحمة لا باب فتنة، لكن دون أن تتنازلي عن حقك أو تُمكّنيه من الحرام.

 

5. إن تعذّر الإصلاح، فاستفتي قلبك، واستعيني بأهل العلم والنصح في بيئتك

 

ونسأل الله أن يُصلح زوجك، ويشرح صدره للتوبة، ويجعلكِ سببًا لهدايته، وأن يقرّ عينكِ بعودة دفء المودة والرحمة بينكما، وأن يعوّضك عن صبركِ خيرًا في الدنيا والآخرة، وأن يجمع بينكما على طاعته ومحابه.

الرابط المختصر :