Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. موسى المزيدي
  • القسم : إدارية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 22
  • رقم الاستشارة : 2102
02/07/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما أهمية ممارسة المهارات في حياتنا وتمرين النفس على الإصغاء إلى الآخرين والتمكن من الثقة بالنفس؟

الإجابة 02/07/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحبًا بك أخي الفاضل على موقع استشارات المجتمع، وبعد:

 

فإن ممارسة المهارات في حياتنا وتمرين النفس على الإصغاء للآخرين والتمكن من النفس لها أهمية كبيرة في حياتنا الشخصية والعملية، وهذه الأمور الثلاثة جمعتها معًا في الكبسولة الثالثة من الكبسولات العشر للنجاح.

 

مارس المهارات:

 

أخي الكريم، يُحكى أن رجلاً ألحق الأذى بجاره بتوجيه كلمات بذيئة له، فاستشار أحد الصالحين في ذلك. فطلب الرجل الصالح إليه أن يأتي له بكيس مملوء بالريش الصغير، وطلب إليه أن ينثره في الهواء في يوم عاصف، ثم طلب إليه أن يجمع له الريش مرة أخرى، ويعيده إلى الكيس.

 

عجز الرجل عن ذلك، وأرجع الكيس له فارغًا. فقال الرجل الصالح: هكذا الكلمات، إن نطقت بها لن تستطيع استرجاعها، ويبقى أثرها: إن كان حسنا فحسن، وإن كان سيئا فسيئ، ولا يزيل ضرر الكلام السيئ إلا طلب العفو.

 

ثم قال له: اذهب إلى جارك، واطلب إليه العفو.

 

أخي الكريم، إذا لم تمارس قول الكلمات الطيبة باستمرار، فإنك سوف تقع في الخطأ، وتجرح مشاعر الناس.

 

أخي الفاضل، إذا لم أمارس مهارة الإلقاء شهرًا، فإن جمهور المستمعين سيلاحظون الفرق في أدائي. وإذا لم أمارسها أسبوعًا، فإن زوجتي ستلاحظ الفرق. وإذا لم أمارسها بصفة يومية، فإني سألاحظ الفرق بنفسي.

 

الرياضيون يمارسون مهاراتهم الرياضية سنوات عديدة؛ من أجل ظهور يستغرق ثوان قليلة، أو دقائق معدودة، أمام المشاهدين.

 

الممارسة هو مصطلح نطلقه على كيفية تجنب أخطائنا السابقة، والحكيم هو من يستفيد من أخطائه السابقة فيتجنبها، والأكثر حكمة هو من يستفيد من أخطاء غيره.

 

الحياة قصيرة للاستفادة من أخطائنا فقط.

 

إن عدم الممارسة تجعلك في آخر الركب.

 

أخي الفاضل، يُحكى أن رجلا اشترى حصانا للسباق فاحتفظ به في الإسطبل، ووضع عليه لافتة مكتوبًا فيها: أسرع حصان في العالم. وأهملَ الحصان في الإسطبل من دون أن يمارس مهارة السباق.

 

ثم قرر صاحب الحصان أن يدخل في سباق الخيل، فكان ترتيب حصانه الأخير.

 

فأسرع وغيّر اللافتة إلى: أسرع عالم للحصان!! فالممارسة بصورة مستمرة أمر مهم للمحافظة على المهارة.

 

الرياضيون يمارسون الرياضة 15 سنة؛ من أجل 15 ثانية يظهرون فيها بين يدي المشاهدين.

 

إن ممارسة الإلقاء، تشمل انتقاء الكلمات السهلة البسيطة الإيجابية التي يفهمها الناس؛ فالأحمق ينطق بالكلام قبل أن يفكر فيما يختار من كلمات، والحكيم يختار من الكلمات المفيدة قبل أن ينطق بكلمة واحدة.

 

إذا كان الشاعر يقول في حق اختيار الصديق الحميم:

 

تخير لنفسك من تصطفيه ** ولا تدنين إليك اللئاما

 

فنحن نقول في حق اختيار الكلمات:

 

تخير لنفسك ما تصطفيه من الكلام ** ولا تدنين إليك السقيم من الكلام

 

مرن نفسك على الإصغاء إلى الآخرين:

 

أخي الكريم، كم من الأمور التالية تمارسها في أثناء الحوار مع زملائك وأقربائك؟

 

⁃ أنا أُشجِّع الآخرين على الحوار.

 

⁃ أنا أسأل المتكلم في أثناء الحوار كي أستوضح منه ما يقصده.

 

⁃ أنا لا أُقاطع أحدًا في أثناء الإنصات لكلامه.

 

⁃ أنا لا أُغيِّر موضوع الحوار.

 

⁃ أنا أُبدي اهتمامًا، واحترامًا للمتكلم.

 

⁃ أنا أُركِّز على ما يقوله المتكلم.

 

⁃ أنا أتجنب تأثير أي ضوضاء في الحوار مع من أتكلم.

 

⁃ أنا أتفهم وجهة نظر الطرف الآخر.

 

⁃ أنا منفتح العقل، وكبير القلب مع من أتكلم.

 

⁃ أنا أعلم أن إنصاتي لا يعني موافقتي للمتكلم فيما يقول.

 

⁃ أنا أراقب حركات الجسد الصامتة من ابتسامة، وتعابير في وجه مع من أتكلم.

 

⁃ أنا أُنصت لمشاعر من أتكلم معه، كما أُنصت لكلماته.

 

مكّن نفسك من الثقة بالنفس:

 

أخي الفاضل، يُحكى أن شابًّا كان يركب قاطرة في طريق عودته إلى بلدته، وبينما هو في مقصورته، كان بجانبه رجلان من رجال الأعمال، يدور بينهما حوار ساخن، يقول أحدهما للآخر: لا أكاد أصدق! نحن بحاجة إلى طرموق (طين) جديد وبصفة مستعجلة، ولكن الوكالة طلبت إليَّ أن أدفع لهم 50 ألف دينار، على أن توفره لنا خلال ستة أشهر.

 

التفت الشاب إلى المتحدث، وقال له: أستطيع أن أوفر لك الطرموق بمبلغ 30 ألف دينار، ويصل إليك في الأسبوع القادم. لم يصدق رجل الأعمال ما يسمع بأذنيه، وارتسمت علامات الدهشة على وجهه، وقال: 30 ألف دينار نظير توفير الطرموق، ويصل في الأسبوع القادم! فأجاب الشاب بالإيجاب، وملؤه الثقة بالنفس، فرد عليه رجل الأعمال قائلاً: لك ذلك أيها الشاب.

 

وبعد نصف ساعة من الزمن، وصل الشاب إلى بلدته، ومن منزله رفع سماعة الهاتف، واتصل بجاره متسائلاً: أيها الجار العزيز، هل لك أن تخبرني ما الطرموق؟!

 

أخي السائل، ما الذي جعلني أسرد لكم هذه القصة؟ إن أكبر عائق يقف أمام تقدمنا هو الخوف من الفشل، وما يصاحبه من جهل بنتائجه.

 

عندما تتهيأ لنا فرصة، كثير منا يتساءل: هل أنا الشخص المناسب لها؟ وهل أنا على درجة عالية من الكفاءة والدراية في قبول هذه الفرصة؟ وبينما نحن نعيش في جو من التردد، يقوم غيرنا باستغلال الموقف، وقطف الثمرة، وهو أقل منا خبرة في الانطلاق، والنجاح.

 

إن أعظم درس نتعلمه من هذه الحياة هو أن كل واحد منا يستطيع أن يجد طريقه لتوفير الطرموق (أيًّا كان هذا الطرموق)، ووسيلة لتوصيله إلى الجهة المطلوبة، وأنه مع الخبرة يستطيع أن يتغلب على مجاهل الفرص الجديدة.

 

من أجل ذلك كله، عليك أن تقف مرفوع الجبين، ومشرئب العنق، وأن توفر الطرموق (سواء أكان منتجًا أم خدمة أم فكرة)، وتقوم بإيصاله – من دون تردد - إلى جهته المطلوبة. ولا تنس أن تأخذ بالأسباب التي تحميك من المخاطر.

 

من صفات الشخص الواثق من نفسه، اعتداده بنفسه: والاعتداد بالنفس هو المشاعر الإيجابية التي تغمرك، والنظرات الإيجابية التي تنتابك، وتحكم من خلالها على نفسك أنك واثق من نفسك، وهو ما يعرف بالإنكليزية بمصطلح Positive self-esteem.

 

أخي، إن أسرع طريقة إلى زرع الثقة في نفسك هي أن تؤدي خدمة للآخرين من دون أن تنتظر منهم جزاءً ولا شكورًا؛ أي أن تؤدي خدمة مجانية من دون مقابل.

 

إن الأعمال التطوعية في لجان الخير، كلها تؤدي إلى زراعة سريعة للثقة في النفوس.

 

يقول أحد الدارسين من الشباب في الولايات المتحدة الأمريكية: ما زلت أتذكر في أثناء دراستنا في أمريكا عام 1973، حينما كنا نخرج صباحًا في يوم السبت، لزيارة بعض السجناء في سجن بندلتون Pendelton بولاية إنديانا الأمريكية؛ لتعريفهم بالدين الإسلامي، وكذلك في عام 1977 في سجن روكفيو Rockview بولاية بنسلفانيا الأمريكية، وكذلك في عام 1986 في سجن سبرنج فيلد Springfield بولاية ميزوري، لا نبتغي من وراء ذلك إلا الأجر من الله.

 

كم كان لذلك أثر كبير في زراعة الثقة في نفس ذلك الشاب؛ حينما قدَّم مساعدة إلى أولئك السجناء في معرفة طريق الحق.

 

What you put in the system, you always get back. And most times more than you can even put in.

 

هناك صنفان من الناس: الآخذ، والمعطي: فالآخذ هو الذي يشعر بالسعادة عندما يأكل، ويملأ بطنه بالطعام، والمعطي هو الذي يشعر بالسعادة عندما ينام، وهو قرير العين. هذا لا يعني أنك تُعطي دائمًا، ولا تأخذ؛ إنما يعني أنه عندما تأخذ، لا تنس أن تُعطي، فالعطاء طريقك إلى زراعة الثقة بالنفس.

 

الثقة بالنفس مرتبطة بالانتقاد؛ كلما زادت ثقتك بنفسك، زاد انتقاد الناس لك.

 

المنتقدون يعرفون أسعار كل البضائع، ويجهلون قيمتها.

 

تهتز ثقة الإنسان بنفسه عند الخوف، والخوف مرافق لك في 5 أمور، جمعتها لك في 5 أحرف لكلمة (مرافق):

 

م: الخوف من المجهول (مجهول).

 

ر: الخوف من رفض الآخرين لما تعمل، أو تقول، أو تعتقد (رفض).

 

ا: الخوف من التردد في اتخاذ القرار الخاطئ (اتخاذ قرار خاطئ).

 

ف: الخوف من الفشل (فشل).

 

ق: الخوف من قلة الاستعداد لما تكلف به من عمل (قلة الاستعداد).

 

فاحذر من هذه الأمور الخمسة؛ حتى تحتفظ بثقتك بنفسك، ولا يكون الخوف مرافقًا لك.

 

أخي الفاضل، عندما تعتد بنفسك فإنك تزرع الثقة فيها. وهذا يعني أن قدرتك على الأداء المتميز تزداد، وقدرتك على اتخاذ القرارات تزداد، وقدرتك على المخاطرة المدروسة تزداد، والفرص تتاح أمام عينيك، والتحديات تصير كثيرة. وتقوم بتوجيه النصح، وتستقبل الانتقادات بحكمة وبسهولة.

 

الاعتداد بالنفس هو شعور داخلي تشعر به تجاه نفسك؛ من فخر واعتزاز، وهو يؤدي إلى الثقة بالنفس. والثقة بالنفس أداء يراه الناس فيك من خلال تصرفاتك، وسلوكياتك.

 

الثقة بالنفس تؤدي إلى التلقائية في التعامل مع الناس من دون تكلف.

 

You need self-image, self-confidence and self-esteem to overcome shocks.

الرابط المختصر :