الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الحياة الزوجية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
113 - رقم الاستشارة : 2077
29/06/2025
أنا رجل شديد العصبية سريع الغضب.. عندما يحدث أمر يضايقني أو يستفزني لا أستطيع التحكم في نفسي وأشعر بعد كل نوبة غضب بكثير من الندم وعلى الرغم من ذلك تتكرر هذه النوبات، وفي آخر مرة كسرت شاشة التلفاز وضربت زوجتي بعنف، حتى أولادي لا يسلمون مني.
والآن زوجتي غاضبة في بيت أسرتها وما يمنعني من الذهاب إليها أنني غير قادر على وعدها بشكل قاطع ألا أعود لنوبات الجنون هذه، والمشكلة أن هذا الغضب تكون أسبابه صغيرة لا تستحق ويتصاعد معي دون مقدمات.. فهل من حل؟
أخي الكريم، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك الاستشارات الالكترونية، وأرجو أن تجد في كلماتنا إليك ما يساعدك على تجاوز هذه المحنة النفسية التي تعاني منها.
أخي الكريم، ما تعاني منه هو محنة حقيقية؛ لأنه يدمر سلامك الداخلي ويحطم حياتك، وعلى الرغم من ذلك تشعر بشيء يشبه العجز يمنعك من الإصلاح وكأنك فقدت مكابح السيطرة، ليس على غضبك فحسب وإنما على حياتك أيضًا، ولكن وعلى الرغم من ذلك فإن إدراكك لمدى خطورة هذه الأزمة وتفكيرك في البحث عن حل حقيقي وليس مجرد اعتذار يحل مشكلتك مع زوجتك مؤقتًا هو أمر طيب ونقطة مضيئة نحييك عليها، ويجب أن تشعرك بالسعادة لأنها نقطة البداية والارتكاز، وما لم يكن لديك هذا الشعور وهذه الرغبة فإنه لا يمكن حل المشكلة أبدًا.
خطورة الغضب
للغضب أنواع كثيرة أشدها خطورة ما تصفه، فهو يبدو لونًا من الغضب المنفجر الذي يصاحبه سلوك عدواني؛ لذلك عليك أن تفهم عنه أكثر وتدرك الإنذارات التي تشير إلى أن هناك نوبة غضب قادمة في الطريق، ومن هذه الإنذارات أنك ستشعر ببدء تسارع التنفس وارتفاع درجة الحرارة، ستشعر أن عضلات فكك مشدودة.. هذه الأمور إذا شعرت بها فعليك أن تبادر لتهدئة نوبة الغضب القادمة في الطريق.
التهدئة بالكلام
للكلمات أثر مدهش في تهدئة الغضب عندما يستشعرها الإنسان من قلبه وهو ينطقها، وأهم كلمة تستطيع قولها لنفسك بمجرد شعورك بنذر الغضب أن تستعيذ بالله وتقول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، يقول أحد الصحابة كنت جالسًا مع النبي ﷺ ورجلان يستبّان، وأحدهما قد احمر وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال رسول الله ﷺ: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجد"، فأنت هنا تتصور هذا الغضب كأن شيطانًا يجثم على عقلك وروحك وتطلب الغوث من الله أن يعيذك منه.
التهدئة بالحركة
من الأمور التي تساعدك على نزع شرارات الغضب قبل أن تتحول لحريق أن تتحرك بطريقة تشتت انتباهك عن الغضب وتتخذ أوضاعًا جسدية تساعد على التهدئة (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع)، فإذا كنت واقفًا فجرب أن تجلس، فإذا كنت ما زلت تشعر بالغضب فحاول التمدد.. ومن الأمور المجربة الخروج والمشي قليلاً فهو يساعد كثيرًا على التهدئة.
التهدئة بالوضوء
ومن أهم الآليات التي تساعدك على تهدئة انفعال الغضب الوضوء، وكما قال النبي ﷺ: (إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ).. الحركة التي ستقوم بها للذهاب للوضوء.. تسمية الله في أوله.. توالي حركات الوضوء.. ملمس الماء على البشرة.. كل هذه الأمور تنزع التوتر وتمنع مشاعر الغضب من الوصول للمرحلة التي تشبه الجنون.
قبل الجنون
تجاوز هذه الإنذارات -يا أخي الكريم- يقف بك على حافة الجنون حيث تنغلق مراكز التفكير المنطقي والعقلاني، فهناك منطقة في الدماغ اسمها اللوزة الدماغية هي مركز الاستجابة العاطفية تتولى القيادة وقت الغضب الشديد بينما قشرة الفص الجبهي المسئولة عن اتخاذ القرار والتفكير العقلاني يتم تقليل نشاطها، وتحدث تغيرات فسيولوجية أخرى في الجسد أبرزها إفراز هرمونات التوتر بغزارة وتفعيل وضع يشبه وضع القتال والهجوم الحقيقي أو الهروب من عدو حقيقي فيزداد التهيج والقلب وتتسارع دقات القلب ويحمر الوجه وقد يرتجف الجسد كله.. كل هذه الأمور تحدث بشكل انفجاري إذا لم تستطع التنبه لمراحل الإنذار الأولى لاحتوائها.
تدريبات نفسية
* قم بعمل تمرين التنفس العميق مرتين يوميًّا.. خذ شهيقًا لمدة 4 ثوان أو 4 عدات ثم احبسه في صدرك مثلها ثم أخرج زفيرًا بطيئًا في 6 عدات أو ثماني عدات وكرر التمرين 4 مرات، وردد داخل نفسك أنك ستمتثل لقول النبي ﷺ: "لا تغضب"، وأنك سيكون فيك صفتا الحلم والأناة التي يحبهما الله تعالى.
* راجع المواقف التي حدث فيها الغضب وتذكرها جيدًا وحاول أن تمارس التنفس العميق بعد ذلك، وراقب مشاعرك ثم تخيل نفس المواقف مرة ثانية مع تخيل سلوك لآخر منك يتسم بالحلم والأناة.
* تخيل موقفًا يغضبك ثم تخيل أن تلتزم الصمت وتعد بشكل عكسي من 10 إلى 1 أو أنك تستغفر 10 مرات أو حتى أن تخرج وتذهب للوضوء قبل أن تكمل الحوار.
* ردد بصوت مرتفع: القوي من يملك نفسه وقت الغضب وأنا رجل قوي.. وعندما توضع في موقف وتستشعر أنك بدأت بالغضب كرر هذه الجملة بصوت هامس.
* جرب أن تكتب في دفتر وتسميه دفتر إدارة الغضب.. اكتب عن مشاعرك وعن خطورة الغضب في حياتك وخطواتك لمراقبة انفعالاتك والنتائج التي تلمسها.
وأخيرًا، عليك أن تذهب لزوجتك وتعتذر منها وتطلعها على جهودك في السيطرة على نوبات الغضب، واطلب دعمها حتى لو اضطررت لطلب الدعم النفسي المتخصص؛ فالأمر جد خطير ولا يمكنك التهاون به.. اسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقك السكينة وراحة البال، واسأله سبحانه وتعالى العون دائمًا، وتابعنا بأخبارك.