كيف أتعامل مع أصحاب المناصب العليا عند دعوتي؟

أخي الحبيب، حفظك الله ونفع بك، نشكر لك هذا الحرص على أداء واجب الدعوة بحكمة ورويّة، ونسأل الله أن يوفقك وييسر أمرك.

واعلم بأن التعامل مع أصحاب المناصب يحتاج إلى مزيج من الحكمة والحلم والثبات على المبادئ. وقد ضرب لنا القرآن والسنة أمثلة رائعة في ذلك، مثل قصة نبي الله موسى مع فرعون، حيث أمره الله تعالى أن يقول له قولاً لينًا: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44]. اللين هنا ليس ضعفًا، بل هو قوة وحكمة لتوصيل الحق.

ومن هنا أنصحك بالآتي:

1) احترام المنصب لا الشخصية إن أخطأت: عامل الشخص باحترام مناسب لمنصبه، فهذا من حق الذمة العامة، ومن أدب الدعوة. ولكن لا يمنعك ذلك من نصحه في الخطأ بلطف وحكمة.

2) الثقة بالله ثم بالنفس: كن واثقًا فيما تحمله من رسالة الحق، فأنت تحمل أعلى مرتبة وهي دعوة إلى الله. قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8]. هذه الثقة تنعكس على هيئتك وكلامك.

3) اختر الوقت والمكان المناسبين: لا تنصحه في جمع من الناس أو أمام مرؤوسيه، بل اطلب لقاء خاصًّا أو اختر كلماتك بعناية في سياق الحديث العام.

4) اطلب الحكمة: ادع الله أن يمنحك الحكمة، كما قال تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269]. والحكمة هي وضع الشيء في موضعه.

5) ابحث عن نقاط الاتفاق: ابدأ معه بالحديث عن مجالات الخير والتعاون المشترك، وبيّن له كيف يمكن لتعاونكما أن يخدم المجتمع والدين، فذلك يفتح القلوب.

وختاما أقول ولكل داعية:

لا تيأس من تكرار المحاولة بالحكمة، وتذكر أن مهمتك هي البلاغ، والهداية بيد الله. احرص على أن تكون قدوة في أخلاقك وسمتك، فالداعية بسلوكه يؤثر أكثر مما يؤثر بلسانه، وأسأل الله تعالى أن يرزقك الحكمة والقول السديد، وسل الله لنفسك قائلا: اللهم اجعلني سببًا لهداية من حولي، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين.

روابط ذات صلة:

كيف نتعامل مع طبقة الوجهاء وأصحاب الأموال دعويًّا؟